ويبقى السؤال الجامعُ لكلّ الأسئلة والمُبرر لطرحها جملةً وتفصيلاً هو التالي :
ما الذي حدا بمبدع الأكوان إلى إبداعها بالذي هي عليه ، ولأيّ غايةٍ فعل ذلك !؟
وتأتي الإجابةُ همساً في داخلي .. ( كنتُ كنزاً مخفيّاً .. فأحببتُ أنْ أُعرف ، فخلقتُ الخلق لكي يعرفوني ؛ فبي عرفوني ! )
حينها فقط أدركتُ أنّي خزانةُ الأشياء ، ومستودعُ الوجود ، وعليّ المُعوّل في تضمين الأشياء وحفظ أسرارها .. وأنني أغتربُ عن الأشياء بمقدار ما أغتربُ عن نفسي ، وأتصالحُ معها بمقدار ما أتصالح مع نفسي ، وأعرف الأشياء " أشياء السماء والأرض" بمقدار معرفتي لنفسي ، ومن هذه النقطة تبدأ رحلتي مع الموجودات التي أسعى لتمثُّلها في ذاتي ، فما منْ شيءٍ خارجُ ذاتي ؛ إلا وهو مضمونٌ فيّ ومُحتوىً في داخلي !
فلهذا ولأكثر منه أجدني مُلزمٌ بأنْ أبدا رحلتي المعرفيّة من نفسي .. وبالمقابل فإنّي ما عرفتُ شيئاً عن شيءٍ في الوجود ؛ إلا وأسعفتْني تلك المعرفة بوضع يدي على معرفة شيء كنتُ أجهله في نفسي .. ! وأخلصُ إلى نتيجةٍ مفادها : ( إنّ على الإنسان إنْ أراد أنْ يقهر جهلَه ، ويُسقط إبليسه ، فيسترد علمه الكامن في وجوده ؛ أنْ يكون حفيّاً ورحيماً بكل ما في الوجود من الأشياء والمخلوقات .. ! )