ماهر الدنا
إنّه أفيخاي أدرعي، الناطق باسم جيش الإحتلال، وواحد من أكثر الشخصيّات الصهيونية نشاطاً عبر وسائل التواصل الإجتماعي.
يقوم أدرعي بنشر أخبار جيش العدو، كما يعمد في كثير من الأحيان إلى التعبير عن رأيه في أحداث عديدة تجري حول العالم، وذلك باللغة العربيّة، في خطوةٍ لافتة تحمل في طيّاتها العديد من الأبعاد التي قد يكون درسها جيّداً جهاز التخطيط الصهيوني، كما أنه يعبّر عن دهشته وصدماته في العديد من الحالات، كحال عناصر الجيش الصهيوني على الأرض، في فلسطين ولبنان، واليوم في الجولان.
المدعو أفيخاي، يداوم هذه الأيّام على نشر ما قد يروق لبعض العرب والمسلمين، إن تمّ النشر على صفحة أي شخص، باستثناء مسؤولٍ بجيش العدو.
كتب أدرعي ذات مرّة مصبّحاً من يتابعه (جلّهم ممن يعتبروه عدواً):
يقول صديقي المسلم
"إن نقاط الماء تثقب الصخر!
لــيــس لــقــوتــهــا
ولــكــن بتــواصــلــها..
اللهم إجعل تواصلنا
بـــــــــــــــــــر
وكلامنــا ذكــــــر
ومحبتنا في الرب
طول العمـــــــر"
***
جمعة مباركة للجميع.
شجّع أدرعي قبل يومين منتخب الجزائر المشارك بكأس العالم لكرة القدم، في خطوةٍ تتكامل مع تغريدته الصباحية يوم الجمعة، لترسم أمامنا المشهد الواضح.
ما هو هدف أدرعي وماذا يربح من صفحته وما هي دلالات هذه الحالة الجديدة؟
بالطبع لم ينشئ أدرعي صفحته هذه بهدف التسلية، كما معظم روّاد الفايس بوك، بل ليصل إلى الجمهور المعادي للصهاينة، ويتكلّم بلغة هذا الجمهور، فهي طريقة لمخاطبة عواطفهم ومحاولة صناعة رأي عام متعاطفاً مع "إسرائيل"، حسب إعتقاده. التزلّف واضح في تغريدات أدرعي، وهو ما يعكس "حقارة" الشخصية الصهيونية، التي تحاول الابتسام بشكلٍ أصفر لأعدائها لتتقرّب منهم، كمشاهد محاولة مصافحتهم للعرب في مطارات العالم.
لا يلاقي أدرعي سوى الشتائم في العديد من المرّات، ولكن خطورة الأمر هو فيما خطّطت له قيادته من خلال الصفحة، وهو زرع فكرة سهولة التواصل بين الصهاينة والعرب، ولو كان التواصل في بادئ الأمر شتائم وتحقير وهجومات هي نتيجة أفعال العدو في فلسطين وأينما اتجهت بوصلته.
سخر العالم أجمع من أدرعي قبل حوالي الأسبوعين، تحديداً يوم أسرت المقاومة "ثلاث شلاليط" في مدينة الخليل الفلسطينية، يومها راسل كثر أدرعي ليبلغوه بمعرفتهم مكان المختطفين، ليرد عليهم جميعاً بإغراءات يلهث عبرها الإجابة الشافية، لتأتي ردود الشبّان مستهزأة، فالبعض أكد له أن المختطفين بحوزة من اختطفهم، بينما أكّد آخرون أنهم بحوزة رجال حارة الضبع.
هنا بان على أدرعي سذاجته، وهو ما يعكس الشخصية الإسرائيلية التي تؤمن بسهولة نيل العرب لثقتها، فتبادلهم هذه الثقة أحياناً لتعود وتستفيق: لقد وقعنا في الفخ.
قد يدرك أدرعي أن صفحته على وسائل التواصل الإجتماعي لا تعطيه شيئاً، بل تأخذ من وقته ومن كرامته الكثير، هذا إن لم يكن قد اقتنع بعد أن لا كرامة لمحتلّ في هذا العالم. منعت في السابق دولاً عربية عدة الفايس بوك على أراضيها، أما ما عليها فعله اليوم فهو منع هذا العدو من نشر ثقافته بيننا، ولو أنه سيفشل حتماً، ولكن لا يجب عليها حتى منحه شرف المحاولة، فصباح الخير من صهيوني، لا تختلف كثيراً عن رصاصةٍ منه. في الحالتين سنُستفز، فالحقارة لا تواجه تغريداً، بل بالسلاح والرصاص والصواريخ، وثقافة الحياة بكرامة.
سلاب نيوز – القلم