ولا يعرف أحد الشكل الذي ستؤول إليه المناطق المنكوبة التي دمرت خلال سنوات من الاقتتال. فمشاريع إعادة الإعمار مجهولة التفاصيل والتنفيذ، ولا يمكن التنبؤ اليوم بالجهة التي ستقوم بهذه المهمة ومدى التعويض الذي سيناله من خسر منزله، لكن بعض السماسرة يفكرون «أبعد من ذلك» على ما يبدو، مع قيامهم بشراء البيوت المهدمة والمهجورة في أكثر المناطق سخونة واضطراباً. يذكر سعيد، وهو أحد المهجرين، لـ«الأخبار»، أنّه بعد أشهر قليلة من خروجه من منطقة المليحة في ريف دمشق، بقيَ على تواصل مع أحد الجيران للاطمئنان على وضع منزله، فعرض عليه الأخير بيع بيته والحصول على مبلغ من المال قد يعجز لاحقاً عن تأمينه في حال قصفت المنطقة. رفض سعيد الفكرة على أمل العودة إلى منزله وترميمه بعد انتهاء الأزمة، معتبراً أنّ «حاله حال كثيرين»، ولا بدّ من وضع ضوابط وتشريعات تضمن حقوق الجميع في المستقبل. لكن قصة سعيد لا تشبه مثيلاتها. علي، مثلاً، اضطر إلى مغادرة منطقة السيدة زينب منذ أكثر من عام، وسكن في دمشق حيث عانى من ضغوط مالية نتيجة ارتفاع أسعار الإيجارات وندرة فرص العمل، ما دفعه للقبول ببيع منزله لأحد السماسرة، الذين عرضوا عليه الأمر. ويؤكد علي أنّه علم لاحقاً بشراء هذا الشخص عقارات عدة في المنطقة، بيوتاً ومحلات، وأن كل عمليات البيع كانت تجري على الورق ومباشرة بينه وبين البائع من دون وسيط أو مكتب عقاري أو حتى محام. ويوضح أن سوء وضعه الاقتصادي دفعه للقبول بالأمر رغم علمه بالخسارة التي سيتكبدها نتيجة بيع البيت، إذ قدّر الشاري قيمته بحوالى الربع، بحجة تعرضه لقذائف وتخريب. محمد، أيضاً، أحد المهجرين من عرطوز (ريف دمشق الجنوبي)، بعد أن نهب منزله ولم يبقَ منه شيء من أثاث أو أبواب، اتصل به شخص لا يعرفه عرض عليه شراء منزله بسعر بخْس، طالباً منه احضار أوراق الملكية فقط من دون الحاجة الى أي وسيط. وفي السياق، يوضح أحد المحامين أنّ عمليات البيع والشراء أصبحت أشبه بالسمسرة، متحدثاً عن تجار يحملون حقائب ويدورون بين الناس مستغلين حاجتهم، ويدفعونهم لبيع بيوتهم المهجورة. وأوضح أنّ هؤلاء السماسرة غالباً ما يقصدون أشخاصاً يعلمون بوضع منازلهم، ويوهمونهم بأنها في حال سيئة جداً وطاله القصف، وغالباً ما يعتمدون «على سيناريو ينتهي بالذهاب إلى مكتب عقاري فيه عدد من الأشخاص يتحدثون عن القصف والخراب الذي لحق بالبيوت لوضع البائع في حالة من القلق، لا سيّما أنّ غالبية البيوت في مناطق المخالفات لا تحمل عقوداً أو أوراقاً نظامية، وسيفقد أصحابها ملكيتها في حال هدمت لعدم القدرة لاحقاً على تأكيد الملكية».