وقد أدى حادث نقله من الكلية إلى ديوان الوزارة ، ثم إحالته الى التقاعد ، إلى نفور طه حسين من حزب الأحرار الدستوريين ، وسعيه لتأييد حزب الوفد . إذ وجده الحزب الشعبى الذى يستطيع أن يسانده فى أزماته ، ومع هذا التحول ، بدأت أفكاره الليبرالية تتراجع ، واخذ يتبنى مواقف شعبية ، فنشر كتاب على هامش السيرة مسلسلا فى مجلة صديقه القديم أحمد حسن الزيات ( الرسالة ) . ولكن لما لجأ إليه كى يدفع له ١٥٠ جنيه على حساب ما يكتبه فيها ، واعتذر له الزيات بضيق ذات اليد ، تركه ، وترك الرسالة إلى مجلة أحمد أمين (الثقافة )
وفى عام ١٩٣٨ نشر طه حسين كتاب ( مستقبل الثقافة فى مصر ) والذى يعد من أهم ما كتب طه حسين .
وفى ديسمبر ١٩٣٤ عاد طه حسين الى كلية الاداب ولما خلا كرسى العمادة فى ١٩٣٨ ، انتخب عميدا للمرة الثالثة ، ثم اعيد انتخابه مرة رابعة فى مايو ١٩٣٩ ، ولكن وزارة محمد محمود رفضت تجديد انتخابه فبقى استاذا بالكلية .
وفى اكتوبر ١٩٤٢ أسس طه حسين جامعة الاسكندرية ، ولما اقصيت وزارة الوفد من الحكم ، احيل طه حسين الى التقاعد فى اكتوبر ١٩٤٤ .
….. ….. ……
كانت السنوات من.١٩٤٥ حتى ١٩٥٠ من أقسى السنوات على طه حسين ، فلم تكن له وظيفة ، وكانت الحكومة وخصوصا عدوه اللدود عبدالرزاق السنهورى يتعقبانه . وكان طه حسين قد تحول إلى الرديكالية واليسار ، واخذ يتحدث عن الظلم الاجتماعى فى مصر ، فنشر ( المعذبون فى الأرض ) .
وفى سنوات محنة طه حسين عرضت عليه بعض الجامعات الفرنسية والاسبانية الانتقال اليها . ولكنه لم يشأ ان يترك مصر .
وفجأة اتفق طه حسين مع الأخوة هرارى ، على أن يصبح رئيسا لتحرير مجلتهم ( الكاتب المصرى ) ، والاخوة هرارى الأربعة : مارك وريمون وإدجار وارنست ، كانوا من يهود مصر ويعملون بنشاط ونجاح كبيرين فى تجارة الورق ..
وقد لاقت مجلة الكاتب المصرى عند ظهورها عام ١٩٤٥ نجاحا قويا ، ونشرت الدار مترجمات للروس تولستوى ، ودوستوفسكى ، وتورجنيف ، وللفرنسيين اندرية جيد ، وسارتر وكامى ، وللانجليز ويلز ، واوسكار وايلد .
وقد اختفت مجلة الكاتب المصرى فجأة سنة ١٩٤٨ ، ولا يزال سبب ظهورها وإختفائها غامضا .
ويرى البعض ان طه حسين كان من أكثر الادباء المصريين تسامحا مع اليهود وعطفا عليهم ، وانه قد لزم الصمت دائما عن الحركة الصهيونية . فعند إنشاء الجامعة العبرية ، زارها طه حسين وألقى فيها محاضرة . وعند سفره بحرا من الاسكندرية الى بيروت فى ١٩٤٦ ، توقفت سفينته فى ميناء حيفا ، وتعاطف مع اليهود المهاجرين لفلسطين . لكنه كتب أيضا فى مجلته ( الكاتب المصرى ) يقول : ( ولكن اهل فلسطين لم يستشاروا فى إيواء هؤلاء البائسين ، وفى الارض اوطان كثيرة قادرة على إيوائهم من فلسطين ) وإجمالا يمكن القول ان طه حسين لم يتورط بأى خروج على مصلحة العرب