إنها طينة مجبولة بالعبثية أو بالتناقضات وبالحيرة القسرية ، حيث يتحكم الظلام في جانبها المظلم بما هو ظاهر.. والنتيجة كائن حي لا يصدق أن الحياة هي حالة ومرحلة …
مابين الأخلاقي المتعارف عليه في حيز زماني محدد وغير الأخلاقي الذي قد يصبح أخلاقيا في حيز ومرحلة أخرى وتستمر الحركة والتجاذب والصراع في ظل توازن هش كما في حال هذا الكائن …
نهرم ليس لان الزمن يمر ، فالزمن لا يؤدي إلى الهرم ، ولكنه الاستهلاك والإنهاك الذي يصيب هذه الطينة من تراكم الحاجات الغريزية من طعام وشراب وتكاثر وأفكار وقناعات وصراعات …فإن لم تأكل لن تهرم ولكن لا بد لحياتك أن تستمر …وهكذا إن لم تفكر أو تمارس فلن تهرم .فالفعل هو ما يؤدي إلى الهرم وليس الزمن ..فالزمن مجرد مسجل للأحداث والأعمال …
وهذا ينطبق على الأفراد والدول …فالإنسان يستعجل رحليه وهرمه من خلال الغلو في كل شيء بدافع الجشع ويحاول الهرب من الحالة المؤقتة إلى وهم القوة والسيطرة والهيمنة ..والكل يشعر بالنقص والمعاناة ويطلب المزيد، كما الدول …إنها المصالح والمصالح فقط …
أما قصة الأخلاق والحب وغيرهما من مصطلحات تشير إلى حالات أخرى فما هي إلا أساطير وجدانية أكثر درامية مما يمكن تصوره أنتجها البشر تعبير عن نقص أو كبت أو خوف أو جشع …فكل شيء مادي ولو كان مغلفا بألم أو شعور من نوع فائق في الصيغة المرحلية لتطور وتفاعل الطينة الانسانية ما هو إلا شيء مرحلي يزول هاربا من مع ثنايا الزمن المنفلت …وهكذا فإن التجارب الفكرية الروحية في الثقافات الهندية والصوفيه الشرقية ما هي إلا محاولة للإفلات من قيود الجسد “الطينة المركبة” ، وفي المقابل فإن التجارب المادية والجسدية والجشع وحب الامتلاك ما هي إلا محاولة يائسة لخداع هذه التركيبة ..وقد لا تعرف الفرق إلا بتجريب كل تلك الحالات والتناقضات ..وهكذا يصبح المثل الروسي “عليك أن تجرب كل شيء” هو المعيار لتكتشف ماهيتك وخلاصك …ولكن أن تجرب شيء، وأن تسلك طريقا يقنيا هو شيء آخر …المعضلة هي أن التجريب من أجل اليقين يستهلك كل ما في هذه التركيبة الطينة لتصبح كهلا ليس من مر السنين وإنما من مٌر التجارب ….لأنك من طينة خلقت كي تستهلك..