تظهر ردات الفعل تجاه السعودية على خلفية المؤامرة القذرة على سوريا أن أسباب الغضب على السعودية كثيرة و أن منسوب الاحتقان تجاه تصرفات النظام السعودي قد زاد بشكل كبير و أكثر مما يعتقد البعض ، و حتى نكون منصفين ، فكل ما يحصل في المنطقة العربية ليس بالضرورة “فعلا ” سعوديا ، و هناك اتهامات مختلفة غير صحيحة و تدخل في باب المزايدات السياسية بين وسائل الإعلام العربية و بعض القيادات السياسية ذات العلاقة بالشأن السعودي ، و على بعض العرب أن يعترفوا بتحمل جزء من المسؤولية في تدهور الأوضاع العربية .
هل هناك علاقة للإرهاب بالسعودية ؟ … و من يحاول إلصاق تهمة الإرهاب بالنظام السعودي ؟ هل تمول السعودية الإرهاب ؟ هل هناك علاقة للمخابرات السعودية بالجماعات الإرهابية ؟ ما هو دور المؤسسة الدينية في نشر ثقافة التشدد و التطرف الديني ؟ ما هي تداعيات دخول السعودية في حرب الزعامات مع قطر في تنامي ظاهرة الإرهاب ؟ هل تدرك السعودية حقيقة صورتها في العالم العربي ؟ ما هو دور الإعلام الخليجي في إخفاء المعلومات حول الدور السعودي في نشر ثقافة الكراهية في العالم العربي ؟ هل هناك تعاون مع المخابرات الصهيونية ؟ هل تخدم المخابرات السعودية الأجندة الصهيونية الصليبية في المنطقة العربية ؟ هل هناك صراع داخل الأسرة الحاكمة له تأثير على وجهة السياسة الخارجية السعودية ؟ هل أضرت مشاركة السعودية في المؤامرة على سوريا على الصورة السعودية ؟ .
كشفت الحرب السعودية على سوريا و مشاركة القوات السعودية في ضرب الانتفاضة الشعبية البحرينية أن مسألة مشاركة الرياض في المؤامرة على سوريا ليست مسألة تتعلق بالمبادئ أو بتطلعات الشعب السوري ، و أن النظام السعودي أولى بالتعامل مع المظاهرات الشعبية السعودية الصاخبة المطالبة بتغيير النظام نفسه ، و من يتحدث عن المشاركة السعودية المعلنة لمساندة ما يسمى بالثورة السورية فهو يقصد بالطبع المساهمة السعودية بالمال النفطي و بالدور المخابراتى و بتسخير الجماعات الإرهابية ذات العلاقة بالمخابرات السعودية منذ نشأة القاعدة في أفغانستان لمحاربة المد الشيوعي و خدمة الأغراض الأمريكية الصهيونية في قضم القوة السوفيتية ، إضافة طبعا لممارسة الضغوط السياسية داخل الجامعة العربية لتمرير القرارات المعادية للنظام و الشعب السوري ، و هو دور أدى تواصله إلى إسقاط المفاهيم القومية المشتركة التي قام عليها ميثاق الجامعة العربية .
المخابرات السعودية هي جزء من المخابرات الصهيونية الأمريكية ، و التحالف وثيق و لا يخفى على أحد ، و لا ندرى حقا هل أن هذا التحالف قد فرضته الأحداث أو هو رغبة سعودية ملحة لحماية النظام ، و الجماعات الإرهابية التكفيرية هي يد قوية من أيادي المخابرات السعودية الكثيرة ، و ارتباط هذه الجماعات بالمؤسسة الدينية السعودية هي مسألة عضوية بحكم انتماء القيادات الفكري إلى هذه المؤسسة و تخرجهم على أيدي أكثر دعاتها المتطرفين ، و ما كشف بتقرير الكونغرس الأمريكي اثر أحداث 11 سبتمبر 2001 من علاقة عضوية بين النظام و العقل الديني و المال السعودي و طبعا المخابرات السعودية هو إفراز لحالة غير طبيعية كاشفة لأول مرة عن رعاية المملكة السعودية للإرهاب و استثماره في تنفيذ مخططات سعودية ضد العراق و إيران و بعض الدول و الجماعات الأخرى .
ما هي السياسة السعودية في المنطقة العربية ؟ …يحتاج الجواب على السؤال إضاعة كثير من الوقت و البحث ، و لعلكم ستفاجئون في النهاية أنه لا وجود لسياسة سعودية واضحة أو على الأقل بعضا من ملامحها ، و لعل من ينظرون للسعودية في العالم و يتحدثون عنها ، فهم لا يقصدون إلا قوتها النفطية و قدرتها المالية الهائلة التي تستغلها الدول الغربية لإنعاش اقتصادها ، و السعودية في نظر العالم أجمع هي مجرد دجاجة نفطية بلا عقل و لا بوصلة تلد ذهبا ، و لعل المرة الوحيدة التي كان للسعودية عقل و دور فاعل هي حرب 1973 بذالك القرار التاريخي للملك الراحل فيصل ، و إذا تحدثنا عن انعدام سياسة سعودية فنحن نتهم الأمير سعود الفيصل بقصر النظر و بتنفيذ سياسة متهرئة مرتعشة أدت إلى اضمحلال الدور السعودي في المنطقة العربية رغم سقوط الدور العراقي و المصري اثر احتلال العراق و خروج مبارك من الحكم .
عندما يجتمع المال و الفكر المتطرف في يد أكبر مؤسسة في المملكة و هي المخابرات السعودية ، و عندما يكون هذا الجهاز جزءا من منظومة هيمنة أمريكية صهيونية ، و عندما يغفل الفكر “الجهادي” عن العدو الصهيوني لتنفيذ مؤامرة ضد الشعب السوري ، و عندما تكون الرؤية السياسة مشوشة و معدومة أصلا ، و عندما يكون الحكم بهذا الغباء السياسي و هذه الرغبة في قمع الداخل الشعبي محافظة على نظام شمولي فاسد ، فمن الأكيد أن يستثمر الأعداء حالة الانقطاع بين الصوت و الصورة في مخيلة العقل السعودي الحاكم ، حتى يصبح المال السعودي و الدور الدموي للجماعات الإرهابية السلاح الذي تنفذ بواسطته كل المؤامرات على المنطقة العربية ، المهم أنه يجب التأكيد أنه لا الصهيونية العالمية سترضى عن النظام رغم خدماته و ستلقى به للقمامة في الوقت المناسب ، و لا الوجدان العربي سيكون غبيا بأن يقبل على نفسه التعاطف مع نظام فقد عقله.