مرّت سنوات ثلاث 15 3 2011 ـ 15 3 2014 على بداية المشروع الأميركيّ الصهيونيّ العربيّ الغربيّ، لتدمير سورية أو تفتيتها أو كليهما معاً.
وخلال هذه السنوات الثلاث تغيّرت ملامح الخريطة الدوليّة والعربية والإقليميّة، وكان أوّلها سقوط جامعة الدول العربيّة في الفراغ، وآخرها سقوط مجلس التعاون الخليجي في مصيَدة الحركات الأصوليّة المتطرّفة، فكان هذان السقوطان وجهاً آخر لأوّل ربيع عربيّ حقيقيّ وغير مزوّر، فيما حافظت سورية على وحدتها، وعلى موقعها القومي، وعلى ممانعتها ضدّ الكيان «الإسرائيليّ»، وجذّرت تحالفاتها مع الدول الصديقة، وأنشأت صداقات جديدة، وانفتحت على الإعلام، وأطلقت قانوناً آخر للأحزاب، وواجهت الحرب الكونية المعلنة عليها بكلّ الوسائل المتاحة لها.
وفي هذه السنوات الثلاث، رغم بشاعة المشهد العربيّ، لم يتوقّف الغزل بين ياسمين الشام وبيّارات الليمون في فلسطين، ولا بين نوارس البحر في اللاذقيّة وطرطوس وعصفور التين في سهل عكّار وجبل لبنان، ولا بين مسرح بصرى الشام ومسرح جرش، ولا بين أوغاريت وقانون حمورابي، ولا بين اسكندرون والجولان.
وهو غزل يتفوّق على كلّ غزل عرفناه بدءاً من عروة بن الورد وانتهاءً بنزار قبّاني.
وهو غزل يُعيد إلى الأرض السوريّة حضورها الإلهي بعد أن صادر المسلّحون هذا الحضور بشعارات وممارسات لا مكان للحبّ فيها.
وهو غزل يُشعر النازحين السوريين بالدفء، وبالأمان، وبحلم العودة إلى أرضهم بعد أن اصطاد برد المخيّمات صغارهم.
وهو غزل لا يلتقي أبداً مع نفاق بعض صنّاع القرار في الدول الحاضنة لهذه الرموز الجميلة.
وهو، أخيراً، غزل لا يعترف بالمربّعات الضيّقة، ولا بالدوائر المغلقة، ولا بالنظريّات الدخيلة، التي سعى مجلس الأمن الدولي إلى فرضها على المجتمع السوري من خلال معابر «إنسانيّة» تؤكّد «أنّ وراء الأكمة ما وراءها».
ثلاثة أعوام، والدول المتآمرة على الوطن السوري ذاهبة في غيّها، وفي ارتكابها المجازر، وما تنبّه أحد من العرب أنّ نجاح المؤامرة على سورية هو المقدّمة اللازمة لإعادة رسم خريطة جديدة «من المحيط إلى الخليج» مكوّنة من دويلات طائفيّة ومذهبيّة وإتنية، تعطي مبرّراً لإعلان دولة يهوديّة عنصريّة.
وفي هذه السنوات الثلاث كان الشهداء السوريّون في كلّ مكان، وكان صوت الشاعر السوري خليل مردم بك حاضراً أيضاً في كلّ مكان تذكّر السوريّون مرثيّته في الشهيد يوسف العظمة، وردّدوا بيتيه الرائعين:
عرَفنا يومَ يوســـفَ مبتداهـــا
فهل من مخبرٍ عن منتهاها؟
أيوسفُ والضحايا اليومَ كثرٌ
لِيَهْنِكَ كنـــــتَ أوّلَ من بداهــا
ولم يكتفوا بذلك، فالتفّوا حول علمهم يحيّونه صباحَ مساءَ بالنشيد الوطني الذي تركه الشاعر خليل مردم بك وديعةً في أعناقهم.
ء