أمريكا وعملاءها من الانفصاليين الأكراد ، في ورطـة البحث عن مخـرج
من يعتقد أن الوجـود الأمريكي سيبقى في سورية وكذلك التركي هو واهـم
المحامي محمد محسن
.
…………ساعــــــة التخــــــلي الأمريـــــكي عــــــن الأكـــــــراد :
.
يعتقد البعض أن أمريكا كلية القدرة ، لذلك كان من المستحيل أن تخرج من سورية صاغرة بالرضا أو بالإكراه ، ونحن نثق أنها لن تضحي بعسكري واحد من أجل حماية الأكراد ، وهناك أمثلة كثيرة على ذلك ، آخرها ترك البرزاني يلعق جراحه لوحده ، وينكفئ متنازلاً عن أحلامه ، وهو التابع الأمريكي والعميل الاسرائيلي ، وبعد حربها المديدة في افغانستان ، هي تفاوض طالبان من مواقع الضعف وليس من مواقع القوة ، للخروج الآمن من افغانستان ، وكذلك العراق الذي قادت معسكراً كبيراً من الدول لتدميره ، هي الآن في وضع الانكماش ، والوجود المحدود ، لأن الحشد الشعبي وقوى المقاومة لها بالمرصاد ، ومن البداهة أن يواجهوا هنا ما واجهوه في العراق من حالات التحدي ، والتصدي ، نعم وبكل تأكيد ستلاقي مثيلها عندما يقرر محور المقاومة ذلك .
.
كم كان مثمراً لو أدرك بعض العقلاء من الأكراد هذه الحقائق ، وبان أمريكا ستبيعهم ، أو ستتخلى عنهم عندما تسيطر النفعية على قراراتها ، ولكن الشوفينية السوداء التي ظهرت بأسوأ صورها عند قياداتهم ، والشعور بفرط في القوة نتيجة الدعم الأمريكي لهم تدريباً ، وتسليحاً ، أعمت بصيرتهم وبصائرهم ، وجعلتهم يعيشون أملاً سراباً ، فحلَّ عليهم غضب شعوب المنطقة وبخاصة الدول الأربع التي تستضيفهم ، لأنهم انتقلوا من مواقع المواطنة التي كانت تعطيهم حق المطالبة ببعض من حقوقهم ، إلى مواقع التحالف مع ألد أعداء شعوب المنطقة ألا وهي اسرائيل ، وأمريكا ، ومجنون من يعتقد أن القبائل العربية سترضخ لمشيئتهم طويلاً .
.
……….المنطـــــقة العـــــــــازلة واستحــــــالة تحـــــــققها :
.
تضج وسائل الاعلام عن اجتماعات متكررة بين الأمريكيين والأكراد ، للبحث في مدى تحقق ما يسمى ( بالمنطقة العازلة ) بين الحدود التركية وتواجد الأكراد السوريين المسلح ، والتي يجب أن يتراوح عرضها بين 25 ــــ 30 / كم على طول الحدود السورية التركية ، طبعاً وفي الأراضي السورية ، وعلى أن يتواجد فيها مراكز مراقبة عسكرية تركية .
لو كان هذا الحلم ممكن التحقيق لتحقق ، ولكن دونه مخاطر تقربه من الاستحالة ، لأن ذلك يقتضي نشر مئات المفارز التركية على الحدود السورية ، وبطول / 800 / كم ، ضمن شريط ضيق ، وهذا يجعلهم هدفاً سهلاً وصيداً ثميناً للأكراد السوريين والأتراك ، كما أن هذا يعتبر احتلالاً للأراضي السورية ، واحتلال أراضي الغير بالقوة ، في هذا الزمن بات من المستحيلات ، لأن الجيش العربي السوري الباسل والمقاومات العربية ستدمر كيانهم .
.
……إذن مــــا هـــــــو الحــــــل لهـــــذه المعضـــــلة ؟؟
.
لا حل لهذه المشكلة إلا بالتوافق التام بين سورية وتركيا ، فكلا البلدين لهم مصلحة في محاصرة الانفصاليين الأكراد ، واجتثاث هذا الحلم ، وبخاصة وبعد أن تحالف هؤلاء الأكراد الوافدين في أغلبهم من تركيا والتي استقبلتهم سورية كضيوف ، ( وببالغ الأسف تحالفوا مع أعداء سورية أمريكا واسرائيل ) ، ضد البلد الذي كان يسعى لإنصافهم ، فالجيش العربي السوري هو المفوض والقادر على تحقيق ذلك ، بعد أن تتخلى عنهم أمريكا وستتخلى عنهم حتماً ، ويمكن أن نفسر تأجيل الحسم في إدلب ، سببه ترطيب الأجواء بين سورية وتركيا .
.
….مستــــقبل الوجــــود التــــركي علـــى الأراضــــي الســـــورية ؟
.
لن نكتفِ بالقول أن احتلال أراضي الغير بالقوة لم يعد ممكناً ، بل سنضيف أن تركيا تعيش في مأزقين وجوديين :
1 ـــ خشيتها من فرار الارهابيين المتواجدين في إدلب إلى تركيا ، حيث كانت هي أرض استقبالهم ، واحتضانهم ، وتزويدهم بالسلاح ، والمخططات ، والمعلومات الاستخبارية العسكرية ، ثم ادخالهم إلى الأراضي السورية للقتال ، لذلك ستكون تركيا هي أرض الازدلاف في حال الفرار ، مما يصبح لتركيا مصلحة استرتيجية في استخدام القطعان التي يدينون لها بالولاء ، بالمساهمة في انهاء وجود القطعان الارهابية الأخرى التي تحرك من قبل أعداء تركيا ، والتي قد تفر إلى الأراضي التركية ، في حال حصارها والتضييق عليها من قبل الجيش العربي السوري ، من هنا تتوافق المصلحة التركية مع المصلحة السورية في قبر الارهاب في سورية . ولكن هذا لا يلغي رغبتها في المناورة لتحقيق بعض المكاسب السياسية .
2 ـــ السعي لإجراء حوار غير مباشر مع سورية ، ومن ثم إلى مباشر ، للتعاون مع سورية ومع العراق وإيران لقبر الحلم الكردي الانفصالي ، الذي يؤرق الدولة التركية ، لأن التواجد الكردي في تركيا أكبر بكثير من تواجدهم في الدول الثلاثة الأخرى ، وكما بينا سابقاً سورية وحدها القادرة على ردع الأكراد السوريين والحؤول بينهم وبين العون للأكراد الأتراك في أعمالهم الحربية ضد تركيا .
.
مستقبــــل الوجــــود الأمريـــكي فـــي المنـــــطقة .
.
بات الأمر متفقاً عليه أن أمريكا خسرت 95 % من الغايات الي غزت سورية من أجلها ، وبقيت لها القشرة الكردية الهشة ، فوجودها على الأراضي السورية ، الذي أعلن ترامب أكثر من مرة رغبته في الانسحاب منها ، ولكن بعض الرؤوس الحامية في أمريكا ، طلبت منه البقاء ودعم الأكراد ، وذلك لسببين :
1 ـــ تحاول المناورة والمتاجرة بهم مع تركيا ، من خلال تخويفها منهم ، سعياً وراء تشكيل ضغط يحول وذهاب تركيا خطوات أوسع في توجهها نحو الشرق وبخاصة مع روسيا .
2 ـــ الظهور بمظهر غير الخاسر لحربها على سورية بشكل كامل ، أمام شعوبها وحلفائها ومحمياتها ، الذين اهتزت ثقتهم بقدرة أمريكا على حمايتهم ، واستخدام هذه الورقة المشروخة لتشكيل ضغط عل سورية ، لعلها تحصل على بعض المكاسب ، وأن لا تخرج بخفي حنين من المنطقة .
ولكن نظرة متفحصة نجد أن ( السياسة النفعية ) هي الفيصل في تحديد السياسات الأمريكية ، أي عندما تجد أمريكا أن وجودها لم يعد مفيداً ، ستتخلى عن عملائها الأكراد ، بيعاً أو تركاً ، وهذا ما حدث للبرزاني العميل ، الذي استغل الارهاب ، والوجود الأمريكي لتحقيق الانفصال من خلال ، استفتاء صوري وتحت العلم الاسرائيلي . ولكن يوماً وبعضاً من يوم آخر ، كان الحشد الشعبي قد أطبق عليهم ، وحرق حلمهم .
.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعلى العقلاء من الأتراك والأمريكان ، أن يدركوا أن الجيش والشعب الذي قدم مئات الآلاف من الشهداء ، لن يتركهم يهنؤون على الأراضي السورية .
لكن علينا أن نأخذ دائماً بعين الاعتبار عند تحليل الواقع ، واستشراف المستقبل ، أن نضع في حسباننا أن العالم كل العالم ، يمر بمرحلة الخروج من عنق الزجاجة الذي وضعته فيه أمريكا ، وعلى الميدان السوري ستكون الولادة الطبيعية لعالم بدون طغيان أمريكي .
واتكاءً على هذا يجب أن نترك للقيادات السياسية والعسكرية السورية ، مع حلفائها الفرجة الزمنية ، التي تسمح لها بوضع الخطط ، وتحديد زمن الخلاص ، الذي نرجوه أن لا يكون بعيداً .