"لسنا على ما يرام في الخطوط الخلفية". بهذه الجملة برر يواكيم لوف، مدرب منتخب ألمانيا لكرة القدم، سبب التعادل الودي أمام الباراغواي. بطبيعة الحال، لم يكتشف "يوغي" "البارود"، إذ إن نتيجة المباراة والتي إنتهت 3-3 تكشف سبب التعادل حتى لمن لم يتابعها. وأكثر، يكفي تعداد كم الأهداف التي تلقتها الشباك الألمانية إن في تصفيات كأس العالم 2014 أو في المباريات الدولية الودية منذ كأس أوروبا في الصيف الماضي للتأكد من هذا الأمر. تخيلوا أن "المانشافت" تلقى في شباكه 17 هدفاً في 10 مباريات ما نسبته 1,7 هدف في المباراة الواحدة! رقم مخيف طبعاً لمنتخب يعد من الأفضل حالياً في العالم ويضم جيلاً ذهبياً من المواهب الذين لم يجتمعوا في تشكيلة ألمانية واحدة منذ ما يقارب 23 عاماً وتحديداً جيل مونديال 1990 الذي ضم وقتذاك أسماء كلوثار ماتيوس ويورغن كلينسمان وتوماس هاسلر وبيار ليتبارسكي وغيرهم الكثير.
بالتأكيد، لا يعيش الألمان أفضل أوقاتهم حالياً وهم يرون منتخبهم الذي يتجهز لمونديال البرازيل يتلقى في معقله 3 أهداف من الأوروغواي أتت مباشرة بعد رباعية من الولايات المتحدة وثنائية من الإكوادور وقبلها الرباعية الشهيرة أمام السويد والثلاثية أمام الأرجنتين. مباريات فضحت هشاشة الدفاع الألماني وعدم تواجد كيميائية بين شاغليه وتحديداً لدى قلبَي الدفاع.
ولا يبدو خافياً هنا أن نقاطاً ثلاث تقف وراء هذا الضعف الواضح: أولاها هي المهمات الهجومية الزائدة للظهيرين الأيمن فيليب لام والأيسر مارسيل شميلزر والتي تطغى على واجباتهما الدفاعية ما يؤثر أيضاً على غياب تغطيتهما لقلبَي الدفاع في حال تقدم أحدهما وتحديداً ماتس هاميلس المعروف عنه تحبيذه القيام بدور الليبرو والمشاركة في الهجمات على غرار "القيصر" فرانتس بكنباور.
ثاني المشاكل التي يعانيها الدفاع الألماني تكمن في التبديل الكثير الذي شهده شاغلو هذا الخط، إذ باستثناء القائد لام فإن أكثر من لاعب تناوب على المراكز الثلاثة الأخرى إن للتجربة أو بسبب إصابة أحد الأساسيين، وهذا ما أدى إلى عدم ثبات وغياب للكيميائية على أرض الملعب.
ثالث المشاكل يكمن في بير ميرتساكر، إذ يبدو واضحاً وضوح الشمس أن من غير المنطقي أن يشغل هذا اللاعب مركز قلب الدفاع في "المانشافت" نظراً لبطئه الشديد وهو ما يعاكس سرعة المنتخب الألماني حالياً، وهذا ما يوقعه في أخطاء كثيرة. أما "المصيبة" الكبرى هي أن يتواجد مدافع أرسنال الإنكليزي إلى جانب لاعب بحجم هاميلس حيث بدا واضحاً في المباراة الأخيرة الفرق الكبير بينهما حيث قام مدافع دورتموند، رغم أنه لم يخض أفضل مبارياته مع ألمانيا، بتدخلات غاية في الدقة في الشوط الثاني تحديداً وهذا ما عاكسه فيه ميرتساكر كلياً ليتدارك لوف الموقف ويستبدل الأخير بجيروم بواتنغ.
في حقيقة الأمر، فإن لوف يتحمل المسؤولية في هذا الخلل الكبير في المنتخب الألماني، إذ إنه لم يبادر إلى إيجاد الحلول لهذا الضعف الدفاعي الذي وإن كبر أكثر في الآونة الأخيرة إلا انه ليس بجديد بل هو مرافق للمانشافت منذ ما قبل إستلام هذا المدرب مهمته حيث ظل عدم الثبات سمته، بل كان تركيز "يوغي" منصباً أكثر على إكتشاف المواهب الهجومية التي أصبحت متكدسة في خط الوسط.
بالطبع لن يصدق كثيرون أن ألمانيا "مدرسة كرة القدم" والتي أنجبت مدافعين كبار على مر التاريخ كفرانتس بكنباور وبيرتي فوغتس وماتياس سامر ويورغن كولر وتوماس هيلمر وغيرهم الكثير، غير قادرة على إيجاد مدافع ذو مؤهلات كبيرة لكي يكون زميلاً لهاميلس، غير أن تغير الأولويات منذ الخروج المدوّي أمام كرواتيا في ربع نهائي مونديال 1998 وإعطاء الأولوية أكثر للاعبين المهاريين يبدو أنه طغى على الإهتمام بإعداد مدافعين كفوئين، علماً أن تركيبة اللاعب الألماني التي تعتمد على القوة البدنية تساعد لظهور أجيال من المدافعين البارزين.
الأمور تبدو الآن بيدَي لوف وحده لكي يسارع إلى إيجاد الدواء المناسب لدفاع منتخبه علماً أن إعطاء الفرصة لبنيديكت هوفيديس أو تثبيت جيروم بواتنغ مكان ميرتساكر يبدو الحل الأقرب منطقياً نظراً لعدم وجود متسع من الوقت لحين إنطلاق المونديال، وإلا ستكون النتائج وخيمة على الحلم الالماني بالتتويج باللقب العالمي، فخطوط هجوم منتخبات كالبرازيل والأرجنتين وإيطاليا وإسبانيا يبدو الخطأ أمامها، لا شك، مكلفاً جداً.