كتبت د آسية يوسف
أسعى إلى تسليط قدرٍ من الضوء على بعضِ ما جاء في كتاب الشاعر المتمرّد
و يحدوني الأمل في أن أبيّن إنّ التحليلَ النقديّ متعةٌ فيساعد ذلك في هدم الخرافة القائلة:إنّ التحليل عدو المتعة….
و أعرج بالبداية على التعريف بالمؤلف منذر يحيى عيسى مواليد دير حباش طرطوس ١٩٥٤
إجازة في العلوم الكيميائية جامعة دمشق_دبلوم تربية وعلم نفس_ رئيس وعضو إتحاد الكتّاب العرب في طرطوس _عضو جمعية
الشعر.. صدر له ثمانية من المطبوعات بين دواوين و كتب منها الكتاب الّذي بين يديّ و يتناول الكتاب حياة الشّاعر نديم محمد و مواقفه من الحياة و الشّعر و نتاجه الأدبي و آراء بعض الأدباء و الشعراء و تحدث عن تراث الشاعر المنشور و غير المنشور و ألحق بالكتاب بعضاً من الصور الشّخصية للشاعر و لأغلفة بعض دواوينه و نماذجَ من مخطوطٍ بخط يده، و قد كانت متعتي كبيرة أثناء الغوص في كنه الكتاب نظراً لبحثي عنه أثناء دراستي الجامعية و كيف لا؟ فالشّاعر نديم محمد من أشهر شعراء سورية في القرن العشرين من حيث غنى مادته الشّعريّة و غزارة إنتاجه رغم كثرة خيباته التي نظم فيها شعراً كقوله:
ذبحَ الفقرُ أحرفي وجلا غيمي
وشبَّ الحريقُ في أندائي
صورةُ البؤس جمرةٌ بين جفني
ونصلٌ يعضُّ في أحشائي
و للمرأة أجمل قصائده توصيفاً :
هذا الجمال شقَّ برعمه، وضاءَ فكانَ بدعا
عيناكِ زينةُ سحره يحميها ربي و يرعى
و حمّل الشاعر شعره همومه الحياتية و الوطنية و القومية :
سورية الفتح المؤرز
هدد زأرتها حدائي
وهو الحالم بالواقع من المحيط إلى الخليج
المجدُ مولدُه على
راياتنا و الدهرُ بكرُ
لبستْ مطارفه دمشقُ
و جررت برديه مصر
ويستمر الزخم القومي في شعره ممجداً نصر العرب و مكرماً دم الشّهداء:
شرفُ العروبة و الجدود والعز في خفق البنود
لاريّ إلاّ الريّ في الساحات من جرح الشهيد
و هو عروبي مؤمن بالقومية العربية فيخاطب بغداد :
بغداد يا ريحانة الصهر
و يا عطر النسب
تبرجي تزيني
فموكب النصر اقترب
و لابدَّ لشاعر بقامة شاعرنا أن يثير اهتمام الأدباء و النقاد و المحبين و الحسّاد فقد قال فيه عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين :
(لو لم يكن لهذا الشاعر إلاّ
هذا الديوان فحريّ بالشعر العربي أن يضمّه إلى فحول الكبار)
و في سِفر الأستاذ منذر العديد من الآراء…
وقد وجدت إنّ الشّاعر ينتمي للمدرسة الكلاسيكية الحديثة وقد قدم القصيدة العمودية التي حملت طابع العصر وله طابعه المتميز و فنيته و رمزيته الخاصة وقد تطرق إلى كافة الأنواع الشعريّة…
وقد أحسن المؤلف الأستاذ منذر توبيب الكتاب و جعله شاملاً موجزاً مكثفاً حيادياً دلى بدلوه بأريحية القارئ المثقف و الباحث الشغوفُ بما يبحث
أنصح بقراءة و اقتناء هذا الكتاب فهو رديف متميز للمكتبة العربية..