…..المقـاومة المسلحة هي الحــل لهـزيمة اسـرائيل وأمريـكا……..
…………………كيف وضع الســــادات أوراق الحـــــل بيـــد أمريـــكا ؟……..
…………………سيحول محور المقاومة [ قرار ترامــب ] إلى فرصــة ؟……..
بقلم المحامي محمد محسن
……………للتاريخ وللحقيقة أقول :
في المؤتمر القطري لحزب البعث الذي عقد بعد حرب / 1967 /في بلدة الكسوة بريف دمشق " في اللواء سبعين " الذي عقد لمناقشة ارتدادات الحرب النكسة ومنعكساتها ، وبعد نقاش حاد بين رأيين ، وقف أحد المناضلين المشهود له بالشجاعة والحكمة ، ليقول : " لا يمكن الانتصار على اسرائيل بالحرب العسكرية التقليدية ، لأننا لا نقاتل اسرائيل لوحدها بل نقاتل أمريكا التي تقف وراءها ، فان خسرت اسرائيل دبابة تهديها أمريكا عشر دبابات من خلال جسر جوي ، فأمريكا كانت ولا تزال تحرص على تزويد اسرائيل بأحدث الأسلحة ، بما تحافظ على تفوقها على جميع الدول العربية مجتمعة لذلك أقترح : " تحويل بعض فصائل الجيش إلى وحدات خاصة صغيرة خفيفة متنقلة ، تعمل خلف خطوط العدو ، مع الحفاظ على الجسم الرئيسي للجيش موحداً ، وأردف هذا المناضل قائلاً : وأنا مستعد لقيادة أول فصيل مقاتل خلف خطوط العدو " اذن كنا نعرف منذ عقود أن أمريكا هي عدوة العرب ، قبل اتخاذ ترامب هذا القرار المجنون ، ولم تكن في أي يوم من الأيام مع قضايانا العربية ، وهذا يؤكد أن العرب حلفاء أمريكا [ هم عرب أمريكا ] .
………………..ـــ كنت حاضراً هذه الجلسة ـــ
.
ولقد صدقت نبوءة هذا الرجل المناضل بشقيها ، أولها : ان اسرائيل مخفر أمريكي متقدم ولا يمكن الفصل بينها وبين أمريكا ، فكل منهما تتخادم مع الأخرى ، ثانيهما : أن النصر على اسرائيل هو انتصار على أمريكا أيضاً ، وهذا لا يتم إلا من خلال المقاومة ،
لم يكن هذا الرفيق نبياً ، بل كان قد قرأ الصراع بيننا وبين اسرائيل بشكل دقيق ، وصحيح ، وموضوعي ، أي أدرك بحثه الصادق أن أمريكا ليست حليفة اسرائيل وليست ظهيرها فحسب ، بل تشكل اسرائيل جيشاً متقدماً للغرب الاستعماري بشكل عام ولأمريكا بشكل خاص ، كما كانت دائماً الخنجر الذي يحركه الغرب في خاصرة العرب متى أرادوا ، لذلك استولدوها لتقوم بهذه الوظيفة وذلك الدور ، فكانت وفية لكل ما عُهد لها من مهمات ، إلى الحد الذي جعلت فيه المنطقة في حالة عدم استقرار طوال العقود الماضية ، لذلك فالمقاومة الشعبية هي الحل .
أراد عبد الناصر ، والبعثيين في سورية آنذاك ، أن يثأروا لخسارتهم الحرب التقليدية المدوية ، التي أصابت حركة التحرر في المنطقة بمقتل عام / 1967 / ، فأعلنوا تحالفهما الجدي ، وكان الاتحاد السوفييتي جاهزاً لتزويد الجيشين بكل ما يُمكنهما من الانتصار ، وبدأ الجيشان استعدادهما الحثيث ، ولكن المنية عاجلت المرحوم عبد الناصر ، في يوم / 28 / أيلول الأسود ، عندما كان الملك حسين بمساعدة اسرائيل وأمريكا يُجهز على المقاومة الموجودة في الاردن .
.
استلم " سوهارتو " السادات السلطة في مصر ، وبدأ باغتيال ما أنجزه عبد الناصر لشعب مصر ، وقبل حرب / 973 / افتعل السادات سبباً لطرد الخبراء الروس من مصر ، وكانت هذه أولى الخطوات الكبيرة التي تؤكد عمالته ، وللتاريخ بعد الحرب أعلن وزير الحرب السوفييتي ، أن الاتحاد السوفييتي كان قد قرر لأول مرة في التاريخ ، إرسال طيرانه الاستراتيجي خارج الاتحاد السوفييتي لحماية سماء مصر ، أثناء الحرب وأنه سيمنع دخول أي طائرة اسرائيلية سماء مصر .
وقعت الحرب التقليدية وحقق الجيشان البطلان انتصارات تحسب لهما ، ولكن " سوهارتو " مصر السادات أعلن وقف الحرب ، وطالب بالحوار مع اسرائيل في الكيلومتر / 101 / السيء الصيت ، معلناً أن [ أمريكا تمسك ب 99 % من أوراق الحل بين يديها ] ، أي منذ ذلك الوقت سلم السادات زمام مصر لأمريكا ، بعدها فُقد التوازن في المنطقة بشكل كبير لصالح اسرائيل ، وبقيت سورية تغرد لوحدها خارج السرب الأمريكي .
.
خرجت مصر الدولة العربية الأكبر من معسكر المواجهة ، وانتقلت إلى معسكر أمريكا واسرائيل ، ثم وقع سوهارتو مصر السادات اتفاقية / كامب ديفد / ، الاتفاقية المذلة المهينة مع اسرائيل ، وتبادل السفراء .
وكان الملك حسين مليك الأردن ينتظر هذه الفرصة ، فأقدم هو أيضاً على توقيع اتفاقية وادي عربة متنازلاً فيها أيضاً ، عن الكثير من حقوق الشعب الفلسطيني والشعب الأردني ، وكان مليك الأردن كما نعلم قبل ذلك بكثير ، قد قدم أوراق اعتماده إلى الحلف ، ليس كحليف بل كعميل تابع يعيش على المعونات الغربية وحمايتها . أما ممالك الخليج واماراته وعلى رأسها السعودية ، فكانت منذ النشأة تحت اشراف وحماية بريطانيا ومن ثم أمريكا ، لذلك بات خيار المقاومة الشعبية هو الطريق الوحيد لمواجهة العدوين معاً .
الغريب أن كل هذه الاصطفافات العتيقة وراء أمريكا ، كانت مدركة من قبل كل متابع عاقل ، [ فحليف صديقك حليفك ]، أي أن اسرائيل حليف أمريكا اذن السعودية وجاراتها حليفات اسرائيل ، ولكنه حلف غير معلن ،
بكل تأكيد كان معسكر العدوان يبني آمالاً عراضاً على هذه الحرب المجنونة الدائرة الآن ، وأنها ستحقق الظروف المثلى لإشهار هذا الحلف ، لكن نتيجة الحرب جاءت بنتائج عكسية مخيبة لآمالهم ، لذلك ونتيجة لإرتدادات هذه الحرب السلبية ، كان لابد وأن تترجم إلى تغير جذري على بنية الدولتين الأكثر انغماساً في الحرب ، وهما أمريكا والسعودية .
.
ضمن هذه الظروف الاستثنائية جاء ترامب رئيساً لأمريكا من خارج الدوائر السياسية العميقة ، التي ترسم عادة السياسات الأمريكية ، بل جاء من الوسط التجاري ، الذي لم يمنحه الحس السياسي القادر على فهم التبدلات السياسية العالمية المتراكمة ، والتي من المفروض أن تشكل الأرضية الأساسية التي يجب أن يبني عليها سياساته ، مما جعله غير قادر على استيعاب أن تبدلاً هاماً أدى إلى تفلت عصا التفرد بقيادة العالم من يد أمريكا ، وبفقدانه حسن التصرف المدروس ، بدت سياساته مرتجلة ومتسرعة ، حتى تجاه حلفائه في الحلف الأطلسي ، مما أفقده الكثير من مصداقيته في أوروبا ، وبدأت الهمهمات تشكك بالسياسات الأمريكية الجديدة ، حتى باتت بعض السياسات الأوروبية تتمايز عن السياسات الأمريكية ، وبخاصة تجاه الاتفاقية النووية مع ايران ، وأخيراً قراره المرتجل بشأن نقل سفارته إلى القدس ، مستخفاً بجميع القرارات الدولية ، مما دفع جميع الدول الأوروبية للوقوف ضده .
.
لم يكن من نتائج هذه الحرب وارتداداتها ، التغير الدراماتيكي على بنية الدولة الأمريكية فقط ، بل طال مملكة بني سعود الأكثر انغماساً في هذه الحرب أيضاً ، وكانت خساراتها بحجم أدورها ، مما هيء الفرصة لتسلم [ محمد بن سلمان ] ولياً للعهد فأمسك بمقدرات المملكة بدلاً من والده العجوز الخرف ، ويمكن اعتبار ذات الظروف التي تحكمت بسياسات ترامب السريعة والارتجالية كما بيناها سابقاً هي ذات الظروف التي تحكمت بالولد الغر في السياسة ، والذي يوحي مظهر وجهه العام على علائم السفه وعدم الاتزان ، حيث أشعل الحرب وسعرها ضد اليمن الفقير والجائع ، والذي أكسبه سخط غالبية شعوب الأرض ، كما اصطنع خلافاً بين السعودية وقطر ، مزق بسببه وحدة مجلس التعاون الخليجي ، والثالثة الأشد تأثيراً فتح معركة تصفية داخل الأسرة المالكة ، فسجن أبناء عمومته والخؤولة ، ويمكن اعتبار هذه الممارسات المجنونة ، كممهدات لانهيار هذه المملكة العتيقة .
نعم كل هذه التحولات كانت نتائج ارتدادات الحرب على سورية ، وعلى اليمن ، لأن الرئيس الأمريكي والأمير السعودي لم يحسنا فهم النتائج السلبية لهذين الحربين ، التي تقتضي تقديم تنازلات توازي النتائج السلبية التي ترتبت عليهما نتيجة الخسارات التي تتالت عليهما ، ولكنهما وبدلاً من ذلك حاولا الهروب إلى الأمام فكانت تلك التصرفات الرعناء ، التي أشرنا إليها سابقاً ، والتي كان آخرها اتخاذ ترامب قراره المتسرع والذي لا يخلو من رعونة وارتجال واستخفاف بالقوانين الدولية ، وذلك بنقل سفارته إلى القدس .
.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقال دائماً " لكل ضارة نافعة " وأنا أقول هل من الممكن أن تدفع هذه الخطوة الرعناء على وجه الخصوص ، التي استفزت مشاعر جميع الشعوب العربية أن تؤدي إلى استفاقتها من غفوتها التي استمرت عقوداً ؟؟ فتشكل حافزاً لعمل شعبي عربي مقاوم مشترك يوازي الفعل الذي أقدم عليه ترامب بل يفوقه ، وذلك بأن نعيد الصراع بين العرب واسرائيل ، إلى المربع الأول ، معتبرين أن اسرائيل دولة غاصبة لكامل الأراض الفلسطينية ، كما كان عليه واقع حكم " الأبارتيد العنصري " في جنوب افريقيا ، وأن نطالب بفلسطين من النهر إلى البحر ، وتكون أداتنا المقاومة التي اقترحها المناضل من حزب البعث ، والتي حولها حزب الله إلى حقيقة واقعة ، والتي حقق بواسطتها نصرين مؤزرين على جيش الاحتلال الذي لا يقهر ، والذي أمسك بلجام اسرائيل وأوقفها عند حدها ، عندما قال لها المطار بالمطار والعاصمة بالعاصمة ، نعم لقد ثبت أن المقاومة الشعبية هي الحل ، وعلينا أن نضع الظروف التي أدت إلى ولادة [ الحشد الشعبي العراقي ] نتيجة المعاناة المريرة ، كمعيار وكثقة من أن ذات الظروف التي نواجهها الآن ، ستنجب قوىً مقاومة على مستوى الوطن العربي .
…………………الزمن القادم سيكون زمن المقاومة ؟؟……….
…………………كيف وضع الســــادات أوراق الحـــــل بيـــد أمريـــكا ؟……..
…………………سيحول محور المقاومة [ قرار ترامــب ] إلى فرصــة ؟……..
بقلم المحامي محمد محسن
……………للتاريخ وللحقيقة أقول :
في المؤتمر القطري لحزب البعث الذي عقد بعد حرب / 1967 /في بلدة الكسوة بريف دمشق " في اللواء سبعين " الذي عقد لمناقشة ارتدادات الحرب النكسة ومنعكساتها ، وبعد نقاش حاد بين رأيين ، وقف أحد المناضلين المشهود له بالشجاعة والحكمة ، ليقول : " لا يمكن الانتصار على اسرائيل بالحرب العسكرية التقليدية ، لأننا لا نقاتل اسرائيل لوحدها بل نقاتل أمريكا التي تقف وراءها ، فان خسرت اسرائيل دبابة تهديها أمريكا عشر دبابات من خلال جسر جوي ، فأمريكا كانت ولا تزال تحرص على تزويد اسرائيل بأحدث الأسلحة ، بما تحافظ على تفوقها على جميع الدول العربية مجتمعة لذلك أقترح : " تحويل بعض فصائل الجيش إلى وحدات خاصة صغيرة خفيفة متنقلة ، تعمل خلف خطوط العدو ، مع الحفاظ على الجسم الرئيسي للجيش موحداً ، وأردف هذا المناضل قائلاً : وأنا مستعد لقيادة أول فصيل مقاتل خلف خطوط العدو " اذن كنا نعرف منذ عقود أن أمريكا هي عدوة العرب ، قبل اتخاذ ترامب هذا القرار المجنون ، ولم تكن في أي يوم من الأيام مع قضايانا العربية ، وهذا يؤكد أن العرب حلفاء أمريكا [ هم عرب أمريكا ] .
………………..ـــ كنت حاضراً هذه الجلسة ـــ
.
ولقد صدقت نبوءة هذا الرجل المناضل بشقيها ، أولها : ان اسرائيل مخفر أمريكي متقدم ولا يمكن الفصل بينها وبين أمريكا ، فكل منهما تتخادم مع الأخرى ، ثانيهما : أن النصر على اسرائيل هو انتصار على أمريكا أيضاً ، وهذا لا يتم إلا من خلال المقاومة ،
لم يكن هذا الرفيق نبياً ، بل كان قد قرأ الصراع بيننا وبين اسرائيل بشكل دقيق ، وصحيح ، وموضوعي ، أي أدرك بحثه الصادق أن أمريكا ليست حليفة اسرائيل وليست ظهيرها فحسب ، بل تشكل اسرائيل جيشاً متقدماً للغرب الاستعماري بشكل عام ولأمريكا بشكل خاص ، كما كانت دائماً الخنجر الذي يحركه الغرب في خاصرة العرب متى أرادوا ، لذلك استولدوها لتقوم بهذه الوظيفة وذلك الدور ، فكانت وفية لكل ما عُهد لها من مهمات ، إلى الحد الذي جعلت فيه المنطقة في حالة عدم استقرار طوال العقود الماضية ، لذلك فالمقاومة الشعبية هي الحل .
أراد عبد الناصر ، والبعثيين في سورية آنذاك ، أن يثأروا لخسارتهم الحرب التقليدية المدوية ، التي أصابت حركة التحرر في المنطقة بمقتل عام / 1967 / ، فأعلنوا تحالفهما الجدي ، وكان الاتحاد السوفييتي جاهزاً لتزويد الجيشين بكل ما يُمكنهما من الانتصار ، وبدأ الجيشان استعدادهما الحثيث ، ولكن المنية عاجلت المرحوم عبد الناصر ، في يوم / 28 / أيلول الأسود ، عندما كان الملك حسين بمساعدة اسرائيل وأمريكا يُجهز على المقاومة الموجودة في الاردن .
.
استلم " سوهارتو " السادات السلطة في مصر ، وبدأ باغتيال ما أنجزه عبد الناصر لشعب مصر ، وقبل حرب / 973 / افتعل السادات سبباً لطرد الخبراء الروس من مصر ، وكانت هذه أولى الخطوات الكبيرة التي تؤكد عمالته ، وللتاريخ بعد الحرب أعلن وزير الحرب السوفييتي ، أن الاتحاد السوفييتي كان قد قرر لأول مرة في التاريخ ، إرسال طيرانه الاستراتيجي خارج الاتحاد السوفييتي لحماية سماء مصر ، أثناء الحرب وأنه سيمنع دخول أي طائرة اسرائيلية سماء مصر .
وقعت الحرب التقليدية وحقق الجيشان البطلان انتصارات تحسب لهما ، ولكن " سوهارتو " مصر السادات أعلن وقف الحرب ، وطالب بالحوار مع اسرائيل في الكيلومتر / 101 / السيء الصيت ، معلناً أن [ أمريكا تمسك ب 99 % من أوراق الحل بين يديها ] ، أي منذ ذلك الوقت سلم السادات زمام مصر لأمريكا ، بعدها فُقد التوازن في المنطقة بشكل كبير لصالح اسرائيل ، وبقيت سورية تغرد لوحدها خارج السرب الأمريكي .
.
خرجت مصر الدولة العربية الأكبر من معسكر المواجهة ، وانتقلت إلى معسكر أمريكا واسرائيل ، ثم وقع سوهارتو مصر السادات اتفاقية / كامب ديفد / ، الاتفاقية المذلة المهينة مع اسرائيل ، وتبادل السفراء .
وكان الملك حسين مليك الأردن ينتظر هذه الفرصة ، فأقدم هو أيضاً على توقيع اتفاقية وادي عربة متنازلاً فيها أيضاً ، عن الكثير من حقوق الشعب الفلسطيني والشعب الأردني ، وكان مليك الأردن كما نعلم قبل ذلك بكثير ، قد قدم أوراق اعتماده إلى الحلف ، ليس كحليف بل كعميل تابع يعيش على المعونات الغربية وحمايتها . أما ممالك الخليج واماراته وعلى رأسها السعودية ، فكانت منذ النشأة تحت اشراف وحماية بريطانيا ومن ثم أمريكا ، لذلك بات خيار المقاومة الشعبية هو الطريق الوحيد لمواجهة العدوين معاً .
الغريب أن كل هذه الاصطفافات العتيقة وراء أمريكا ، كانت مدركة من قبل كل متابع عاقل ، [ فحليف صديقك حليفك ]، أي أن اسرائيل حليف أمريكا اذن السعودية وجاراتها حليفات اسرائيل ، ولكنه حلف غير معلن ،
بكل تأكيد كان معسكر العدوان يبني آمالاً عراضاً على هذه الحرب المجنونة الدائرة الآن ، وأنها ستحقق الظروف المثلى لإشهار هذا الحلف ، لكن نتيجة الحرب جاءت بنتائج عكسية مخيبة لآمالهم ، لذلك ونتيجة لإرتدادات هذه الحرب السلبية ، كان لابد وأن تترجم إلى تغير جذري على بنية الدولتين الأكثر انغماساً في الحرب ، وهما أمريكا والسعودية .
.
ضمن هذه الظروف الاستثنائية جاء ترامب رئيساً لأمريكا من خارج الدوائر السياسية العميقة ، التي ترسم عادة السياسات الأمريكية ، بل جاء من الوسط التجاري ، الذي لم يمنحه الحس السياسي القادر على فهم التبدلات السياسية العالمية المتراكمة ، والتي من المفروض أن تشكل الأرضية الأساسية التي يجب أن يبني عليها سياساته ، مما جعله غير قادر على استيعاب أن تبدلاً هاماً أدى إلى تفلت عصا التفرد بقيادة العالم من يد أمريكا ، وبفقدانه حسن التصرف المدروس ، بدت سياساته مرتجلة ومتسرعة ، حتى تجاه حلفائه في الحلف الأطلسي ، مما أفقده الكثير من مصداقيته في أوروبا ، وبدأت الهمهمات تشكك بالسياسات الأمريكية الجديدة ، حتى باتت بعض السياسات الأوروبية تتمايز عن السياسات الأمريكية ، وبخاصة تجاه الاتفاقية النووية مع ايران ، وأخيراً قراره المرتجل بشأن نقل سفارته إلى القدس ، مستخفاً بجميع القرارات الدولية ، مما دفع جميع الدول الأوروبية للوقوف ضده .
.
لم يكن من نتائج هذه الحرب وارتداداتها ، التغير الدراماتيكي على بنية الدولة الأمريكية فقط ، بل طال مملكة بني سعود الأكثر انغماساً في هذه الحرب أيضاً ، وكانت خساراتها بحجم أدورها ، مما هيء الفرصة لتسلم [ محمد بن سلمان ] ولياً للعهد فأمسك بمقدرات المملكة بدلاً من والده العجوز الخرف ، ويمكن اعتبار ذات الظروف التي تحكمت بسياسات ترامب السريعة والارتجالية كما بيناها سابقاً هي ذات الظروف التي تحكمت بالولد الغر في السياسة ، والذي يوحي مظهر وجهه العام على علائم السفه وعدم الاتزان ، حيث أشعل الحرب وسعرها ضد اليمن الفقير والجائع ، والذي أكسبه سخط غالبية شعوب الأرض ، كما اصطنع خلافاً بين السعودية وقطر ، مزق بسببه وحدة مجلس التعاون الخليجي ، والثالثة الأشد تأثيراً فتح معركة تصفية داخل الأسرة المالكة ، فسجن أبناء عمومته والخؤولة ، ويمكن اعتبار هذه الممارسات المجنونة ، كممهدات لانهيار هذه المملكة العتيقة .
نعم كل هذه التحولات كانت نتائج ارتدادات الحرب على سورية ، وعلى اليمن ، لأن الرئيس الأمريكي والأمير السعودي لم يحسنا فهم النتائج السلبية لهذين الحربين ، التي تقتضي تقديم تنازلات توازي النتائج السلبية التي ترتبت عليهما نتيجة الخسارات التي تتالت عليهما ، ولكنهما وبدلاً من ذلك حاولا الهروب إلى الأمام فكانت تلك التصرفات الرعناء ، التي أشرنا إليها سابقاً ، والتي كان آخرها اتخاذ ترامب قراره المتسرع والذي لا يخلو من رعونة وارتجال واستخفاف بالقوانين الدولية ، وذلك بنقل سفارته إلى القدس .
.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقال دائماً " لكل ضارة نافعة " وأنا أقول هل من الممكن أن تدفع هذه الخطوة الرعناء على وجه الخصوص ، التي استفزت مشاعر جميع الشعوب العربية أن تؤدي إلى استفاقتها من غفوتها التي استمرت عقوداً ؟؟ فتشكل حافزاً لعمل شعبي عربي مقاوم مشترك يوازي الفعل الذي أقدم عليه ترامب بل يفوقه ، وذلك بأن نعيد الصراع بين العرب واسرائيل ، إلى المربع الأول ، معتبرين أن اسرائيل دولة غاصبة لكامل الأراض الفلسطينية ، كما كان عليه واقع حكم " الأبارتيد العنصري " في جنوب افريقيا ، وأن نطالب بفلسطين من النهر إلى البحر ، وتكون أداتنا المقاومة التي اقترحها المناضل من حزب البعث ، والتي حولها حزب الله إلى حقيقة واقعة ، والتي حقق بواسطتها نصرين مؤزرين على جيش الاحتلال الذي لا يقهر ، والذي أمسك بلجام اسرائيل وأوقفها عند حدها ، عندما قال لها المطار بالمطار والعاصمة بالعاصمة ، نعم لقد ثبت أن المقاومة الشعبية هي الحل ، وعلينا أن نضع الظروف التي أدت إلى ولادة [ الحشد الشعبي العراقي ] نتيجة المعاناة المريرة ، كمعيار وكثقة من أن ذات الظروف التي نواجهها الآن ، ستنجب قوىً مقاومة على مستوى الوطن العربي .
…………………الزمن القادم سيكون زمن المقاومة ؟؟……….