المنتج الشعري والادبي عموما على مواقع الاتصال يتميز بالتشابه والاستنساخ
أجرت اللقاء : منيرة أحمد
مديرة موقع نفحات القلم
هي الخضراء استقبلتها لسنوات بأهلها في القلب وجغرافية سورية . واحتضنت شوقي لها في ساحلها وجبلها .. حين على القناة السابعة وبرنامج لكل الناس استقبلوني لحديث لا يبتجاوز الدقيقتين , لم اشعر إلا بعد مضي ربع ساعة من حديث على الهواء مباشرة ودون أن يخبروني بتجاوزي للوقت المخصص , لأني كنت أتحدث بحب وعفوية وأنقل انطباعي .
هي التي وجدت فيها الحب لسورية .. وترعت من جمالها جغرافيا وسكانا .. منها نلتقي بشاعر مائز, له كما يقال في الشعروالأدب عموما صولات وجولات وحضوره حرفا ومعنى لا يخفى على متابع وقارئ يجيد القراءة شعرا ومشاعرا .. ضيف النفحات الشاعر منير الوسلاتي:
هوكاتب وشاعر من مواليد 1972 بمنطقة بوعرادة بشمال الجمهورية التونسية أشغل خطة كاهية مدير المؤسسات الثقافية بوزارة الثقافة التونسية شاركت في عيد المهرجانات والملتقيات الأدبية والثقافية بتونس وخارجها أمارس الكتابة الادبية منذ أول التسعينات من القرن الماضي حيث اصدرت 06 مجاميع شعرية ورواية.
ما الشعر عند ضيفنا يجيب :
* الشعر عندي بدأ كرئة ثالثة للتنفيس من ضغوط الواقع وهو فسحة للتعبير عن خوالج الذات في كل أحوالها ثم تطور الشغف بالكتابة ليصير امرا جديا، عميقا عمق الحياة،أن هذا الادمان على الكتابة هو ممارسة وجودية داخل اللغة حيث يكتشف المرء انه في اللغة يبني بيته الثاني ويمارس متعة الاستمرار في الابعاد الاعمق للافكار ويصبح النسج داخل اللغة ضربا من تحقيق خروقات داخل جدار الزمن المرهق وكسرا للمسافات التي تحاصر المعنى وصمودا أمام اوضاع البؤس وضيق الامل وافتقاد الحلول لمشكلات الحياة على اساس ان الثقافة والادب مجال ممكن للتغيير ببناء الذوات وتقويتها واستنهاضها من الهشاشات التي يفرضها علينا الواقع.وبهدا المعنى تكون الكتابة الشعرية ملجأ ومهربا من حالة اليأس من ناحية ومن ناحية اخرى حالة حراك ثقافي للبناء وتعمير الكون بالجمال
علاقتك بالشعر ندية . تفاعلية . استقراء لحالة … أم .ّ?
* اقترن الشعر عندي بمسألة التأمل فالتامل جزء أصيل عندي في بناء النص الشعري والتامل هو أداة فلسفية وفكرية وبذلك لا اعرف الشعر على انه نظم عواطف واحساسات او التصريح والتعبير عن افكار وهواجس. قد يكون في ذلك جانب منه لكنه عملية غوص في المعنى عبر اختبار اشكال الكتابة وصنع الجمال من خلال امكانات اللغة وهو التعمق في حالات الذات فردا او جماعة واستبطانها وإظهارها في لبوس جديد.انها مساءلة المعنى في ارتطامه بالسطح الاعتيادي للكلام وهو اختراق لسطوح الافكار واستعادة الوجه الانساني والتاريخي من خلال اللغة اي اقتفاء القيم التي تسكن اللحظة والضاربة في عمق الحضارة الانسانية اذا الانسان هو الانسان في صراعه ضد الموت وضد الطبيعة ضد ضعفه وضد زواله هي حرب البقاء حيث تمكنك اللغة من مساحات وجود لا متناهية.وباختصار فالشعر عندي ابداع هدفه الاساسي مواجهة الموت واختراق الفناء والنهاية ولهذا مازلنا نكتشف الآثار المكتوبة من العهود المسمارية حيث كان الانسان يكتب ذاته بشكل ما في الكهوف والمغاور ويبتكر لغته التي تمكنه من بقائه الثقافي حيا ابعد عن سذاجة الموت
الموضوعات التي يتناولها شاعرنا؟
.* كتبت في الاغراض الوجدانية فتجربتي الادبيية تدور حول رؤى مخصوصة فا اضع مواضيع مسبقة للكتابة فيها كما يفعل البعض
أكتب عن حالات عشتها أو عايشتها اتمثلها احساسا وموقفا.فالصدق هو ان تعبر عن ذاتيتك المحضة لتتقاطع مع هموم العالم واوجاعه فكلما كانت كتابتك ذاتية كانت اكثر جدلا مع احساسات مشتركة وهواجس مشتركة.
توصيفك للحالة الشعرية العربية؟؟
* لا يوجد شيء اسمه حالة شعرية عربية في تقديري فهذه التقسيمات منهجية لا غير يضعها النقاد للقياس والتقييم لكني اعتقد ان الحالة الشعرية العربية هي حالات شعرية في الجمع من ناحية حسب المساحات الثقافية المتاحة واقصد المرافق الثقفية التي تخصصها الحكومات والمؤسسات في كل دولة للنشاط الادبي (نوادي- ورشات ابداعية- ملتقيات محلية ودولية- امكانيات مادية وجوائز تشجيعية …)
كما ان الحالة الشعرية هنا تخضع لايمان الدولة نفسها بأهمية الفعل الثقافي والفكري وفعاليته في حيوية المجتمع ورمدى ربطه بالواقع التربوي والتنشوي للأجيال. من ناحية اخرى هناك الان حالة تفاعلية مفتوحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمحامل الرقمية ضمن الكون المفتوح للمنتج الثقافي لنشر الابداع وضمور الوسائل التقليدية كالجريدة والطباعة الورقية وهو ما يجعل حالات الكتابة والابداع تتواصل وتكسر حدود الزمان والمكان. غير ان هذا يطرح مشكلا ابداعيا قيد النقاش الان هو ان المنتج الشعري والادبي عموما على مواقع الاتصال يتميز بالتشابه والاستنساخ لكونه نشاطا تفاعليا تعبيريا يقلل من فرص تميز المنشورات عن بعضها البعض وهو موضوع قيد التامل ويطرح حنينا للكتاب الورقي باستمرار على اساس انه منبع اصيل للابداع والمعارف.*
مما كتب شعرا نقتطف بعضا من درره :
لتكفَّْ عن الصمت ايها الودّ الثرثارً..
لا تذكر حِبًكَ بسوء…
لعل وميضك تنصفه الاقدارُ
على ناصية الشوق نبضك المهذارُ.
انا الاقحوان الذي تشتهيه اللغات
ويخنق مَداهُ التبرُّم والاختصارُ….!
********************
هاربًا !لى سَمْتٍ جدِيدٍ…
حين تُلحُّ عليَّ الذِّكرَى عَزْفًا على حبْلِ الوريد…
ذاهبًا في مَشْغَلَةِ الأيَّام
ذاهِلاً في خُطًا هاربةٍ الى الأمَامِ…
أخَاصِمُ الشَّوقَ بالنّسيان..
أضعُ الحَنينَ في ثلاَّجةِ الأيّام…
وأُطرِدُ من ذاكرتي المدينةَ التي أطرَدَتْني..
وعبثَ الحطابينَ بشجرتي وغابي…
وأكفكُف سَطْوَةَ الفأس..
أعوّلُ على صَمْتِي، هاربًا منّي إليَّ…
أُوَاربُ الطفل السَّاكن فيّ..
وارسلُ ابتسامي من شفاهي ومُقلتيٍَ
جَوَادًا فوق الجُحُودِ…
على جَبهة الأحزان أشنُّ ابتسامي..
وأدفعُ بالضِّحكة خافقةً للقتال..!
حين تدافعت جَحَافلُ النَبْضِ
وكُنْتِ ومِيضًا ينثالُ على خيالي..
ولم أدْرِ …ولم تَدرِ…
غافَلتْنِي الصور التي ذَرَأتُ بَعضَها
ولَمْ تَذَرْنِي..
ووضَعتُ بعضَهَا في ثلاًجة العمر
لعلها تدَعُنِي…
ردْعًا لقلبٍ لا يَرتَدِعُ
وكي لا تَرَيْ ما وراءَ الصَّمتِ…
كم صُمْتُ عن الحنين
سَمَاءً ساخنةً،راجفةً،مثخنةً بجراحي..
وكم سمائي كلَّمَا ابتسمتُ…
تَفَصَّدُت بالبُكَاء..!
*********************
ومن مجموعته الشعرية (ذاكرة الجلنار) اخترنا لكم
لا تسألي لِمَ قلبي وصل متأخرا…
مذ عرفتك قلبي لا يعنيه الوصول..!
وربما غبت قليلا او كثيرا
وأرسلت قلبي قبل الموعد على لهف
فلم تّحُثِّي الى قلبي الخطى كما “يَجِبُ”…
وكان يركضُ إليك خفقا بجناحين
حين انشغلتِِ باحصاء الخطى
وتعداد مواطىء الاقدام …
أبطأت خطوي حتى تورّم الشوق
من قسوتي، ورأيتُني بعيدًا عن خافقي
خلف أعين لاهية.. متقاعسة…
لا تسألي لِمَ قلبي وصلُ متاخرا
وأنّي جئت بعد فوات الأوان…
هو الأوان يعرفني..
يعرفُ أني لا اخون مجيئي
عندما القلب يَجِبُ…
وقد أغيبُ في شقاق ولهي
لكن ما خذلت مجيئي ..
ركضا اليك بأجنحتي
وإن لا يعنيني الوصول وصلتُ…
قبل الأوان بقليل…
هُوَ سَبْقُ القلب سَبْقًا اليكِ..
فلا تلومي قلب طير يصل قبل الأوان
تالله وعيونك ما خذلت لهفي اليك..!
حين انصرفتُ ايابا الى وحدتي
طاف القلب في المكان وَجْدًا…
ولم يجدكِ…
يشهد علينا الموعد العًضَالٌ..
والاوان الذي حانَ…ولم يرني..!