…………هــل يبــغي الحـرب، أم أنـه يرفـــع الصــوت بحثــاً عـن حـــلول ؟……
………… أو يمـكن أن نسـتدل من حالـة الصـلف هذه، أن أمريكا في مـأزق ؟……
المحامي محمد محسن
منذ أن وصل ترامب إلى البيت الأبيض، بل وقبل وصوله، وهو يرفع عقيرته الصدامية عالياً، ويحمل راية التحدي ويصرخ وبدون ملاينة أحد، ـــ كفيل في حديقة ــــ ضارباَ عرض الحائط بجميع القرارات والاتفاقات الدولية، متحدياً بصلافة الأعراف الديبلوماسية، حيث أعلن فور وصوله التخلي عن سياسات من سبقه من الرؤساء الأمريكيين، وفتح حروباً وليست حرباً مع خصومه في الداخل، ومع الأصدقاء والأعداء في الخارج، عسكرية كانت أو اقتصادية، واختار طاقماً من المعاونين يشبهونه ومن مدرسته، ( كجون بولتون ـــ المنفر والمستفز شكلاً وموضوعاً )، وباتت قرارات وتصرفات ترامب التي لا تخلو من وقاحة واستهتار، باتت الشغل الشاغل للباحثين السياسيين ، دراسةً وتحليلاً لأسباب، ودوافع، ومقاصد هذه التصريحات، والقرارات، والمواقف، وهل هي خاصية شخصية، أم هي تعبير عن مأزق تعيشه امريكا، وما هي منعكساتها على الداخل الأمريكي، وعلى علاقات أمريكا الدولية، وعلى مستقبل أمريكا بالذات .
.
اتهمه خصومه من الحزب الديموقراطي، أنه نجح في الانتخابات الرئاسية بمساعدة روسيا، فعزز حربه الاقتصادية عليها، وتابع سياسات من سبقه في محاولة التضييق عليها، ومحاصرتها ومحاصرة الدول التي تتعاون معها، وكان دخول روسيا الميدان السوري بهذه القوة، قد نزل على أمريكا كالصاعقة، وجعلها تصاب بصدمة، دفعتها لتعيد حساباتها ـــ وتعد للأربعين ـــ وتستنفر كل طاقاتها وأدواتها، لأنها باتت في مواجهة ميدانية مباشرة مع الضد التاريخي، لذلك كانت قراراتها الأخيرة مترددة بشأن خروجها من سورية، مرة يعلن ترامب أنه سينسحب ثم يعود عن قراره معانداً حليفهم أردوغان ، ولكن مع حالة من التشدد والمتابعة للحرب الاقتصادية، مع فقدان كبير للآمال .
.
أرسل وزير خارجيته ـــ بومبيو ـــ إلى لبنان مهدداً فأرعد وأزبد وهدد الدولة بالويل والثبور وعظائم الأمور، في حال تعاملها مع حزب الله، وكان ” الرفيق” ترامب قد اتخذ قراراً بأن حزب الله ارهابياً، فشكرته السعودية على هذا القرار وهللت له، وللموقف السعودي هذا منطقه، فحزب الله يقاتل حليفتها اسرائيل، التي تضمن وجودها السعودية ، كما صرح بذلك ترامب نفسه، ولكن الرئيس عون أجاب [ لا.. حزب الله حركة مقاومة ]، أما حزب الله فنزل إلى ساحة التحدي، ولكن الصيحة الكبرى جاءت عندما أعلن ترامب أن [ الحرس الثوري الأيراني ] حركة ارهابية، هنا رقص الخليج وهلل للقرار، بشيوخه ، وملوكه، وأمرائه، لماذا كل تلك الأفراح والليالي الملاح لأن الحرس الثوري بات جيشاً قوياً، تتهمه أمريكا بأنه قتل لها /600/ جندي في العراق، وأنه هو من قام بدعم وتسليح، العديد من حركات المقاومة في العراق وغيرها، والأهم أنه بات على حدود اسرائيل بشكل مباشر، وكانت مساهمته في قتال داعش في العراق وسورية فعالة، الوحش الذي صنعته أمريكا ، ثم قررت احتواءه بعد أن كسر عصا الطاعة .
.
ليس هناك أي مبرر للاستغراب من قرار أمريكا بوضع الحرس الثوري الإيراني، وحزب الله اللبناني، والحشد الشعبي بكل فصائله في العراق، وأنصار الله في اليمن، على لائحة الارهاب، فهي بذلك لم تقدم جديداً، بل حددت القوى التي تعاديها، والتي ساهمت بخساراتها في المنطقة، وملاحقة أدواتها وأزرعها، مما ملأ قلب ترامب غيظاً، وقيحاً، فهي لا تزال تشكل خطراً وجودياً على جنودها ومصالحها في المنطقة، وعلى حلفائها، وأنصارها، وبخاصة اسرائيل، التي وضع حزب الله لوحده حداً لغطرستها
ملوك وأمراء” عرب” ( حراس ) يثيرون الشفقة رغم عيشهم البازخ، ولكنه الفارغ الخارج عن كل القيم الانسانية، لأنهم من جهة ينطقون بما يلقنهم السيد الأمريكي الحامي، ومن الجهة الثانية يجهلون التاريخ والجغرافيا والحاضر والمستقبل، فهم كانوا ” كخيال المآتا ” لا يفكرون كيف سيكون عليه حالهم لو تسيدت اسرائيل على المنطقة، فهل سيبقون ملوكاً ؟ وهل ستبقى السعودية دولة واحدة ؟، أما اسلامهم فلقد باعوه للشيطان، واحتفظوا لأنفسهم بالطقوس، وإدارة الحج ، واستبدال كساء الكعبة سنوياً، كما استبدلوا عداءهم لإسرائيل بالعداء القاتل لإيران، وهذا هو المقصد والمبتغى، وتركوا للشيطان حق تخريج قطعان من الارهابيين على مذهب محمد بن عبد الوهاب، لقتل السوريين الذين كانوا لهم إخوانا في الاسلام، أما اسرائيل فلقد باتت كعبتهم والمحج، وحمايتها من قبل ملوك النفط فرض عين، هكذا هي ممالكهم وهذا هو دينهم وديدنهم وهذا ما أمر بتنفيذه ترامب .
.
أمريكا تهدد وتزبد ضد ايران، لكنها كالنمر الجريح الذي خسر جميع معاركه، فهي تعتبر إيران عدواً لأنها أعلنت ومنذ قيام الثورة أنها ضد اسرائيل، ليس هذا فحسب بل لأنها رفضت أن تشارك في خط الغاز ( نابوكو )، الذي كانت تهدف أمريكا من خلاله منافسة الغاز الروسي في أوروبا، علماً بأن ايران تملك ثاني اكبراحتياطي عالمي في الغاز بعد روسيا، كما انها تعتبر إيران أكبر مساهم في جميع الحروب التي خسرتها أمريكا، في افغانستان، والعراق، وسورية، ولبنان، نحن لا نقلل من قوة أمريكا وقدراتها، بل نعترف أنها لاتزال الدولة الأقوى في العالم، وكذلك اسرائيل النووية، فهي الأقوى من جميع دول المنطقة مجتمعة، فضلاً عن أنها مدعومة من الدولة الأقوى في العالم، ولكن [ العبرة لم تعد للقوة بعد الآن بل : العبرة للقدرة على التحمل أكثر ] .
.
ففي عام / 2006 / توسلت اسرائيل وقف اطلاق النار مع حزب الله، بعد حرب / 33 / يوماً فقط، ولم يكن حزب الله، حزب الله اليوم، تسليحاً، وخبرة، وعدة وعديداً، ولم يكن لإسرائيل محطات لاستخراج النفط في البحر، تحت مرمى صواريخ حزب الله، فكيف وهي كانت قد فكرت ملياً، بخطاب السيد حسن نصر الله عندما قال : ” باتت حيفا ” التي فيها خزانات ” الأمونيا ” ، وما بعد بعد حيفا، حيث المفاعل النووي في ديمونة تحت مرمى صواريخنا ؟؟ [ ففكروا ] كيف سيكون عليه واقع ” سكان تل أبيب أيضاً ” ؟؟ .
.
وقياساً على ما سبق كيف سيكون عليه واقع القواعد العسكرية الأمريكية ؟، المبثوثة في كل دول الخليج، في حال إقدام أمريكا على اشعال حرب ضد إيران !!، لأن هذه الحرب ستدمر الاقتصاد العالمي، لأن نصف بترول العالم سيقع تحت رحمة الصواريخ الإيرانية، ليس هذا فحسب بل يكفي إيران أن تضرب الطاقة الكهربائية لتجعل الخليج كله في عماء كامل، عندها ستدب الفوضى، وتسقط مدن البلور، كأكوام من الملح ، أما ملوك الخليج فكأنني أراهم يحتمون من الظلماء بالنار، وهم يولولون متضرعين إلى الله ! أن يحميهم من حمم الدولة الفارسية، المجوسية ، الرافضية، والذين هزمت جيوشهم أمام عدد من المسلحين اليمنيين الحفاة، العراة، الجوعا ، وعلى نفس المنوال من الموضوعية نعترف : أن أمريكا واسرائيل ، تملكان القدرة على تدمير ايران وسورية معاً، ولكنهما لا يتحملان ألف ألفين عشرة آلاف نعش، تصنع خصيصاً لتكفين قتلاهم، أما سكان تل أبيب وغيرها من المدن الاسرائيلية، التي ستصل إليها ليس صواريخ حزب الله هذه المرة فقط، بل ستأتيها الصواريخ من حيث لا يحتسبون، ومن كل حدب وصوب، عندها سيهرول الصهاينة يحملون ما خف حمله هاربين باتجاه السفن التي تنتظرهم في المرافىء طلباً للنجاة، لأن حركة الطيران ستكون قد توقفت نهائياً في مطارات دولة العدو، ــــ نعم العبرة في التحمل ـــ .
.
………………لذلك على العقلاء أن يدركوا أن [ لا حرباً كبيرة ضد إيران ]، ومن يحلم بغير ذلك من العملاء عليه أن يبلع ما بقي عنده من أمل، ويذهب ململماً خيباته التي لم تعد تحصى، ويلعن أمريكا، وإسرائيل، وتركيا، وممالك الأغبياء في الخليج، لأنهم منوهم بالمن والسلوى، وأن الرئيس السوري لابد راحل قبل عيد الفطر في عام / 2011 / وإذا بهم يتشردون على كل رصيف .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
.
كانت أمريكا تعتقد أنها بسيطرتها على سورية، تكون قد كونت شبكة من الدول تحت وصايتها تحيط بروسيا كالسوار، بعد ثوراتها المخملية في البلقان، والبرتقالية في جورجيا، وأوكرانيا، وكانت قد قتلت الحريري لإشعال الفتنة في لبنان، للتضييق على سورية، ثم جاءت حرب اسرائيل عام / 2006 / ضد حزب الله مخيبة للآمال، فكان ” الربيع العربي، ” الذي أريد منه أن تكون سورية بصفتها واسطة العقد، المقصد والمنتهى، لكن سارت الأمور لاكما تشتهي أو تريد أمريكا، التي بدأت سمعتها بالهبوط، وكذلك كان وضع ربيبتها اسرائيل، وباقي الملاحق والتوابع من الدول .
.
استوعبت سورية الهجمة البربرية، مع حلفائها وأصدقائها، وتشكلت دول البريكس، ، وتطورالقطب المشرقي الموازي، وضاع حلم أمريكا بمد أنبوب الغاز ( نا بوكو)، كما فقدت قطر وأمريكا حلمهما بمد خط الغاز القطري عن طريق سورية إلى أوروبا، لتنافس النفط الروسي، وبالمقابل تقرر تنفيذ خط الغاز من إيران ـــ التي تملك نصف الاحتياطي العالمي بعد روسيا ـــ مروراً بالعراق فسورية، وتَواصلَ وتَعزَّزَ محورُ المقاومة بسبب النجاحات التي حققها .
.
اعتماداً على ما تقدم نستطيع الجزم :
أن أمريكا ليست بحال يسمح لها بأخذ زمام المبادرة، وأن صلف ترامب، وخروجه عن جميع المعايير السياسية، وتحديه لكل دول العالم، ما هي إلا تعبير عن الأزمة التي تعيشها أمريكا، على جميع الصعد، والذي سيترتب عليها الكثير من الأمور الدراماتيكية وغير المعهودة ، هذه دراسة وبشارة .