مهنته طبيب أسنان
يسعدني حواري معه ، وسأكون على الحياد فشهادتي مجروحة به ، جمعني به منبر واحد ، ونشاطاتنا المشتركة ، ومواقف كثيرة تكللت بالضحك ، والحزن ، والمآساة
مؤسس ومدير الملتقى الأدبي في بانياس
عضو مؤسس في جمعية بانياس الثقافية
شاعرٌ من الطراز الأول
والقصة دائماً مولودة جميلة حين ينسجها
حروفه تحاكي واقعه المرّ لعمره الذي أمضى نصفه في خدمة العلم منذ اندلاع الحرب السورية ، ماإن أنهى خدمته التي دامت ثماني سنوات وقرر فتح عيادته مرة أخرى ، حتى قرر الرحيل بشهادته كطبيب ليعمل في بلد غير بلده ، ليؤمن احتياجات أسرته ، وهاهو يعود مرة أخرى لغربة تغرس أنيابها في روحه ، قبل جسده .
الدكتور الشاعر ، والقاص
شادي عمار ضيفي لحوار اليوم ، فأهلاً بك ومرحباً في نفحات القلم
دكتور شادي
كنت أتمنى لو كان حوارنا على طاولة واحدة ككل جلساتنا السابقة ، لذلك اسمحلي بداية أن أشكر الفضاء الأزرق الذي قرّب المسافات ، وجمعنا مرة أخرى في حوار
تستحق أن نذكرك دائماً
إنساناً ، وكاتباً
مرة داخل وطنك حين كنت في ميادين القتال ، ومرة عندما اضطررت للهجرة والعمل خارج وطنك
ماهي الأشياء التي يحن إليها الدكتور شادي عمار
س1- لمحة عن الدكتور شادي عمار
سوزانا وأنت سيدة التراتيل والكلمات التي تدور في فلك المخيلة، وسيدة العمل الشاق والوفاء لمشتركاتنا التي لاحصر لها… لاأشعر في حوارنا هذا بالتحفّظ مثلا…
فأنا ابن طبقةٍ متوسّطة كانت لها ميزاتها الفريدة في ثمانينات وتسعينات القرن المنصرم، قبل ان تتلاشى تماما في العشرية الثانية من القرن الحالي!! أمي مديرة مدرسة عتيقة، وفي مكتبة المدرسة الابتدائية على ضآلة الكتب الموجودة آنذاك، قضيت الوقت في انتظار أمي على قارعة الكتب، أقرأ من باب التسلية، لكنها تسليةٌ خطرة!! عالم الكتب يغير موروثاتك ومعتقداتك كلها، بل يقتلعك من محيطك الذي توارثه الآباء، ويرميك بعدها كائنا من فضاءٍ سحيق، بعقليّةٍ وأفكار ترتطم مع أبناء جيلك الأصغر من ظلوا اوفياء للموروث والسائد فتبدأ المعاناة والعزلة…
كتبت ورسمت أول قصّةٍ مصوّرة وأنا ابن ثمان، تأثرت وقتها للغاية بفوازير رمضان للرائعة شريهان، ووسط عالم الألوان الذي تداخل مع ضياعٍ كرّسته الكتب بدأت الكتابة تتسلل من بين أصابعي…
تدرّجتُ في المراحل الدراسيّة الأربع حتى التخرّج من كلية طب الأسنان في خريف ٢٠٠٣، كانت القصة حتى ذلك الوقت زوجتي المخلصة التي تحضّر لي مزاجي وتبوح لجمهورٍ متخيّل بما أسرّ به!
أما مقتنياتي الشعرية فكانت متواضعة وظلّت القصة سيدة بيتي الأدبي حتى واقعة ٢٠١١ التي زلزلت كل شيء!!
س2- تذكير بالملتقى الأدبي في بانياس ومتى تأسس
لن أنسى أكثر محطاتي ضوءاً، وقت اجتمعنا صيف عام ٢٠٠٨ لنعلن تأسيس أول ملتقىً يعنى بشؤون الأدب والفكر، أعتقد وقتها أنه الأول من نوعه ليس على مستوى بانياس، بل سوريا بأسرها! كننا وأنتِ من المؤسسين والمشاركين وتعرفين صدق مااقول… مجموعةً من المجانين للصراحة!!! ففي بلدٍ لايُرخّص فيه لأي منظّمةٍ الا برعايةٍ حزبية أو تصريحٍ أمنيّ آنذاك، كان عملنا الفتيّ ضرباً من الحماقة! حماقةٍ استعذبناها بعذاباتها واثمرت ملتقى واظب طيلة عقدٍ من الزمان على استضافة أدباء وفعاليات ونشاطات ألهمت الكثيرين، وأثمر الملتقى عن ولادة جمعية بانياس الثقافية التي مازالت رغم كل العراقيل تتابع عملها وآمل لها من ابتعادي القسري هذا الاستمرار!!!
ومازال الملتقى هو الأب والملجأ الذي يحضننا وقت شدائدنا التي لاتنتهي… لذا لم نخرج يوماً من عباءة الملتقى… كان وصار ومازال حلماً قد يغيب لحظة لكنه قيد التحقّق والحقيقة!!
وهنا لا أنسى ان أشكرك… سوزانا أنت بجنونك الذهبيّ مازلتِ تلهبين العزائم التي خارت في زمان الخراب! وكل يوم تنفخين في نار الملتقى المقدّسة، تلقين فيها بحمولتك من بخور الإبداع ليضوع هذا العطر القديم لشغفٍ حاول الزمان طمسه!!
الملتقى الأدبي في بانياس هو تعبنا ، ولاأبالغ إن قلت قبلتنا ووجهتنا
أما إدارة الملتقى فقد مرّت بأطوار عدّة، وخضعت لتغييرات وتجاذبات، كأي كائنٍ حيّ يحبو، ثم يمشي، هكذا حتى يبلغ الحلم، لكنّ العمل الأدبي يبقى حلما لايُبلغُ، بل نعيش الحياة على جنبات الطريق إليه، وأرى أن في استقرار إدارته لديك سوزانا طوق نجاة!! تغيبنا جميعاً وحضرتِ أنتِ لتبقين ضوء نهاية النفق وجمرةً توقد هشيم يأسنا فنحترق لنبقى لا لنفنى!!
هوواجبي تجاه الملتقى الذي تبنانا جميعاً ، وهي مناسبة لاشكر الإعلامية منيرة احمد ونفحات القلم للمتابعة الإعلامية للملتقى
أعود لأكمل طرفاً من سيرتي ومفصلاً هامّا في صيرورتي الأدبية! فقد أفقت من هول الفجيعة وقد غادرتني القصة وتلبسّني شيطان الشعر!! الشعر في نزقه ولهاثه ومزاجيته بات صديقي اللدود. القصة برأيي تحتاج شرفةً أنيقة في ليلةٍ صيفيّةٍ منعشة، وبجواركِ فنجان قهوةٍ وقطع حلوة، تكتبين بتأنٍ وتغمركِ السكينة!! فكيف لي أن أوفّر كل هذا وقد أودى بي حظّي العاثر إلى مشاكل ماليةٍ، غيرت مكان عملي على إثرها، وبعدها استدعيتُ للاحتياط…
س3 كيف تنسق بين عملك وأنت في الغربة ، وإدارة الملتقى
هذه الأحداث متسارعةٌ بحيث تقترب من كونها انفجاراتٌ في عمق الروح، وعواصف همجية تذرر وتمزّق كل أناكِ القديمة.
هذا المناخ القاسي يناسب الشعر، أبو الآداب بل أجرؤ على القول أنه أبو الفكر الإنساني بأسره، هذا الكائن المتجذّر في الوجدان يبقى عصيّا على الاقتلاع، كما قد يحارب، يطبّبُ… وهو الصراخ الوحيد الذي تواجهين به كل هذه البذاءات الوقحة!!!
في الحقيقة منيرة أحمد لايفيها إسهابٌ أو مجازٌ حقّها! هي فارسةٌ أتت من كوكب الشهامة! سيفها ابتسامةٌ عذبةٌ وصهوتها حضورٌ مسهبٌ في الجمال!!
ولقد اتهمتُ بأني لاأُفهم!!! وهذه التهمة سبقني إلى قفصها الكثيرين.
س4- متى يزور الوحي شاعرنا
في الحقيقة أكتب مايعتمل في داخلي بما ملأتُ به مخزوني اللغوي عبر السنين، أعجزُ عن الكتابة بطريقةٍ معدّلةٍ أو أفصّل نصّي على مقياس الفهم الشائع!!! هذا إذا وُجد هكذا مقياس. بكلّ الأحوال لله درّ الألم!! فقد جعلنا جميعاً في عمقٍ واحدٍ وسحيق، لذا… يطيب لي أن أدعي بأنّ كلماتي باتت مفهومة وأن أرض من لايفهموني ارتطمت بأرضي وبات دمارنا سهل الترجمة والفهم!!
أما زيارة الوحي الشعريّ فتأتي على دكنةٍ وإثر وجعٍ مباغت!! يتطوّر الجرح في الليل، ينمو ويتمدد على مساحات الروح، فتنزّ منه الكلمات. الشعر حزنٌ مكتوبٌ، أو فرحٌ على شاكلة حزنٍ!! لذا تخطفني الكتابة الليلية إلى قلاعٍ موغلةٍ في الأسى مهما بدت من حولها الحدائق والجنان زاهية.
س5- رأي الدكتور شادي عمار في قصيدة النثر
و/ققج/القصة القصيرة جداً
رأيي في قصيدة النثر و ق.ق.ج أنهما بنتان لاشرعيّتان لأبٍ سكّير هو الشعر!! الشعر لايعرف الأجناس لكننا نحن من نخطف بنيه ونسميهم عمودا أو تفعيلة او حرّا أو ومضة… يجب أن نبحث عن الشعر في إبداعنا الخاصّ كي نستحقّ القراءة، وإلا نغدو مثل أسماء الأجناس الأدبية، عناوين لامغزى لها سوى ضيقها ووحشتها!!
س6- في رصيد الدكتور شادي عمار قصائد تطبع أكثر من ديوان ، ومجموعة قصصية
فماالذي يمنع أن نقرأ ورقياً له
مانع الطباعة كان أولا ماديّا تحوّل لاحقاً إلى شكّ عميق فيما كتبت!! صراحةً بعد كل عربدة هذه المحرقة التي نعيش في أتونها، يغدو النظر إلى كتاباتي الماضية مؤلماً وفيه خذلانٌ ما! وهنا انصح مطلق كاتب إلى المسارعة بنشر مايتسنّى له قبل توقف قلبه الدوريّ نهاية كل فترةٍ من فترات حياته، فبعد كل موت يصبح التلفّت للوراء كارتكاب خيانة للحياة الجديدة!!
س7- شارك في الديوان المشترك
مع مجموعة شعراء من سورية والعراق
/حمائم السلام بين دمشق وبغداد/
حبذا لو تحدثنا عن هذه التجربة ، وأثرها في نفسك
(حمائم السّلام بين دمشق وبغداد) أثرٌ راقٍ ضمّ إلى جانبي ثلاثة شعراء أزهو بأن كلماتهم تلثم كلماتي وقت تُقلّب صفحات الديوان! والشّكر موصولٌ للمتابعة الحثيثة من الراقي والجميل كرار، الذي شجعني على المشاركة واختار قصائدي ثم صمم وأنشأ الكتاب بشكله الإلكتروني، وكم آمل أن أراه يوما ما من ورق!!
س8- لوتحدثنا عن الحنين بما أنك جربت الغربة مرتين
(مرة داخل وطنك حين كنت في ميادين القتال ، ومرة عندما اضطررت للهجرة والعمل خارج وطنك
ماهي الأشياء التي يحن إليها الدكتور شادي عمار)
الحنين هو الارض التي ينبت فيها الحزن، ونهاية الحصاد تبكي الأرض والطيور التي اعتادت على المنجل الذي يجزّ الأحلام!! في خدمتي الاحتياطية جربتُ حنيناً مختلفا، الحنين للسكينة!! في الحقيقة عثرتٌ على مفهومٍ صادمٍ للحنين!! هو الشوق لأن تعود فترى أن كل شيء بات أحسن، بمعنى أنه لم تتبق المعاناة القديمة الجديدة. وقد… تحنّ إلى المعاناة.
لكن الفضل لخدمتي العسكرية التي كشفت لي كواليس الحنين وبتّ أعرف فداحة الحنين … ولمن يوجّه
نرى كثيراً شهادت التقدير الالكترونية وغيرها من امتياذات وشهادات فخرية وخاصة تلك المسبوقة بحرف /د/ مارأي الدكتور شادي عمار بهذه الظواهر
حرف الدال لم يعد سحريا، بل بات مثيرا للسخرية وللشك!! لست ضد او مع منح الشهادات الفخرية، ولكن ضد التنميط!! وضد ان تضمن هكذا شهادات في السيرة الذاتية للكاتب بما يمنعه من تطوير نفسه اعتمادا على جهده الخاص الذي هو من يكرّم الكاتب حقيقة.
الدكتور الشاعر والقاص شادي عمار
صديق الكلمة والمنبر
أسعدني حواري معك
أتمنى أن يكون حوارنا القادم على طاولة واحدة ، وفي بلدنا ، ومدينتنا الجميلة بانياس
مني سوزانا نجيمة كل الأماني الطيبة ، والتوفيق
والعودة القريبة سالماً لإرض الوطن
ومن نفحات القلم كل الشكر لحضورك معنا
دمت بخير وسلام أيها الصديق الرائع .
الشاعرة والصحفية … الصديقة والمخلصة… وقبل كل ذلك الأم النبيلة لكِ كل العرفان والمحبة، ولمنبر نفحات القلم أسمى الحب