تقع مدينة عمريت التاريخية على بعد سبعة كيلومترات إلى الجنوب من طرطوس، وتبعد 700 متر عن البحر، وتمتد آثارها على مساحة تقارب 6 كيلومتر مربع، ويجاورها التل الأثري الذي يقع شرقي المعبد، والذي يبلغ ارتفاعه نحو 17 متراً. واسم "عمريت" أو "أمريت" هو الاسم الكنعاني القديم، وقد دلت التنقيبات الأثرية التي جرت في التل على أن عمريت تأسست في العصر الأموري، وقد ذكرها مؤرخو عصر الإسكندر المقدوني باسم "ماراتوس" باللغة اليونانية ووصفوها بأنها مدينة مزدهرة جداً، ولعلها أكبر مدائن الشرق، وسماها المصريون "عمروت"، وقد لفتت أنظار الباحثين إلى مدينة "صمورو" التي كانوا يتوقعون وجودها على الساحل.
إلا أن أهم أوابدها المعبد المنحوت ضمن الطبقة الصخرية المطلة على نهر مارانياس، ويعود تاريخه إلى القرن السادس ق.م، وأظهرت التنقيبات عناصر معمارية غاية في الأهمية في هذا المعبد، وكشفت عن أبعاده البالغة 56.33 × 49 متراً، كما بلغ ارتفاعه ثمانية أمتار ومقاييس بركته 48 × 38 متراً. وكان للمعبد باب كبير يقع في الجهة الشمالية، مقابل باب الهيكل المركزي الذي يتوسط البركة، وعلى جانبي الباب برجان يقودان إلى أروقة المعبد للطواف حول هيكله المركزي بواسطة الزوارق الصغيرة حيث بلغ عمق البركة ثلاثة أمتار. بالإضافة إلى مذبح صغير لتقديم الأضاحي أمام الباب الكبير، وكرس المعبد للإله "ملقارت" وهو الشافي من الأمراض. ومن الأوابد المهمة التي عثر عليها أيضاً الملعب الذي بقي منه قسم بطول 230 متر والواقع على منحدر الضفة اليمنى لنهر عمريت، ومدافن عمريت المنتشرة على مساحة كبيرة، وقد استخدمت هذه المدافن لسكان عمريت وسكان أرواد الذين استخدموا اليابسة لدفن ملوكهم وحكامهم. ومنها المدافن العائلية المنحوتة بالصخر والمعروفة لدى عامة الناس بـ "المغازل" ، وهي عبارة عن مدافن هرمية يبلغ ارتفاعها أربعة أمتار اسطوانية الشكل وذات قاعدة مكعبة، ووجدت فيها لقى جنائزية يعود تاريخها إلى القرن الخامس والأول ق.م، وهناك أيضاً المدفن القببي الذي يبلغ ارتفاعه 9.5 متر وهو أقدم من المدفن الهرمي. أما مستودع المقدسات فهو هضبة صخرية معروفة باسم المقلع، وعثر بين أنقاضها على تماثيل حجرية محطمة تجسد بمضامينها تقديمات نذرية للمعبد. وتنتشر أيضاً في الموقع البيوت المنحوتة بالصخر.
وتعد عمريت من أهم المواقع الأثرية المنتشرة على طول الساحل السوري، وكان لها إسهام حضاري بارز دلت عليه آثارها المتنوعة.