يقتحم حصون العقل البشري…
-مدينتي الغافية على ضفاف الفرات ، كوليد يرضع من صدر أمه الحنان والقوة والحب والعنفوان ….أنجبت الكثير من الادباء والمفكرين والشعراء وعلماء السياسة والفنانين…شهدت تفتح جيل من رواد الإبداع والثقافة والفكر والوطنية ….ذلك مابعد الحرب العالمية الأولى والثانية والدعوات القوميةفي البلاد العربية ، والعديد منهم تأثر بتيار حركة النهضة العربية ، الذي شكل بواكير التفكير الوطني والذي لايستقيم له عود دون تفعيل العقل وإدراك الوعي والتحصيل الثقافي والعلمي ، وتهيئة التربة الصالحة لكي تنبت فيها غرسات تجاهد لنرى أغصانها وثمارها ، نستظل بها ونأكل منها طيّب العلم ونور المعرفة والحكمة …. ومن فرسان هذا الجيل
الدكتور عدنان عويد والذي يُعد رائداً مخلصاً في فنون الكتابة والبحث وطريقة التفكير . فهو إنسانٌ مثقفُ ونبيل ٌ ، لايزال مصباحه متوهجاً في ساحة الثقافة والإبداع والاندفاع وراء البحث عن كلّ أسباب الترقي والعمل الإنساني …حمل زاده المعرفيّ والثقافيّ الذي ارتوت منه قريحته على مدار سنوات طوال ، ركب فيها دروباً شاقةً ، وجال محطات من التعب والألم والفرح والحزن وأحياناً العزلة ، ينهل من كل محطة بذور المعرفة ليزرعها في أبحاثه ، ويسقيها من عرق عمره ، لتنبت كتباً ومقالات كل منها بطعم مختلف وألوانٍ متنوعةٍ ، عندما نتذوقها نشعر بقيمة الشقاء والمكابدة لكي تصل إلى عقولنا وقلوبنا طعم هذا الابداع المتجدد ، ورغم قلة الامكانات في هذا الزمن الصعب وبحكم الظروف السائدة ، تراه يقتحم حصون العقل البشري ، شاهراً قلمه دون كلل أو ملل كي يوصل صوته وهدير كلماته التي تعرِّي الفرد والمجتمع من أوهام ومعتقدات بالية ، أصابت مجتمعنا بالجمود والبلادة وخاصة المصطنعة منها . فهو دائم السعي لتكون لكلماته صدىً ومفتاحاً لتفعيل وتنشيط العقل المحلي والعربي ، وأن لا نرخي العنان لعقولنا الطرية التفكير في مساحات ضيقة ، أو نتوارثها كالإرث . يحاول من خلال مخزونه الثقافي والمعرفي أن يرسم صوراً شتى ، مرسومة في الذاكرة يختلف فيها التاريخ ويضطرب . والتاريخ ما يصنعه ويسطره الإنسان لحياته وللأحداث بخيرها وشرها . فهو يكتب ويكتب ويطرح أفكاره بجرأة ، اتفقت معه أو اختلفت ، يذوب هذا الاختلاف بابتسامته المعهودة ويحترم رأيك مهما يكن ، وهي القاعدة التي اتخذها لمسيرته الابداعية ( احترام الرأي) . الدكتور عدنان له أفكار يؤمن بها ويدافع عنها ( وهي لم تأت من فراغ) ، حول الفلسفةوالايمان والجدال حول تنقية رسالة الإسلام العظيمة من الغلو والتطرف الأعمى والعصبية القبلية ….. دائماً يقول: للإسلام مقاصد فيها خير الانسانية جمعاء فلا تحاولوا وتستميتوا بتشويه هذه الرسالة العظيمة الخلاقة بمصالحكم الضيقة ، أو تكونوا أداة هدم لها ليرضى غيركم ، الذين يحاربون هذه الرسالة الساميةبالسر والعلانية … فأنا افكر وأعمل عن إيمان ، وأكتب بصدق بحثاً عن الحقيقة التي توصلَ إليها الكثير لكن يلبسونها لباس المصلحة والمطامع ..نتلمس الطريق السليم حسب عقولنا وحسب قناعاتنا ، نريد من الجميع أن يشاركنا في التفكير والرأي ، حتى تستوي لنا الفكرة ، ويكتمل الموضوع ويستقر الرأي
.
الدكتور عدنان يعتمد على براعته وقدرته الانشائية وبناء الفكرة والعلاقة بين المفاهيم التي تمثل أبحاثه ، تخضع لنسق منهجي وجوهر فكري واحد ،التي تربط العقلانية في أبعادها العلمانية والديمقراطية من حيث هي علاقات تفاعل متكافئ واعتراف بغيرية الآخر، والحضارة تقع على ملتقى الطرق بين فكرة التقدم وفكرة المجتمع المدني ، فنرى هاجساً كبيراً ومساحات مؤثرة في كتبه ومقالاته عن العقلانية والديمقراطية والعلمانية والتقدم وأساليب تطور المجتمع ، التسامح ، التعصب المذهبي أو الحزبي أو العشائري ……
ويصر في أبحاثه على إصلاح الفكر الذي هو بالأساس إصلاح التريبة أولاً لتؤثرفي بناء منظومة القيم الانسانية وبالتالي التطور المحسوس في حركة المجتمع العلمية والثقافية على مستوى الفرد والمجتمع ، ويكون ذلك من خلال تغذية العقل واطلاق العنان للخيال وروح الفكر النقدي . فهو يرى أن نواكب مايشهده عالمنا من عولمة متسارعة الخطى وثورة معلوماتية واتصالات متواصلة وتحول المعرفة إلى المورد الأعلى والأخطر أثراً على تقدم المجتمعات وازدهارها الاقتصادي . وهذا يتطلب انتاج مواطن مستقل التفكير وقادر على التفاعل الايجابي مع معطيات واقعه وعالمه ، وهذا لايكون إلا بثورة شاملة في علاقة التربية بالمجتمع، هذه الثورة محورها الأساسي منظومة متناغمة ومتفاعلة للتعليم والثقافة التي تهدف إلى تنمية بشرية فاعلة ومبدعة ، فذروة مايطمح ويسعى إليه هو تحرير الإنسان بالإنسان. ليمارس فعل اختيار المستقبل وهي عملية توليد الطاقة المؤدية إلى تنمية الانسان والمجتمع والمؤسسات …..
وتمكن المجتمع بكل فئاته ، من القدرة الواعية على التفكير والتفعيل لكل معطيات الواقع والارتقاء/بها إلى ماهو أفضل وأجمل وأبدع لمسيرة الحياة وصيرورتها. يحاول في أبحاثه ان يترك أثراً فكرياً يخلق مجالاً للتداول يشكل إمكاناً للفهم وإعادة التفكير ، بمعنى أن هذا الأثر له فعله التنويري في العقل ، وعي ذاتي يحدث انقلاباً في كثير من المفاهيم …. إن الإلهام والحس الأدبي منذ عهد الشباب غرز فيه حب الكتابة والخوض والتنقيب في بطون الكتب والبحث والتقصي للوصول إلى بعض الحقيقة التي تجلي القلوب القابعة في الظلام وتنير العقول التي سكنتها العناكب …فقد أصبح مكتبة متنقلة لها عشاقها وروادها ينهلون من مقالاته الرائدة معنى الاصلاح والحكمة والثورة على الواقع الميت.. مقالات عن الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي والمدارس الفكرية والنظريات التي تألقت ثم خبت ، معللاً الأسباب ، طارحاً بعض الحلول ، التي في النهاية تصب في مصلحة الوطن والمواطن ، رابطاً بين حرية وكرامة المواطن وشموخ الوطن التي هي تبني الوطن وتُعلي مقامه ، ويشار إليه بالبنانِ . هو شخص لايهادن ولايلين في الحق ، حريص على الناس ، متألم لهموهم ، مشفق عليهم من الأنياب التي غرست في ظهرهم .
تعامله واشتغاله الطويل مع الورق والقلم نشأت بينهما صداقة قد تفوق أحياناً صداقة بعض البشر ، يخوض معهم بمتعة شؤون الفكر والشعر وشؤون الأدب والتاريخ والفن ، وشؤون الفلسفة والسياسة .. … يرتوِ من رحيق أمهات الكتب حتى الثمالة.. يعمل على إعادة هذا الرحيق مقالات تنبض زاداً معرفياً ، تتأرجح بين النقد والموعظة ، ويكتب بلسان حال المستضعفين ، حاملاً هموم الناس ، ويجعل الاحساس بالواقع ركيزة للانطلاق نحو الأفضل من خلال الطرح والمعالجة ، يحاول أن يحطم الوهم للوصول إلى الحقيقة واقتراح الوسائل المناسبة التي تؤدي إلى تطبيق وتنفيذ المشروعات التي تضمن خير الشعب ورقيه وسموه بما يتناسب وخصوصيات عصره .
-ولد الباحث الدكتور عدنان سعيد عويد في دير الزور عام ١٩٥٠
-يحمل إجازة في الآداب / قسم التاريخ/ جامعة دمشق ١٩٧٥.- ماجستير ودكتوراة بالعلوم السياسية من الجامعة الامريكية الدولية .
– عمل مدرساً في ثانويات دير الزور وجامعة الفرات ،ومديراً لثانوية الفرات ، وأميناً لاتحاد شبيبة الثورة ، ومديراً للمعهد النقابي العمالي بدير الزور ، ومديراً لمدرسة الاعداد الحزبي الفرعية بدير الزور، ورئيساً لجريدة الفرات لعدة سنوات .
– عضو اتحاد الكتاب العرب ، عضو جمعية البحوث والدراسات .
– يشغل الآن رئيس اتحاد الكتاب العرب /فرع دير الزور .
-شارك في الندوة الثقافية العمالية في مصر ١٩٩٤ .
-نشرت أبحاثه ودراساته في عدد من الصحف والمجلات المحلية والعربية منها( الأسبوع الادبي ، المناصل ، النهج ، المعرفة ….) .
-له العديد من المقابلات الفكرية والتنويرية على شاشات التلفزة المحلية والعربية . -ساهم في كافة الندوات والمحاضرات التي أقامها اتحاد الكتاب العرب في دير الزور وبعض المحافظات الاخرى..
-صدر له العديد من الكتب منها :
-الديمقراطية بين الفكر والممارسة /دار العلم ١٩٨٤
-إشكالية النهضة في الوطن العربي من التوابل ألى النفط /دار المدى ١٩٩٧
-التبشير بين الأصولية المسيحية وسلطة التغريب /دار المدى ٢٠٠٠
-معوقات حركة التحرر العربي في القرن العشرين
-الايدلوجية والوعي المطابق /دراسات فكرية / دار التكوين ٢٠٠٦
-رأسمالية الدولة الاحتكارية /دار التكوين ٢٠٠٩- قضايا التنوير/دراسات ترجمة من الانكليزية للعربي /دار التكوين للتأليف والترجمة والنشر / دار التكوين / دمشق ٢٠١١
-السلفية وتحطيم العقل ..قيد الطباعة .
خليل عبد اللطيف