ناجي صفا-سلاب نيوز
منذ أسابيع والصحافة الإسرائيلية تسرّب معلومات وتقدم تحليلات وتنشر آراء لمحللين استراتيجيين ومسؤولين سابقين وحاليين، حول أعمال حربية محتملة سواء مع حزب الله أو مع حماس في غزة. وزير الإستخبارات الإسرائيلية ارانوفيتش يلمح الى احتمالات حرب جديدة على غزة وأنّ الحرب قادمة لا محالة، ويتكرر الحديث عن سيناريو دخول قوات حزب الله الى الجليل، يظهر ذلك على ضوء تحولات تشهدها الساحتين السورية والفلسطينية.
حتى الآن المشروع الإسرائيلي في جنوب سوريا يواجه بفشل كبير رغم محاولات إقامة الحزام الأمني على غرار حزام انطوان لحد في لبنان.
في الموضوع الفلسطيني ثمة تحولات تشي بأنّ المفاوضات انتهت الى غير رجعة، وأنّ السلطة التي استخدمتها "إسرائيل" على مدى عشرين عامًا لمصلحتها ولمصلحة استراتيجيتها قد انتهت بعد فشل الإعتراف بدولة فلسطينية في مجلس الأمن ما اضطر السلطة للتوقيع على خمسة عشر معاهدة دولية من بينها اتفاقية روما التي تعني الإنضمام الى المحكمة الجنائية الدولية الأمر الذي يؤدي الى ارتعاد فرائص "إسرائيل"، جرّاء جر ضباطها وجنودها ومسؤوليها الى المحكمة الجنائية الدولية ومحاكمتهم كمجرمي حرب.
على المسار السوري ما برح الجيش العربي السوري يسجل انتصارات ممنهجة، استنادًا الى نظرية القضم التدريجي لمواقع منتقاة، تصب في خانة استكمال حصار المسلحين على عدد من المساحات في حلب ودير الزور والحسكة وشمال شرق حمص وريف حماه وحتى في جزء من منطقة درعا بالإضافة الى ما يستكمل في محيط دمشق وبخاصة في منطقة جوبر، هذه المنجزات الميدانية سيكون لها تجلياتها على المستوى السياسي الذي يسير ضمن هارموني منتظم ما بين سوريا وروسيا وايران، وضع ذلك ما سمي بالمعارضة في حالة إرباك ومحاولة رفع منسوب الشروط بالتنسيق مع السعودية بشكل رئيسي، التي تخوض سباقًا محمومًا مع الحراك الروسي وتعمل على إفشاله بالتنسيق مع الولايات المتحدة وحلفاء آخرين. تحاول السعودية الآن ان تدفع مصر لتتصدر الواجهة وتحاول ان تكسب السبق في الإمساك بورقة المعارضة والحديث عن حل سياسي.
على المستوى الأوروبي لم تعد اوروبا تتحدث عن ازاحة الأسد عن السلطة بعد ان اكتشفت استحالة ذلك نتيجةً لميزان القوى على الأرض من جهة، ونتيجة للتطورات التي شهدتها المنطقة لا سيما بعد تطورات داعش والمخاطر التي باتت تشكلها على الأمن العالمي وليس أمن المنطقة فحسب، هذا الموقف الأوروبي بدأ الحديث عنه والتعبير على مستوى الإتحاد الأوروبي في اجتماعاته الأخيرة رغم ما يغلي في صدور بعض قادة الإتحاد من حقد على الرئيس الأسد وتمنيات بإزاحته، لكن البعض بات اكثر واقعية وبراغماتية بعد قراءة التطورات ومخاطرها من جهة، وميزان القوى على الأرض من جهة أخرى.
بدوره الرئيس الأميركي الذي بدأت ولايته تؤذن بالأفول دون أن يتمكن من ترك بصمة تخلده، بدأ الوقت يداهمه بعد فوز الجمهوريين وتسلمهم بعد ايام دفة الكونغرس بمجلسي النواب والشيوخ، يجد الرئيس اوباما نفسه مدفوعًا لتحقيق بعض الأمور قبل مغادرته مع بدء العد التناقصي لولايته في البيت الأبيض، وبسبب سيطرة الجمهوريين بأرجحية المحافظين الجدد الذين اذا ما عادوا لتسلم السلطة في الإنتخابات الرئاسية في العام القادم فربما يعيدون الكرة التي باشرها جورج دبليو بوش لا سيما أنّ أخاه جيب سيكون من بين أبرز المرشحين.
لذا يجد أوباما نفسه مدعوًا لإنجاح المفاوضات النووية الإيرانية، ما سينعكس إيجابًا على بقية ملفات المنطقة حكمًا. سيكون على أوباما إنجاز بعض التسويات بما يحفظ المصالح الأميركية ولا يخرجه من المولد بلا حمص، لذا سيكون للموقف الأميركي بعدم الحديث عن ازاحة الأسد انعكاسًا على الحل السياسي الذي يجري تطيير رسائل عالمية وإقليمية حوله.
يدرك الروسي المعوقات التي تنتصب في وجهه ومحاولات إضعاف موقفه بالضغط عليه اقتصاديًا، عبر الإستمرار بتخفيض أسعار النفط ، لكن طول النفس الروسي الإيراني السوري يجعلهم يراهنون على سقوط اوراق الضغط عندما تتحول الأوراق ذاتها الى اوراق عكسية بدأت تنعكس على اقتصاديات الدول المستخدمة لها.