من المثير للدهشة أن يكون التنافس على الفشل هو هدف بعض مؤسسات القطاع العام، فالطبيعي أن تكون المنافسة لأجل النجاح وتحقيق الاهداف بالأخذ بعين الاعتبار المخاطر وادارتها للتقليل من أثرها وهذا يحتاج إلى مهارات في ادارة الحزم والبرامج والمشاريع بعد وضع الخطط التفصيلية التي تأخذ كل ذلك بعين الاعتبار كما بيئة العمل، ولكن بدلا عن ذلك هناك منافسة على الفشل وعلى خلق الازمات من خلال اجراءات ارتجالية وغير مدروسة وقد تكون هناك أسباب أخرى ..ومن الأمثلة لا بد من تتصدر وزراتي التجارة الداخلية والكهرباء المشهد …
لقد فشلت وزارة التجارة الداخلية في مراقبة الاسواق وحماية المستهلك والأهم أنها خلقت أزمات لا تحصى مع تجارب الخبز المدعوم، حالات مؤلمة في معظم المحافظات لا تقتصر على عجز العائلات عن الوصول الى مستحقاتها ولكن هدر الخبز وارتباك اصحاب الافران . والفقراء ينتظرون لساعات دون جدوى . ومع هذا الفشل الزريع أضافت الى رصيدها افتعاع أزمة عبوات المياه التي أصبحت غير متوفرة ولا يمكن شراء عبوة ماء إلا باسعار خالية . ولا حسيب ولا رقيب ولا حس أو خبر لأي صحافة استقصائية (التي هي عماد الاعلام) – ويمكن أن يكتب الكثير هنا ولكن الهدف هو اعادة تقيم الاجراءات وتصحيح الاخطاء والاعتذار فالاعتراف بالخطأ فضيلة .
وزارة الكهرباء متقدمة في المنافسة، تصريحات متناقضة، وانقطاع طويل يؤثر على كل شيء فالطاقة أساس الحياة، صحيح أن هناك صيانة ونقص في الفيول ولكن لا يمكن قبول الحلول الارتجالية. إين الخطط والبرامج وادارة الازمات؟ كيف يمكن برمجة صيانة في أشهر الذروة حيث الحر الشديد. إن كان هناك أصلا حاجة عاجلة. بعد كل هذه التصريحات المتناقضة. كيف يمكن تبرير ذلك . لقد ساهم سوء التخطط في هدر اموال الدولة والمواطن في آن . حلول بديلة من بطاريات ولبدات وموالدات ..والآن يطلب منا تركيب ألواح الطاقة الشمسية ! كيف يمكن ل 70% من الفقراء القيام بذلك؟ كيف يمكن لمن ينتظر على الفرن لساعات من أجل ربطة خبز مدعوم ب200 ل.س أن نطلب منه أخذ مكان وزارة وايجاد الحل؟
الطاقة الشمسية والرياح وغيرها بالتأكيد طاقات مساعدة، لكنها تستدعي مشاريع على مستوى الدولة تقوم بها وزارة الكهرباء أو شركات أو مؤسسات وتعطى للمواطن وليس العكس ..وظيفة الوزارات هي القيام بالخدمات وإن لم تقم بها فلا معنى لوجودها .
لن أتحدث عن تكامل فالحل التقني هو الجانب الاسهل ولكن الأساس والهدف هو توفير الخدمة التي وجد الحل التقني لأجل توفيرها.. الشيء الصحيح أن يُقدم الدعم نقداً في حساب المواطن باستخدام البطاقة ذاتها وتحرر اسعار المواد عندها ستختفي الكثير من الازمات .
يمكننا مواجهة الازمات ولكن فقط بالرهان على الإنسان واحترامه، السوري الذي صمد خلال عشر سنوات من الحرب المدمرة التي شنت علينا ولازالت قادر على مواجهة الازمات ولا يطلب إلآ اعادة تقيم الاجراءات والشفافية وحشد الطاقات لاستعادة ما تبقى من أرض محتلة .
أمام العالم مرحلة صعبة قد تستمر لعقد من الزمن حيث نشهد الأن بداية مرحلة تحول الارض وتغير المناخ بالتوازي مع مشاريع مالكي المال المستمدة من أساطير السيطرة على العالم وتغيرة بعد التخلص من فائض السكان . هذه حقيقة وليست مجرد كلمات تكتب . وقد توسعت في ذلك في كتبي الاخيرة .- سنشهد أزمات في معظم دول العالم..
في هذه الظروف يمكن تحويل المخاطر الى فرص، فالعالم سيُرسم من جديد ويبقى من يٌظهر عوامل القوة.والقوة البشرية الواعية هي الأساس . يمكننا تحمل المزيد إن لم نصنع أزماتنا بأنفسنا.
لقد مرت سورية عبر تاريخها بمراحل أكثر قسوة لكنها بقيت لأننا قادرون،ما نحتاجه هو اعادة تصويب الاجراءات والشفافية والمحاسبة وستبقى أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ شامخة إلى الأبد . المحتل إلى زوال ونحن باقون في هذة الأرض المقدسة .