حذّر تقرير عالمي نشرته دورية “لانسيت” الطبية الشهر الماضي، وشارك في إعداده فؤاد فؤاد، أستاذ العلوم الصحية في الجامعة الأمريكية في بيروت، من أن أزمة اللاجئين السوريين قد تتحوّل إلى كارثة إقليمية، بعد تدمير معظم مراكز الخدمات الصحية في سوريا، في وقت ذكر مركز دراسات سوري أن الصراع الجاري منذ أكثر من 28 شهراً أدى إلى دخول ملايين السوريين دائرة الفقر فيما تراجع مؤشر التنمية البشرية في البلاد 35 عاماً إلى الوراء .
وأشار التقرير إلى أن كل الخدمات العامة في لبنان تتعرّض لضغوط شديدة . فعلى سبيل المثال، تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أنه بحلول نهاية عام ،2013 سيصل عدد الطلاب السوريين في المدارس الرسمية في لبنان إلى 450 ألفاً في مقابل 350 ألف طالب لبناني فقط، وتتراجع الأجور والاستثمارات الأجنبية، وتعجز مرافق الاستشفاء والعلاج الصحي في المدن والإمدادات المائية عن تلبية الاحتياجات . ولاحظ التقرير تفشياً كبيراً في الأمراض السارية كالحصبة والتيفوئيد والليشمانيا والإسهال الحاد والتهاب الكبد، هذا فضلاً عن المخاطر الشديدة بتفشي الأوبئة في الأشهر المقبلة .
وفي الإطار عينه، حذّر موجز للسياسات صادر عن “معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية” من التداعيات الاقتصادية السلبية التي يمكن أن تترتّب على لبنان جراء الإدارة السيئة لأزمة اللاجئين السوريين . ويستند الموجز إلى عمل ميداني في قرية ببنين قضاء عكار في شمال البلاد، وإلى استطلاع رأي شمل عيّنة تمثيلية من 900 شخص . وورد في الدراسة أن نحو 570 ألف لاجئ سوري كانوا قد تسجّلوا رسمياً أو ينتظرون تسجيلهم لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بحلول نهاية يونيو/ حزيران ،2013 مع العلم بأن تقديرات الحكومة اللبنانية التي تشمل العمّال المهاجرين تشير إلى وجود أكثر من مليون سوري في لبنان . وحسب استطلاع أجراه معهد Fafo ، اعتبر معظم اللبنانيين أن السوريين يستولون على وظائفهم ويتسبّبون بتراجع الأجور . وحذّرت الدراسة من أن “اللاجئين السوريين يجمعون في مصدر رزقهم بين المساعدات ومدخول العمل، في حين أن هذه الفرصة ليست متاحة أمام معظم اللبنانيين الفقراء، ما يؤدّي إلى تهميش الشعب المضيف” . وخلصت الدراسة إلى أن أوجه التفاوت الاقتصادي الناجمة عن عدم المساواة في الفرص المعيشية، تولّد استياء لدى اللبنانيين من اللاجئين السوريين ومواقف متناقضة تجاههم، مشيرةً إلى أن “الإقصاء الاقتصادي وفقدان الأمل بالمستقبل يمكن أن يؤدّيا إلى زيادة تجنيد الشباب في المجموعات القتالية، بما يقود إلى ارتفاع احتمالات الحرب في لبنان” .
إلى ذلك، كشف “المركز السوري لبحوث السياسات” في تقريره عن الربع الأول من العام الحالي إن التراجع تركز بشكل رئيسي على ثلاثة قطاعات هي الدخل والتعليم والصحة . وأوضح التقرير أن أكثر من نصف سكان سوريا أصبحوا فقراء وأن 7 .6 مليون مواطن سوري أصبحوا تحت خط الفقر بسبب الأزمة وأن 6 .3 مليون سوري دخلوا دائرة الفقر المدقع