منذ أن وطأ الإمام الخميني أرض مطار طهران، أمـــر بإغـــــلاق الســـــــفارة الإسرائيلية
وانتقلت إيران من الراعي الأول للمصالح الأمريكية ــ الإسرائيلية، إلى العدو الأول لأمريكاــ إسرائيل
بقلم المحامي محمد محسن
لابد وأن يكون هناك تباينات سياسية، بيننا وبين حليفتنا الاستراتيجية إيران في بعض القضايا، فهي دولة مركزية في المنطقة، ولها مصالحها وسياساتها الخاصة، ولكن هي الآن حليفنا الحازم، في مواجهة القطب الأمريكي ــ الإسرائيلي، منذ أن وطأ الإمام الخميني أرض طهران.
هذا الموقف التاريخي، المناصر للقضية العربية الأولى ــ القضية الفلسطينية ــ دفعت الثورة الإيرانية ثمنه من أمنها ومن اقتصادها، ومن رفاه شعبها، حصاراً غير مسبوق.
كما جُمِّدَتْ أرصدتها في البنوك الغربية، والبالغة عشرات المليارات، وحرمت من بيع نفطها الثروة الأساسية لإيران، وتصدير منتجاتها الصناعية، والزراعية، وتعرضت للكثير من عمليات التجسس، والتخريب، لأنها تدافع عن أعدل قضية في التاريخ الآن ألا وهي القضية الفلسطينية.
وتحولت إيران بذلك من الحليف الأول، والأهم لأمريكا في المنطقة، في زمن الشاه، والصديق المقرب لإسرائيل، ومصر السادات، وممالك الخليج، والمعتمد الأول لرعاية المصالح الغربية في المنطق، إلى العدو الأول لأمريكا ومحمياتها، لأنها وقفت مع فلسطين.
هذا الموقف التاريخي، لا يجوز إلا أن يوضع في المقام الأول من التقدير، والإكبار، من جميع الشعوب العربية، والقوى المقاومة، التي تعتبر القضية الفلسطينية قضيتها الأولى.
هذه المواقف تؤكد بدون أي لبس، أو شك، أن من يخدم أمريكا، ويخضع لوصايتها، هو صديق لإسرائيل وخادمها، وعلى رؤوس الأشهاد، وبدون حياءٍ أو وجل، متناسياً المظلومية التاريخية التي حاقت بالشعب العربي الفلسطيني.
ولما جاءت الحروب الأخيرة، حروب (الربيع العربي)، لقتل وتدمير الدول المعادية لأمريكا ــ إسرائيل، لعبت فيها الدول العربية، وعلى وجه الخصوص، ممالك الخليج، الدور الرئيسي، في تدمير العراق، وليبيا، وسوريه، واليمن، وتزويد الإرهابيين بالمال، والرجال، والسلاح، وما علموا لو نجحت أمريكا ــ إسرائيل، وارهابهم، لكانت الممالك ذاتها، ملعباً لإسرائيل تمزقها كيفما تريد.
في الوقت الذي كانت فيه إيران الحليف القوي، والنصير الداعم، للدول العربية المعادية لأمريكا ــ إسرائيل، في جميع هذه الحروب، ودفعت ثمن ذلك الكثير من الدماء، والشهداء، ولا تزال.
كما ساهمت مساهمات أساسية في تأسيس، وتدريب، وتمويل القوى العربية المقاومة لإسرائيل، من هنا انصب عليها غضب القوى العميلة لأمريكيا صديقة إسرائيل، من الدول العربية، وغير العربية.
ولكنها لم تهنْ، ولم تتوقف عن دورها الأساس، في دعم الدول العربية المعتدى عليها، وحركات المقاومة اللبنانية، والفلسطينية، في جميع المعارك مع الارهابيين ومن يستثمر فيهم.
كما لا يجوز أن ننسى موقف إيران المتفرد، عندما وصلت داعش إلى أسوار بغداد، وماطلت أمريكا في تزويد الجيش العراقي بالأسلحة الضرورية لرد الهجمة البربرية.
بادرت إيران فوراً زمن القائد (الشهيد قاسم سليماني)، بتزويد الجيش العراقي بالسلاح، كما سلحت الحشد الشعبي، الذي شكل بفتوى من المرجعية في النجف، والذي تمكن من هزيمة داعش، ومن ناصرها، وهذه المساعدات هي التي أدت إلى تحرير العراق.
لكن النقلة النوعية المنتظرة لممالك الخليج العربي، من تحت العباءة الأمريكية، ستقود حتماً إلى أن تنتقل إيران أيضاً، من مواقع العدو الأول، إلى مواقع الصديق الأول، وهذا سيسهم في تغيير جميع الظروف السياسية، والاقتصادية وحتى الثقافية، والأخلاقية، لجميع دول المنطقة، وشعوبها.