إعداد : ياسمين شهلة
“كليلة_ودمنة” .
ألفه الحكيم الهندي “بيدبا” ، وقد ترجمه إلى العربية “عبد الله بن المقفع” . وهو مجموعة من القصص التي تدور على ألسن الحيوانات والطيور ، يطرح فيها الكاتب مواضيعا شتى منها ؛ العلاقة بين الحاكم والمحكوم ، وبعض الحكم والمواعظ .
تذكر مقدمة الكتاب أن الحكيم “بيدبا” ألف كتاب “كليلة ودمنة” لملك الهند آنذاك “دبشليم” ؛ ﻷنه كان ظالما ، فوجدها “بيدبا” حيلة لتقديم النصح ، وهو يضم قصصا أبطالها من الحيوانات والطيور التي ترمز في الأساس إلى شخصيات بشرية ؛ فالأسد يلعب دور الملك ، خادمه ثور اسمه “شتريه”.. يطرح من خلالها الكاتب الحكم والمواعظ .
أما اسم الكتاب “كليلة ودمنة” فهو يعود إلى اثنين من ابن آوى ، يكثر ظهورهما في معظم القصص وصفهما “ابن المقفع” بقوله : كانا من أصحاب الدهاء في الأدب والعلم ، وقد درات بينهما حكايات كثيرة من أجل كسب ود الأسد الملك .
تبدأ القصص بقول “دبشليم” للفيلسوف “بيدبا” : عرفت هذا المثل ، ويشير إلى ماسقط في الباب الذي قبله ، أو يقول عرفت مثلا فأضرب لي مثلا ، فيعرض “بيدبا” مايشبه العنوان المشروح لمعرفة المضمون ، ثم يسكت ، فيسارع “دبشليم” إلى السؤال : وكيف كان ذلك ؟ وهنا يبدأ الفيلسوف مستهلا بالقول : زعموا ، ثم يبدأ في السرد .
يقع الكتاب في 15 بابا و 4أبواب جاءت في مقدمته ، وهي :
1 – باب مقدمة الكتاب .
2 – باب بعثة برزويه .
3 – باب عرض الكتاب .
4 – باب برزويه .
أما أبواب الكتاب ، فهي :
1 – باب الأسد والثور : وهو يوضح السياسات الداخلية ، من خلال التحدث عن أمور شتى منها الوشاية التي تعمل على إفساد الصداقة .
2 – باب الفحص عن أمر دمنة : ويتناول الحديث عن واجبات السلطة ، وعبثية هرب المجرم من عقابه.
3 – باب الحمامة المطوقة : عن قيمة التعاون ، والحث المجتمع عليه .
4 – باب البوم : عن السياسات الخارجية ، وعدم الاغترار بالعدو ، وإن كان ظاهره جميلا .
5 – باب القرد : يتحدث عن إضاعة سعي شخص بعد مجهود.
6 – باب الناسك :ماتؤدي إليه العجلة في الأمور .
7 – باب الجرذ : يتحدث عن السياسات الخارجية ، ومنها موالاة الأعداء إضافة إلى :
8 – باب الملك .
9 – باب الأسد .
10 – باب اللبؤة .
11 – باب ايلاد .
12 – باب الناسك .
13 – باب السائح .
14 – باب ابن .
15 – باب الحمامة .
يعرض الكتاب كثيرا من القصص في هذه الأبواب بعضها تاريخي وأغلبها خيالي . وهي في مجملها 53 حكاية باستثنتاء حكاية “القبرة والفيل” التي ذكرت خارج حوار “بيدبا” و “دوبشليم” .
يصدر عن هذا الكتاب الكثير من الحكم والمواعظ ، يمكن أن نلخصها في :
الحكمة والأدب
1 – الأدب يجلو كما يجلو الودك النار ، ويزيدها ضوءا .
2 – الحكماء أغنى من الملوك بعلمهم .
3 – الحكمة كنز لايغني على إنفاق ، وذو خيرة لايضرب لها بالأخلاق .
4 – لاخير في القول إلا مع العمل .
5 – لاخير في الفقه إلا مع الورع .
6 – لاخير في الصداقة إلا مع النية .
7 – لاخير في المال إلا مع الجود .
8 – لاخير في الصدق إلا مع الوفاء .
9 – لاخير في الحياة إلا مع الصحة .
10 – لاخير في الأمن إلا مع السرور .
11 – في التأني السلامة ، وفي العجلة الندامة .
العقل والعقلاء
1 – إن من أنفع الأشياء للإنسان أن يعرف قدر منزلته من عقله .
2 – لايغرق العاقل عند سداد رأيه .
3 – إذا لقيت جوهرا لاخير فيه ، فلاتلقه من يدك حتى تريه من يعرفه .
4 – العقل خير من المال والجاه والسلطان .
التبصر
1 – أنفع العقل بما يكون ، وما لايكون .
2 – من لم يفكر في العواقب لم يأمن المصائب .
3 – لايشرب العاقل السم اتكالا على الترياق .
4 – من لايقدر لقمته وعظمتها فوق مايسع فوه ، فربما غص بها فمات .
5 – خير الكلام ماقل ودل ، وشر العشق مازاد وذل .
الخير والشر
1 – المعين في الشر شريك فيه .
2 – اثنان ينبغي أن يحزنا : من يعمل شرا كل يوم ، ومن لم يعمل خيرا أبدا ؛ ﻷن فرحهما في الدنيا ونعيمهما قليل .
3 – اثنان ينبغي أن لايحزنا : المجتهد في البر كل يوم ، وفتى لم يأثم قط .
4 – صحبة الأخيار تورث الخير ، وصحبة الأشرار تورث الشر .
5 – خير الثناء ماكان على أفواه الأخيار .
الغنى والفقر
ماجاع فقير إلا بما تمتع به غني .
الحقد
إن الريح الشديد لاتعبأ بضعف الحشيش ، ولكنها تحطم طوال النخيل وعظيم الشجر .
المنفعة
الصياد الذي ينثر الحب للطير ، لايرجو منفعة الطير بل نفع نفسه .
الصداقة
1 – فراق الأحبة بلاء .
2 – رب صداقة صداقة ظاهرة باطنها عدواة كاملة أشد من عداوة ظاهرة .
3 – لاشيء أضيع من مودة تمنح من لاوفاء له .
4 – إذا تشاجر صديقان من أصدقائك ، فلاتحكم بينهما لئلا تخسر أحدهما ، وإذا تشاجر عدوان من أعدائك فأحكم بينهما ؛ ﻷنك ستكسب أحدهما .
5 – الصداقة ثمرة الحياة السعيدة .
كتمان السر
1 – إذا كان السر بين أكثر من لسانين وأربع آذان ، فهو ليس بسر .
2 – رأس الأدب حفظ السر .
3 – يكتفي العاقل من الرجل العلامات الظاهرة في نظره وإشارته بيده ، فيعلم سر نفسه ، ومايظهر عليه قلبه .
4 – خير الأصدقاء هو من حفظ سر صديقه .
القول والعمل
1 – لكل عمل حينه ، فإن لم يكن في حينه فلا حسن لعاقبته .
2 – الجزاء من جنس العمل .
3 – لايتم حسن الكلام إلا بحسن العمل .
4 – لكل مقام مقال .
5 – السكوت من ذهب ، وأفضل خلة العلم السكوت .
6 – من تكلم فيما لايعنيه ، سمع مالايرضيه .
7 – إذا تكلمت بالكلمة ملكتني ، وإذا لم أتكلم منها ملكتها .
8 – لسانك حصانك إن صنته صانك .
9 – لن تندم على مالم تنطق به قط .
10 – لايتم العلم إلا بالعمل .
السلطان سلطان السلامة
1 – خير السلاطين من عدل في الناس .
2 – ثلاثة هن أصفار : المرأة التي ليس لها بعل ، والأرض التي ليس فيها ملك ، والنهر الذي ليس فيه ماء .
3 – أربعة لاينبغي أن تكون في الملوك : الغضب والبخل والكذب والعنف .
4 – من خلق الملك إذا عضب لايسأل أحد .
5 – رأس الحزم للملك معرفة أصحابه ، وإنزالهم منازلهم على على منازل طبقاتهم .
السطان والشوري
1 – إن من لا يستقتم معهم القول والعمل : المعجب بنفسه، المستبد برأيه .
2- إن أفضل ماحفظ المالك ملكه ، وثبت به سلطانه ، وكرم به نفسه هو الحلم والعقل ﻷنهما رأس الأمور مع مشاورة اللبيب الرفيق العالم .
3 – إذا كان للملوك فضل في مملكتهم ، فللحكماء فضل في حكمتهم أعظم من الملوك ؛ ﻷن الحكماء أغنياء بالعلم ، والملوك أغنياء بالمال .
4 – إن الحكيم لا يخبر إلا بالخير ، والجاهل يشير بصده .
5 – العاقل لايقنط من منافع الرأي ولاييأس على حال ، ولايدع الرأي والجهد .
الوزراء والأعوان
1 – يزداد الملك برأي وزراءه استبانة ، كما يزداد البحر بمجاوره من الأنهار .
2 – لايكون رجاء العمل بكثرة الأعوان ، ولكن بصالح الأعوان .
تكمن أهمية الكتاب أنه كان أحد أسباب نجاة البلاد من الهلاك وظلم الملك ، كما أنه يعد من أولى تجارب الترجمة عن اللغات الأخرى .