حسين الذكر
صديقي حسن ، فلسطيني الأصل ، هُجر من ارض اجداده في عكا مع اهله عام 1967 .. عرفته منذ اربع عقود تقريبا … لم نسال كلانا الاخر عن أي مذهب ينتمي .. مع اننا نحمل اسمين متشابهين متداخلين ( حسن وحسين ) ينتميان الى جذر وقضية واحدة .. عرفته انسانا بسيطا يميل الى الادب كوسيلة للتعبير والتعاطي .. عشق محمود درويش ونزار القباني كما ذبت انا بسقراط وفولتير .. كلانا ننتقد ما يجري في الوطن العربي قبل 2003 وما زلنا ننتقد بحسرة ما يجري بعد 2003 .. ظل حسن … بلا عمل وبلا معيل مذ عرفته .. فهو معتل كما انه رسام وشاعر مثقف في زمن اغلب المؤسسات تمقت وتحارب المثقف سيما الحقيقي منه ..
بعد 2003 ولأسباب امنية وما رافقها من تداعيات وانعكاسات تنقل حسن بأكثر من مكان كان كانه متشرد عاش بغرفة وحيدا بعد موت والداه وتشتت اسرته ، كما ظل اعزبا طوال حياته .. اتصل بي عبر الموبايل ، بصوت خافت كان يعاني المرض والعوز فسالته .. فقال على عجالة : ( ساعمل عملية واحتاج موبايل .. لقد عطل موبايلي البائس ) ..
في طريقي عائدا من شارع المتنبي وكرنفاليته يوم الجمعة بمعية صديقي د . كاظم الربيعي .. طلبت منه التوقف لاشتري موبايل .. ( فاستغرب ) ! ، فحكيت له عن صديقي حسن .. فوضع موبايله الشخصي قائلا : ( خذه له ساشتري غيره ) !!
كتبت فيما كتبت عن ظروف احد الاخوة وسوء حاله والعوز الذي هو فيه وما اكثر سوء أحوال أكثرية الشعب العربي ونحن جزء منهم واغلب سوء الحال المتخندق فيهم منذ قرون .. وقد اتصل بي صديق عربي يقول : ( ان دكتورة فلسطينية .. بكت لما قرأت ما كتبته عن حال احد المواطنين .. وطالبت المساهمة بتقديم المساعدة .. فيما طبيبة عكاوية أخرى ( أرسلت مساعدة لصاحب صورة حزينة التقطتها له لغرض توجيه النقد العام ) .. فقلت له : ( ان دموعنا غالية فلسطينية كانت ام عراقية ام سورية ام مغربية ام خليجية … فالضمير والاحساس والمصير واحد وان كره الاخرون ) ..
بعد اعلان التطبيع .. اتصل بي احدهم مستغربا صمتي عبر شبكات التواصل : ( يا أستاذ احقا .. لم تكتب عن التطبيع شيء ) !؟ .. مع ان سؤاله كان بمثابة صفعة لثقافة ووعي وضمير الكاتب العربي ، الا اني تنفست عميقا ثم حوقلت واسترجعت وشهقت .. فقلت : ( يا اخي ان التطبيع قرار سياسي .. له لغته وناسه وظروفه التي صنعته وهي بعيدة عن قرار الشعوب .. وما يتخذ بالسياسية يتغير بالسياسة .. كما انه ليس بالضرورة تعبير عن قرار المواطن .. كما ان القدس قضية وجدانية مكنونة في ضمير الامة الى الابد لا يمكن ان يستله منها احد .. ولا توجد صلاحية لسلطة او كائن ما لاتخاذ قرار بيعه او اعطائه او سلبه من ضمي