الولادة : قفزة من العتمة بحو الضوء
مطر … بلا طريق …. بلا زوايا
هكذا اذن … منذ ولادتي : بدأ التاريخ .
بعد ولادتي : رحل التاريخ …. واستقر التكوين … ثم ..
ثم بدأ المطر …. بدأ المطر
……………………………………
كنت بلا معطف …. بلا حذاء ….. في صحراء
حيث .. لا مدن .. ولا خيول
ولا مسافرون يعبرون
ولا صوامع نسّاك … ولا متعبدون
ولا شجر بري … ولا جدار … انحسار … انحسار
امشي فوق الرمل … فوق الشوك …. على الصبّار
جلدي نعل .. وحذاء .. ومراسيم
عينيّ … افق يلتهب
قامتي : طويلة … اطول من ظلي
جبيني : نسر يطارد النجوم
يبحث عن كوكب … يشبه شمس وجهي
وطعم يدي … وبأس اقدامي ,
يشاطىء في الليل : حدائق الخمر والنساء
وتحت الشمس : حقول القمح والفقراء
……………………………………………
عمقي … قطار لاهث
خلف محطات … لها بريق الفتوحات
لها .. نكهة الاستسلام … وغرور السيف
عمقي جرح : ينام فيه .. قمح وامراة
قمح : يسافر مع الريح .. حيث المجاعات
وامراة : في وجهها … كتب الصلاة … وصمت الإله
وفي صدرها : نشوء الزمن .. وبرق النبوءات
يجثو عند اقدامها : راهب
يزرع قنديله … وانشودة الاعتراف
…………………………………………………..
توقفت عند منعطف …. وجدت النكان
للمكان حوار .
زرعت اقدامي على الشاطىء
وراسي فوق الحجر
اعطيت زندي مطرقة … والاخرى ناقوسا
كتبت على صدري المعري
وفوق فمي سقراط
قطعت راسي .. فصلت جسدي
ضمّخته ثوبا حريريا
مزقت حروف الابجدية من لغتي
واحتفظت بهمزة الوصل
بدأت ابكي مع القصيدة
اتماوج مع ثقوب الناي
لبست معطفا وحذاء … وجلدا له مسامات
وعيونا سرقتها من السماء
صنعت من جسدي سفينة مستقيمة
فارغة منالعبيد والنساء
محشوة باوراق … هربت منها العناوين
وبعض الاغاني … وكثير من حروف الجر والجزم
واناشيد مهترئة … بكينا فيها .. ذات مرة
…………………………………………………..
زرعت على افقي … خبزا ومحبرة
زندا وعكازا …صوتا وإيقاعا … لهم لحن الجلالة
توسدت مطرقتي … انتظر الحصاد
حاورني الفراغ : عن شمسي القديمة
عن مطري … عن كتب القراءة
وحتى عن شكلي المستعار
ابحر في بارحة الزمان
معبأ … زبدا بلا بحر … يناقش هوامش الطفولة-
افق الاخطاء … كبرياء البؤساء
درع الانتصارات … وفحولة الفرسان
درع … ورمح … وبقايا خنجر
وطعنة غدر … فوق الزمن الهرم
ازهرت ارض الفراغ
ايقظني الفراغ … صادر الحلم
في عمقي زلزال … على جبيني كوارث
غسلت وجهي وجبيني
باجنحة قصائد من الزمن الرديء
لبست جلبابا … تسوّل فيه ابو تمام
وبقايا ريش … سقطت سهوا من جنح نسر غاز
لارحل … وشمسي معي
ابحث عن ظلام … اطلق فيه شمسي
افتش غن مكان .. عن نساء
عن وجه … يشته لون العشق وبطاقة السفر
عن وجه … يشبه طعم البكاء … وانين الوجع
تعيش فيه القصيدة … يغفو عليه .. الحلم والقصيدة
بكيت .. بكيت … لان قامتي طويلة
اطول من المكان… اطول من جنح النسور
بل .. اطول من عشق النساء … وليلة عاشق
…………………………………..
كل هذا ولماذا ؟
لماذا رفعت قامتك الى السماء
ثم بقيت وحيدا ؟
لماذا قطفت نجوم الكون
ثم نسيت جنّية في حديقة الجوار ؟
لماذا قطعت راسك … ثم فصلت الجسد ؟
اين المطرقة … اين سقراط .. اين السفينة ؟
رجع الصدي : لكل فصل بطل
انه صهيل : على الضفة الاخري