ارسل لى بعض الأصدقاء تصريحات قديمة للسفيرة الامريكية السابقة فى مصر آن باتسورن او باتريسون لا أدرى ..وقد طلب بعضهم عن أملاك اليهود وأطماعهم فى مصر …
والحقيقة أننى أكتشف كل يوم أن هامش معرفة أغلب الأصدقاء بمصر ضيق جدا .. فالبعض يراها فى حجم دولة البحرين ، وهناك من يراها كجمهوريات الموز ..
فهناك ثوابت لا يستطيع أى حاكم لمصر مهما بالغ فى خنق الحريات أن يتجاهلها أو يتعداها …يأتى على رأسها العلاقة مع سوريا …
ودعونا نتفق بداية أن العلاقة بين مصر وسوريا تعلو على كل البروتوكولات .. فلا سفارات وتمثيل ديبلوماسى تقويها ، ولا غيابها يضعفها ..والأدلة على ذلك كثيرا …أهمها :
أولا : التململ الواضح داخل الجيش المصرى عندما تبين أن مرسى ماض فى خططه لإرسال الجيش المصرى لمحاربة الجيش السورى بالتنسيق مع الجار اللدود لسوريا وهو الأردن …وأزعم ان خطوات مرسى المتلاحقة لتصعيد العداء مع سوريا هو الذى عجل بالإطاحة بمرسى .
ثانيا : غير مسموح لحاكم او مسؤول مصرى بمعاداة سوريا ..فقد تقتضى الظروف عدم الجهر بأشكال وصور التعاون والتى أجزم أنها لم تنقطع يوما ، ولكن هذا لا يعنى أن العلاقات مقطوعة ..فهذا مالا يملكه أحد .
ثالثا : ان المؤسسة العسكرية المصرية شديدة الوطنية وتحافظ على منطلقاتها القومية .. فلم تغير كامب ديفيد ولا مناورات النظام السياسى من ثوابتها .. فسوريا فى صميم إهتمامات المؤسسة العسكرية المصرية وهى مؤسسة هادئة وحكيمة ورصينة ولا تميل للضجيج بل تعمل فى صمت .
رابعا : أن مصر وسوريا تواجهان نفس العدو ( تركيا وتنظيمات الإرهاب ) وان الحبل السرى يربط الأخطار التى يتعرض لها البلدين .. ودعونى أجزم بأن التعامل العسكرى والاستخباراتى والأمنى بين مصر وسوريا فى أعلى درجاته ، وارجو الا يقفز لى متحذلق ويقول لى هات دليلك ..فتلك امور تدخل فى صلب السياسات العليا للبلدين
خامسا : لا يحظى السوريون فى اى بلد عربى بأفضلية التعامل التى يحظون بها فى مصر ..فمصر لم تنصب خيمة لسورى ولم تنتقص حقوقهم المتساوية مع المصريين ، ولعلكم تتذكرون غضب الشعب المصرى كله عندما خرجت بعض الأصوات النشاذ مطالبة بإخراج السوريين من مصر وكيف لقن المصريون ، كل المصريين ، أصحاب تلك الدعوات درسا لن ينسوه .
سادسا : الهموم الإقتصادية والمعيشية لسوريا ومصر واحدة وقد فرضت على مصر نمطا من العلاقات على وزن مارماك على المر إلا الأمر منه .
سابعا : يعلم القاصى والدانى فى منطقتنا والعالم ان تحالف مصر وسوريا سيؤدى حتما إلى إعادة صياغة منطقتنا من جديد ، وهذا مفزع جدا ، لهذا تكثر محاولات الوقيعة بين الشعبين والقيادتين ..ويلعب الاعلام الصهيونى والإخوانى دورا كبير فى تذكية الخلافات والصراعات اليومية المفتعلة
هذا عن سوريا …
أما عن المشروع الصهيونى فيجب العلم ان مصر تتعايش مع العلاقة الناتجة من كامب ديفيد مع الكيان الصهيونى كما يتعايش المريض مع مقتضيات مرضه ، ولكن مخطئ من يعتقد ان السلام مع إسرائيل نهج إستراتيجى ، فالمؤسسة العسكرية المصرية لا ترتكن إلى إعتبارات الموائمة السياسية ومقتضياتها ..فالجيش المصرى وأقولها بثقة من أقوى جيوش المنطقة ولا ابالغ إن قلت ان مصر تتفوق على تركيا بمراحل وعلى ايران أيضا ..ولا اقول ذلك من باب التباهى وإنما لأرد على أولئك الذين يحلو لهم الحديث عن مصر بإعتبارها رخوة وضعيفة ومسلوبة الإرادة .. ولعلكم لا تعلمون ان مصر قد تدخلت بالفعل عسكريا فى ليبيا وان طائرات الرافال المصرية قد دكت القوات المدعومة تركيا والتى كانت تزحف بإتجاه سرت واوقفت تقدمها ، وان القطع البحرية المصرية موجودة بالفعل على شواطئ بنغازى وبرقة ..حتى ان مولود جاويش اوغلو وزير خارجية تركيا قد تحدث عن مصر منذ يومين بلهجة تصالحية غير مألوفة لدى الأتراك ..الإدارة الحالية فى مصر لا تحب الضجيج وتعمل فى صمت على كافة الأصعدة
هذه رؤياى لنصف الكوب المملوء …