عانت التجارة الزراعية السورية من ظروف الازمة الراهنة حيث بدأ حجم الصادرات الزراعية بالتراجع عام 2011 بنسبة 41 بالمئة وحجم الواردات الزراعية بنسبة 15 بالمئة ليشهد في العامين التاليين انخفاضا اكبر الامر الذي أثر على التصدير الزراعي برا نتيجة الظروف التي افرزتها الازمة في بعض المناطق.
وانطلاقا من هذا الواقع برزت ضرورة الاستفادة من البحر كوسيلة لنقل البضائع الزراعية المتوفرة في الساحل السوري وخصوصا تلك التي تعاني من اختناقات تسويقية وبناء عليها طرح المركز الوطني للسياسات الزراعية التابع لوزارة الزراعة دراسة ايجاد كوريدور زراعي سوري شرقي قابل للتوسع لاحقا لتلبية الطلب في الأسواق الشرقية على المنتجات الزراعية السورية القابلة للتصدير.
ويشير رئيس قسم التجارة في المركز المهندس محمود ببيلي إلى أن النقل البحري وسيلة فعالة اقتصادياً تحقق التبادل التجاري للسلع المصدرة والمستوردة.
ومن بين الأساليب المختلفة للنقل البحري الزراعي يشير ببيلي إلى أسلوب النقل المسمى بـ /تدحرج إلى / تدحرج من/ وتستخدم به سفن كبيرة لحمل شاحنات ذات عجلات وخلافاً للسفن الأخرى تمتاز هذه الطريقة بصعود الشاحنات المحملة بالسلع الزراعية إلى سطح السفينة ثم نزولها في المرفأ المقصود وهذا ما يوفر في الوقت ويقلل احتمال تلف السلع الزراعية المشحونة.
وثمة تجربة عربية ناجحة في هذا المجال هي تجربة الكوريدور الأخضر 2002 الذي تم تنفيذه بين مصر والاتحاد الأوروبي على شكل مشروع ممول أوروبيا حيث نتج عن المشروع زيادة كبيرة بالصادرات المصرية من الفواكه والخضار إلى إيطاليا وعبر إيطاليا إلى أوروبا وهذا ما يعزز امكانية تطبيق مثل هذا
المشروع في الدول المتوسطية الأخرى إن توفر له التمويل اللازم.
ويبين ببيلي أن فكرة الدراسة اقتراح كوريدور بحري أخضر سوري يربط المرافئ السورية بنظيراتها بالدول الشرقية الصديقة مما يتيح تصدير السلع الزراعية السورية بسهولة ويسر ولا سيما تلك التي يوجد فائض منها ويحتاج إلى تصريف سريع كالحمضيات أو تلك التي يمكن تطوير إنتاجها إذا توفرت قناة فعالة للتصريف كما انها تقدم مقترحاً عملياً لربط مرفأ اللاذقية بمرفأ نوفوروسيسك الروسي بواسطة كوريدور أخضر على أن يتم عرض المشروع في حال تبنيه من قبل الجهات المعنية على جهات مانحة أخرى للمساهمة بتمويله وتنفيذه.
ويبين ببيلي انه تم اعتماد طرق منهجية وعلمية للتأكد من النتائج الإيجابية لمشروع الكوريدور البحري الاخضر وخلصت إلى” وجود معنوية قوية على رفع مستويات التصدير الزراعي السوري إلى الدول التي تملك شواطئ ومرافئ بحرية”.
ويوضح ببيلي أن النتائج كشفت أيضا عن “وجود تأثيرات متوسطة وقريبة إلى الكبيرة لعامل /افتتاح خطوط نقل بحري/ على نمو الصادرات الزراعية السورية” وبالتالي يمكن القول إن تأسيس خطوط للنقل البحري هو عامل مهم ويساعد فعلياً على تنمية الصادرات الزراعية السورية.
وتشير إحصائيات وزارة النقل إلى وجود مجموعة من السلع الزراعية التي يجري الاتجار بها عن طريق النقل البحري وحسب الشركة العامة لمرفأ طرطوس فإن أهم السلع الزراعية المستوردة عبر المرفأ هي الموز وأهم السلع الزراعية المصدرة هي زيت الزيتون والتفاح والفستق الحلبي كما تبين جداول مرفأ طرطوس استيراد كميات مختلفة من الحبوب ومشتقاتها والرز والسكر والمواد الغذائية والخشب وتصدير كميات أخرى من الحبوب والقطن والمواد الغذائية.
أما بيانات مرفأ اللاذقية فتوضح تصدير كل من القمح والكسبة والبذور والحبوب والبقول والتبغ والقطن والجلود فضلاً عن سلع أخرى واستيراد كل من الحبوب ومشتقاتها والسكر والرز والمواد الغذائية والخشب وسلع أخرى متنوعة.
وفي إطار الإعداد لمثل هذا الخط تناقش دراسة مشروع الكوريدور البحري الأخضر كما يذكر ببيلي مفهوم قرى الشحن البحرية وهي عبارة عن مجمع موحد لكل خدمات وتسهيلات النقل والشحن للبضائع بما في ذلك مستودعات وبرادات التخزين وتجهيزات التعبئة والتوضيب والفرز بالتنسيق مع الجهات المعنية كالجمارك والمرافئ ووزارة الزراعة والإصلاح الزراعي والاقتصاد والتجارة والصناعة والصحة والنقل والداخلية وتعمل بنظام دقيق يضمن دقة وسرعة النقل والشحن للبضائع مع التوفير في الكلف.
ولإقامة قرى الشحن في سورية فوائد منها وفقا لبببيلي دعم حركة التصدير والاستيراد وتسهيل المعاملات وإجراءات الشحن المتعلقة بهذه النشاطات وذلك بإنشاء مجمع مكاتب ومستودعات مجهزة بأحدث التقنيات وتأمين مرافق شحن عالية الدقة تلبي متطلبات العملاء ودعم نمو وتطوير الانشطة التجارية والصناعية في سورية وتعزيز دورها كموقع ترانزيت استراتيجي في الشرق الاوسط من خلال استقطاب مكاتب ارتباط اقليمية لشركات دولية واستقطاب رؤوس الأموال والمستثمرين.
ويلفت ببيلي إلى أن إقامة قرى شحن في سورية تواجه تحديات أهمها وجود قرى شحن منافسة قوية في دول المنطقة العربية وصغر حجم أسطول النقل البحري وعدم كفاءته وضرورة الحصول على عدد كبير من التراخيص من جهات حكومية وصياغة القرارات واصدار التشريعات والقوانين لاقامة قرى الشحن وتنظيم قطاع النقل والشحن في سورية ليصبح بمواصفات عالمية وعدم توفر التمويل او الاستثمارات الكافية اضافة الى اقامة مرافئء جديدة وتوسيع المرافئ الحالية وزيادة طاقتها المتاحة لنقل البضائع المستوردة والمصدرة.
ويحتاج نجاح مشروع الكوريدور البحري تطوير الاسطول البحري السوري ليكون جاهزا للمساهمة في تنمية الصادرات الزراعية البحرية السورية والعمل على تاسيس خطوط بحرية ثابتة تربط مرفاي اللاذقية وطرطوس بموانئء الدول الشريكة تجاريا ولا سيما الدول الشرقية والعمل لتامين التمويل اللازم والتخطيط لانشاء قرى شحن بحرية قريبة من ميناءي اللاذقية وطرطوس بهدف تسهيل توضيب البضائع المصدرة وتجهيزها داخل قرية الشحن والعمل على تأسيس مشاريع تصديرية زراعية جديدة.
سانا