حوار منيرة احمد – مدير موقع القلم
– الشعر يعيش بداخلها تلاوة جميلة
تكتب للجمال -تكتب للانسانية – للاوطان التي تحبها شامخة عزيزة
انها الشاعرة التونسية العربية المتميزة مفيدة بلحودي ومعها ننصت نقرأ ليكون كلامها هو المقدمة والبيان –
1 كيف تقدمين نفسك للقرّاء؟
مفيدة بلحودي شاعرة تونسية عصامية من مدينة القيروان مدينة الشعر والشعراء.
وعلى حدّ عبارة الدكتور والشّاعر التونسي والعربي الكبير منصف الوهايبي: "هذه شاعرة تونسية أخرى تفد على المشهد الشعري عندنا. بلغة شعرية متوهّجة. وهي تحاول أن تكتب عالمها الحميم…وأن تلامس الأشياء قريبها وبعيدها باللغة. وكأنّ لا قريب في هذه النّصوص الذي نحن به، إلاّ من خلال علاقته ببعيد ولا ببعيد إلاّ من خلال علاقته بقريب."
لي مجموعتين شعريتين:
بهرة الضّوء /1
عبير الغمام /2
ولي مجموعة شعرية ثالثة. هي عبارة عن مخطوط شعري. سيكون هدية للمرأة العربية وتحديدا المرأة الريفيّة، التي تكافح من أجل أبنائها نجدها تشتغل في الحقول في الصيف والشّتاء.
2 تولد القصيدة… نحرّضها أم نستجديها؟
يقول الأستاذ جمال الدين الشابي في تقديمه لمجموعتي الأولى بهرة الضوء: "وينبض الشّعر مادام الإنسان ينبض أن نكتب شعرا هو أن نصغي للحياة في نبضاتها."
الكتابة هي حالة إصغاء دائمة وهي سفر ورحيل. أحيانا تحرّضني القصيدة أن أكتبها. وأحيانا أخرى أستجديها حين تستعصي عليّ اللغة للتّعبير عن شيء ما بداخلي. إنّ القصيدة هي حالة وجوديّة متجددة، آسرة تفاجئني في كل الأوقات والأمكنة. أطوّع من خلالها اللغة للحفر عميقا في أرض صخريّة صلدة. كي ينبت النصّ بين مفاصل اللّغة زيتونة ضوء. فكل نصّ جديد هو عبارة عن ولادة جديدة ومختلفة عمّا سبقتها.
3 يقول أوسكار وايلد: من يقرؤون معاني الجمال في آيات الجمال هم الأصفياء هم رجال الإنسانية كيف تقرئين هذه المقولة؟
الشّعراء هم الأصفياء. وهم رجال الإنسانية في هذا العالم المتغيّر. فهاجس الشّاعر جمالي بالأساس. حتى يكون قادرا على ملامسة الواقع. وتحويل كل ما هو يوميّ الى موضوع جميل.
4 مالذي تحرّضه فيك هذه المرحلة؟
الوطن العربي وطن مرهق ومتعب حدّ البكاء. لقد فقدنا كثيرا من هويّتنا وانتمائنا العربي الإسلامي وتتالت هزائمنا وانتكاساتنا.
أكتب لا لأغيّر هذا العالم فحسب وإنّما أكتب لهذا الجمال القابع في ذواتنا.
أكتب لأوطاننا الجريحة والشّريدة والمشتّتة هنا وهناك.
أكتب لفلسطين ذاك الجرح الأبدي.
أكتب لطفولة دمشق النّازفة ولأحلامها التي يبعثرها الظلم فوق سواحل الموت. وكذلك لبغداد وكل بلداننا العربية.
أكتب لهذه المرأة العربية المناضلة والكادحة لأجل أطفالها ووطنها.
أكتب للحبّ والسّلام.
أكتب لهذا الوجود الجميل حتى يكون أجمل بنا.
5 ما المسافة بينك وبين قصائدك؟
القصيدة هي مشكاة تضيء من داخلي. وهي إشراقه شعرية تعزف شهد الكلام من روح الشّاعرة. لذلك لا مسافة بيننا.
6 الشاعر من غير حب؟
أعيش مع نصّي حالة حبّ متناهية. لا يفهمها إلاّ القارئ المحنّك لتفاصيل اللّحظة الإبداعية. من خلال ملامستي لجميع الجوانب الفنيّة كالصّورة الشعريّة واللّغة والموضوع.
7 يقال لكلّ مبدع طقوسه. تعليقك؟
ليست لدي طقوس معينة. وإنّما دائما إلى جانبي ورقة وقلم أدوّن عليها بعض الأفكار حتى لا تغادرني فجأة.
8 حدّيثينا عن حضور الأدب المغاربي في دول المشرق العربي
أعتقد انّه حضور محترم من ناحية التّجارب الابداعية الفريدة. وما حصول بعض الشعراء التونسيين على عدة جوائز عربية عالمية، دليل على أهمية المبدع التونسي في هذه الأمسيات الثقافية الرّائدة.
9 يقول ابن ربيعة (يرقعن الكوى بالمحاجر ) إنها المرآة … هل كوت ؟…أم أنها مجرّد تلوين كتابي لديك؟
أرى العالم من خلال القصيدة فهي امتداد لصراع أبديّ لكل متناقضات الحياة من موت وحزن وفرح وشوق وحب… فالقصيدة هي مرآتي العاكسة لعدّة مناخات فنيّة. فهي السّحر والموسيقى التي أكتشف من خلالها بهجة النصّ والعالم بطريقة مغايرة. من خلال إعادة التأمّل بالرسم بالكلمة وسموّ وانسجام فنيّين وتواصل حميمي بيني وبين العالم.
10 الحضور في المنابر الثّقافية على امتداد الوطن: ماذا يشكّل بالنسبة إليك؟
الحضور في المنابر الثقافية والتواصل مع جهابذة الإبداع في تونس وفي الوطن العربي. له قيمته المنعكسة إيجابا على التطور في أسلوب الكتابة ولإثراء التجربة. ولكن على المبدع أن ينتقي حضوره في هذه المنابر الثقافية حتى لا يسقط في الرداءة.
قصيدتك التي أنجبت كل قصائدك فكانت أم إبداعك …؟ 11
كل قصائدي هي عبارة عن حيرة وجوديّة. أحاول من خلالها أن تكون زاخرة بكل أساليب الإبداع والتميّز. لذلك هناك علاقة تواصل واتّصال بين جميع النّصوص. تتمحور كلّها حول الوطن والحبّ والحلم والحياة بنفس قوة الإحساس وحضور الرّمز. وفي هذا المجال يقول الرّوائي التونسي إبراهيم درغوثي متحدّثا عن مجموعتي الشعرية الثانية: "…وديوانها الجديد"عبير الغمام" هو عبارة عن متتاليات من القصائد النّابضة بالألم والأمل، تسلّمك الواحدة منها إلى الأخرى فلا تكاد ترتوي حتى تطلب المزيد."
12 هديتك للقارئ ولموقعنا القلم شعرا ؟
شكرا لموقع القلم على إتاحة هذه الفرصة الجميلة. وإليكم هذا النص هدية متواضعة لقرّاء الموقع.
حصـان طـــروادة
***********
قلت الليلة
سأقتفي أثر الغيم
هذا المنغلق على الأفق
يكتب على لوحه المحفوظ قصّته
تفلت من حلمته المطر
تستجمع لون نافذة
تغفو في غيبته
وتمضي بي نحو قمر
إلى شرفته
أَسْقُطُ بين أيدينا نجمة هامدة
تطرق أبواب النصّ
خلف أسوار النّهد والشّام
ضيّع الصّبح زهرته
واللّيل وما وسق
ينفض عنه بعضا من رغبتنا
رأيت سمرقند عند اشتداد شهوتنا
تنزل من جمرتها
عارية من البروق والحرف
خُلِقَتْ من حمإ مسنون
تجمع ريش آهاتنا
لا خطوات لي
سوى دبيب الماء على شفتي
يستريح فوقها الشّجر
وضفاف تستحي من لهفة الماء
يسقط فوقها النّهر
أنا العائدة من ظمئي
ومن حدائق بابل وحلب
وصحراء الموت تزحف نحوهما
تمحو من سمائنا ضوء كثيرا
هي ذي لغتي تخرج من طين
فحولتنا
تستدرج الحبر
تسلمه مفاتيح البيت
والحصان الخشبي
وصوت الظلّ المكتهل
بين أنامل الورد
هذا العائد من غوايتنا
يبتسم للأرض
مندلقا يسقط
فوق سرّتها
يخلع عنها ألوانا من الشّجن
منذ عمرين ونصف مدني
نائية عنّي
وعن التفّاحة
وعن قِبْلَتِنَا
كنّا نلتقي عند النّبض
وللحبّ ذاكرة مغرورة
توقظ فينا حكمته
طوّحتنا فيها ريح من جلد
من منّا لا يعلم وشاية
حصان طروادة
بوطن كان يشرب معنا
قهوتنا المرّة
والكأس مسموم في فوهة الرّعد
وفي ضجيج فجيعتنا
يرمي أحلامنا التي يبست للّيل
كي ينهشها الذّئب
وتأكلها الحرب
مفيدة بلحودي