زحمــة الهــاربين ، وهــروب الارهــابيين ، والعــازلة ، وحــزبه المفــكك
ثلاثـة منـها حلــها بالتعــاون مـع سـورية ، والرابعـة المستقـبل ينبئ بحلها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( 3 ) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحامي محمدمحسن
……………..تركــــيا واستثمــــارها فـــــي النـــــــاتو .
استثمرت تركيا بنجاح كبير الصراع الطويل بين النظام السوفييتي الاشتراكي ، والنظام الغربي الرأسمالي ، بحكم الجغرافيا التي جعلتها تشترك مع الاتحاد السوفييتي بحدود طويلة ، مما هيأها لتكون الأرض الصالحة لكل أشكال التآمر الغربي على الجار اللصيق . كما حاول الغرب تحويل تركيا مثالاً ونموذجاً للحياة الغربية البازخة ، وذلك لدفع المواطن السوفييتي لإجراء مقارنة بين حياة ( الرفاه الرأسمالي الكاذب ) في الغرب ، وبين التقنيين السوفييتي ، ولتنفيذ تلك المخططات استثمر الغرب عشرات المليارات من الدولارات في تركيا ، مما نشط اقتصادها ، الذي كان راكداً .
……………… تركيا وفرصتها في تفـكك الاتحاد السوفييتي .
وبعد عام / 989 / تاريخ سقوط جدار برلين وتفكك الاتحاد السوفييتي ، أيضاً كانت فرصة تركيا الذهبية الثانية ، حيث استغلت وبحكم التجاور الجغرافي حاجة الشعب الروسي والدول المنفكة عنه ، لجميع الحاجات الاستهلاكية وغير الاستهلاكية ، التي كان يفتقدها السوق السوفييتي المنهار ، فأغرقت السوق الروسي بالبضائع التركية ، كما أصبحت تركيا محجاً للسياح الروس ، بعد انغلاق دام عقوداً ، مما جعل تركيا المُصدر الأهم لروسيا ، والموئل السياحي الأقرب ، مما جعلها بذلك تحقق أرباحاً هائلة .
…………. الحــــــزب الــــذي ســــــرقه أردوغــــان ،
ورث أردوغان ( حزب التنمية “اخواني العقيدة” ) الذي سرقه من مُؤسسهِ ( أربكان ) ، كما جير النمو الاقتصادي الهائل لنفسه ، فأصبح القائد المنقذ لتركيا ، ونسبت له تلك النجاحات الباهرة ، مما أكسبه قوة انتخابية واسعة على جميع الأراضي التركية ، حتى مكنته أكثريته الحزبية في البرلمان من تعديل الدستور ، وتحويل تركيا من نظام جمهوري إلى نظام رئاسي ، مطلق الصلاحية .
…………..الـردة الديـنية كـانت البيـئة الصـالحة لحـزب أردوغان .
استغل حزب أردوغان الردة الدينية في كل المنطقة ، بل وفي كل العالم ، ونصب نفسه الوريث الشرعي للحركات الإسلامية ، وبخاصة بعد هزيمة حركات التحرر ، واغتيال الأحزاب التقدمية والعقلانية في المنطقة ، الذي بدأ بهزيمة حزيران ( 967 ) ، والتي مات قبل أن يثأر لها الرئيس عبد الناصر ، في أيلول الأسود عام /970 / حيث تم تصفية المقاومة الفلسطينية على يد اسرائيل وأمريكا والنظام الأردني .
………………دور أردوغان في الحرب على سورية ، وأحلامه .
كان أردوغان الحالم الأكبر ، مع صديقه نتنياهو بالحصة الأكبر من ( الصيدة السورية ) الأول يحلم بأن يكون سلطان المسلمين من مشارق الأرض ومغاربها ، وكان يثق أنه سيعلن ذلك من على منبر الجامع الأموي في دمشق ، والثاني متأكد بأنه سيكون ( ” القيم ” المطلق التصرف ) والمعين من قبل أمريكا ، على الحكام العرب ( القصر ، السذج ) غير القادرين على تسيير أمور بلدانهم ، لذلك غرق أردوغان في الحرب على سورية حتى أسنانه ، وكذلك فعل شريكه نتنياهو .
تبخر حلم أردوغان عندما سقط ( مرسي العياط ) ( واليه على مصر ) ، مما جعله يعزز دوره في الحرب على سورية ، لأنها باتت السهم الأخير الذي يراهن عليه ، ولكن الصمود السوري جيشاً وشعباً أضاع الحلم ، وهدد البنية السلطوية ، والانتماء الحزبي ، والدور المستقبلي لأردوغان وحزبه ، وبات في حالة دوخان ـــ ليس في هذا أية مبالغة ـــ لأنه أصبح همه البحث عن الكيفية التي سيخرج منها وبأقل الخسائر ـــ ولا أظنه قادراً .
…………مستقــــــــــبل أردوغـــــــــــــان وحــــــــــــــزبه ؟
قبل أن نتناول الوضع الداخلي لأردوغان لابد وأن نشير إلى متاعبه الأربع :
ـــ النقلة إلى الشرق ، بعد أن فقد وزنه في الغرب ، لأن الشرق قادم وبقوة ، وعلى العقلاء من الحكام ـــ وهم قلة ـــ أن يبنوا استراتيجياتهم على ضوء هذا التحول التاريخي ، أما الغرب فلقد بات في مرحلة الشيخوخة ، وكنت قد أكدت منذ خمس سنوات على أن أوروبا ذاتها ستتوجه شرقاً ـــ وهذه ستتم مهما رأى المنجمون غير ذلك ـــ .
ـــ كيف يتفادي خطر النزعة الانفصالية الكردية .
ـــ الخوف من تدفق الارهابيين من ادلب إلى بلاده .
ـــ كيفية الخلاص من اللاجئين السوريون ، الذين تتزايد المشاعر التركية السلبية تجاههم .
كل هذه القضايا الصعبة يواجهها أردوغان دفعة واحدة ، وحل كل منها يحتاج إلى دولة قوية ، ومجتمع متماسك ، وأعتقد أن الكل بات يدرك حجم الخلخلة التي يواجهها نظام أردوغان ، حزباً ، ودولة .
…………………لـــــــــــــــــذلك :
من غير الممكن استمرار حزب أردوغان الاخواني الهوى ، بتماسكه ، بعد الضربات الصاعقة التي أصابت حلمه وحلم التشكيلة الاخوانية في كل العالم ، والتي قصمت ظهر هذه الحركة وإلى الأبد ، مع جميع الحركات السياسية الاسلامية ( ومن يعتقد غير هذا ، لا توقظوه بل دعوه في حلمه الميت ) ، لأن الحركات السياسية الاسلامية ، لم تمت ميتة عادية ، بل ميتة ملعونة ، ومدانة ، من كل شعوب الأرض ، بعد أن أصبحت أم الارهاب ، ومرضعته ، والذي بات على العالم كل العالم التكاتف لاستئصاله ، وبخاصة بعد فشل عملية استثماره ، من قبل أمريكا وحلفائها ، في السيطرة على المنطقة .
……………انعكاس هذا على حزب أردوغان ، حزب ( أربكان سابقاً ) .
العقبات الأربع التي أشرنا إليها ، التي تقف أمام أردوغان ، كحائط شبه مسدود ، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي المنهك ، وتراجعه الفاضح في انتخابات البلدية الأخيرة ، جعلت حزبه أولاً وجميع الحركات الحزبية المعارضة ، تحمله مسؤولية ما جرى ، من خلال تورطه في الحرب الوحشية على سورية ، التي انعكست وبالاً على تركيا .
لذلك بدأ حزبه بالتفكك ، من قبل رفاقه الأقربين ، والواقع يبشر بأربع انشقاقات ، أهمها بزعامة احمد داوود أوغلو صديقه وفيلسوفه ( صاحب فلسفة التوجه شرقاً ، وعداوات صفر ) .
لذلك سيكون أمام أردوغان فسحة زمنية غير طويلة لحل المشاكل الأربعة الكبيرة ، التي قاد تركيا إليها ، والتي أشرنا إليها سابقاً ، من خلال سياساته الرعناء .
وإلا فتركيا قادمة على تغير شامل .
ـــ سيطرة المعارضة التي تدرك أن حل جميع المشاكل التي تعترض تركيا ، حلها في يد دمشق ، وبالتعاون مع الحليف الروسي .
ـــ هزيمة حزب أردوغان الديني ، بعد هزيمة أزرعه الاخوانية في كل العالم الاسلامي .
ـــ العودة إلى الكمالية .
ـــ فتح باب الحوار مع سورية من أوسع أبوابه .