العملاء يستثمرون في التظاهر، ولكنهم لا يدركون ، أنهم خسروا مواقعهم الرئيسية
جعـجع أخذه حقده وسوء طالعه ، فذهب بعيداً في التحدي ، فوقــع في ســوء عــمله
الحـريري مـد يــده لِعَــونْ للعَـــونْ ، وجنبـلاط رفــع السـقف ، ثـم بـدأ بالمنـاورات
المحامي محمد محسن
كلنا يعرف الواقع اللبناني المعقد ، والانعزالية التي قادها بيير الجميل ، ليس بين لبنان ومحيطه العربي ، بل بين مكونات لبنان الطائفية ، وجاء ولده بشير ليأخذ لبنان إلى اسرائيل .
وهنا لا يجوز نسيان ، وتجاهل ، هذا الانجاز العظيم ، الذي يسجل لحزب الله ، الذي لم يُعد لبنان من حضن اسرائيل المعادية فحسب ، بل قال لإسرائيل مضى الزمن الاسرائيلي ، وبدأ زمن المقاومة والانتصار .
كما لا يجوز أن ننسى انسلالْ لبنان ( غير الناجزْ ) ، من تحت العباءة الفرنسية ـــ الأمريكية ، والذي يجب أن نسجل هذا الانجاز للرئيس عون ، كما نسجل به بكل اعتزاز ، تحالفه مع حزب الله ، لأن هذا التحالف هو الذي أنقذ لبنان .
فإذا أضفنا لكل هذ العقبات الشائكة المناصفة الطائفية ، والمحاصصة المذهبية المحميتان بالدستور ، والعقابيل التي تركها مقتل الحريري ، وانتقالُ قسمٍ وازنٍ من ( العرب السنة ” أنا آسف ” ) إلى العداء مع أمهم سورية ، ومن ثم دفع الكثيرين منهم وبخاصة في طرابلس الشام ، إلى الرايات السود ( داعش وأخواتها ) ، وعدم قدرتهم على العودة إلى جذورهم العروبية .
والأهم دور كل هذا وغيره في الحرب على سورية .
الاحاطة بهذه الصورة البانورامية ، وحدها تتيح لنا قراءة الواقع اللبناني المعقد ، والتي تلزمنا ، أن ينزل المتظاهرون الشرفاء إلى الواقع ، وأن يتحرزوا من العملاء ، سارقوا التظاهر المشروع ، وأن لا يرفعوا سقوف أحلامهم ، فدون ذلك عقبات كأداء ، كما أنه لا يجوز أن يعتقدوا أنها مستحيلة الحل .
لذلك أكدت في المقال السابق ، أن النقلة النوعية للشقيقة لبنان ، لابد من أن تتمرحل ، وعلى السياسيين التقدميين العقلانيين ، بادئ ذي بدء تحجيم دور السفارات ، والعملاء ، وفضحهم ، وعزلهم ، ومنعهم من استثمار التظاهر السلمي ، لتنفيس أحقادهم ، وبخاصة ( جعجع ، والجميل ، وجنبلاط ،) ، لأنهم باتوا يلعبون في الوقت الضائع ، وعلى غير هدى ، وقد يدفعهم حقدهم ، واحساسهم بفرط في القوة ، وعدم ادراكهم أن القوى الداعمة ، والممولة ، قد خسرت الكثير من مواقعها ، قد يدفعهم كل ذلك إلى ارتكاب أفعال غير محسوبة ، فيقعون في المحذور ، والمحظور ، فتحل عليهم اللعنة الشعبية ، ويقع عليهم العقاب ، الذي ينهي وجودهم السياسي ، كرؤساء لعصابات مذهبية .
ويجب على الحكومة وحتى تأخذ الذرائع من المتظاهرين الحاقدين ، والعملاء ، ورفع الحصانة عن الفاسدين ، والاسراع باستصدار تشريعات جديدة ، تقضي بتشكيل محاكم مختصة ، لمحاسبة ناهبي المال العام من الفاسدين والمفسدين .
يترافق كل هذا مع عمل دؤوب ، لتحقيق أعلى مستوى من الوعي ، والتلاحم ، الوطني الاجتماعي ، الذي وحْدَهُ يُمَكنُ اللبنانيين من الارتفاع التدريجي ، والعمل الدؤوب على ( التفلتْ ) من الارث الطائفي والمذهبي المتجذر ، والذي كان سلاح فرنسا (الأم) الأهم ، الذي استخدمته دائماً ، لتفتيت المجتمع اللبناني ، منذ تأسيس لبنان الكبير ، ومحاولة ايهام العرب المسيحيين أنهم لا ينتمون للمنطقة ، علماً أنهم الجذر الأعمق للعرب في المنطقة .
أما النقلة النوعية إلى الدولة المدنية ، فهي وبكل تأكيد مرهونة ، التغيير الجذري الذي سيعم المنطقة بعد تحقيق :
النصر العربي السوري الناجز ( القادم ) ، الذي سيبث روح التغيير ، والخلاص ، ولأول مرة منذ قرون ، لأنه سيحقق ثلاثة أمور جذرية :
1ـــ سيزيح الاستعباد الأمريكي ـــ الغربي عن سماء المنطقة .
2ـــ ستصبح اسرائيل بدون دور ، وستتوسط لدى روسيا لحل مشاكلها مع المنطقة .
3ـــ كان الفكر الديني الظلامي ، الذي ، أنشأه ، ورعاه ، وساعده ، واستثمره ، الغرب واستطالاته ، بكل تفريعاته ، من الوهابية ، والاخونجية ، وغيرها من حملة الرايات السود ، هو أداة وأسلحة الحرب التي شنت على سورية ، [ وكان قد خسر الخادم والمستخدم ] ، تكون هذه آخر صيحة للإسلام السياسي ، كأنظمة حكم ملكية ، ودعاة في الدول الاسلامية وخارجها ، بعد أن ( صور الغرب ، [ الاسلام السياسي ] وحش بمخالب يعيش على دماء البشر ) .