حــولت أمــريكا وطــحالبها الحــراك الشــعبي ، إلـى حــرب ( الفــوضى الخـلاقة )
العـالم علــى شفــى التــغيير ، إمـا بقـاء السيطرة الأمريكية ، أو ولادة عــالم جـــديد
المحامي محمد محسن
لا يجوز أبداً أن ننظر إلى الحركة الموارة لشعوب المنطقة ، من العراق إلى الجزائر، والتي تملك كل المبررات ، على أنها تحركات شعبية مشروعة ونقف ! ، بل يجب أن نؤكد أن أمريكا ، وأذرعها في المنطقة ، لن يتركوا هذه التحركات ، في اطارها المطلبي المشروع ، بل سيخطفونها ، بقصد تحويلها إلى حروب ( الفوضى الخلاقة ) .
كما وعلينا الاقرار بخبرة وقدرة الاستخبارات الأمريكية الهائلة في هذا المجال ، وبخاصة عندما يسوق لها اعلام يسيطر على الفضاء ، ويساعدهم المال النفطي الخليجي ، في تغطية نفقات التحرك ، وشراء النشطاء والمحركين الجاهزين للبيع ، هذه الأقانيم الثلاثة إذا اجتمعت ، إِعْرفْ أن ( الفوضى الخلاقة ) باتت على بابك .
لذلك كان على كل متابع ٍمخلصٍ مهتم ، أن يجترحَ التوصيف الحقيقي الذي يؤطر هذا الحراك بعد سرقته ، وأن يدل المواطن المتعب على أن أمريكا بالذات ، هي المسؤولة أولاً وأخيراً عن كل ما وصلت إليه شعوب المنطقة من جوع ، وتمزق ، وخراب ، [ من جَوَّعَ العراق الغني ، ودمره ، ومزقه ؟، من يُساند اسرائيل ؟ ، من شن الحرب التدميرية على سورية ، ويحاصرها بهدف تجويعها ، حتى وصلت قيمة الدولار إلى ما وصلت إليه ؟ ، من يمنع لبنان من التوجه شرقاً حيث خَلاصُهْ ؟ ] .
[ أليست خسارة الاستقلال ، تمنع الأمة من التدخل في سير الزمن ؟؟؟ ]
وعلى الوطنيين العقلاء يقع العبء الأكبر أيضاً ، في تحذير المواطن المتعب ، من مغبة الانقياد العاطفي وراء القطعان الذي يقودها ( مرياع ) أمريكي ، ( سواء أكان من بقايا حيتان الحريرية ، أو من أزلام جنبلاط ، أو من قتلة جعجع ، في لبنان ) ، أو ( ممن جاؤوا على الدبابة الأمريكية ، أو من جماعة مقتدى الذي خان ارث والده العظيم ، في العراق ) .
بعد هذا الاستعراض علينا أن ندرك أن هذه الحرب الاستدراكية ، ليست إلا النموذج الثاني ، أو الخطة / ب / للحرب ، بعد فشل الحرب العسكرية ، أو تكاد ، والتي تُعتبر التطبيق العملي لحرب [ الفوضى الخلاقة ] ، التي وجَدت في التحركات الشعبية ضالتها ، وهل هناك أقدر وأقذر من أمريكا لتوظيف كل خلل ؟؟.
عندما ندرك أهمية المنطقة الاستراتيجية بالنسبة لأمريكا ، وللعالم ، ندرك حجم هذا الجهد الذي تبذله أمريكا وستبذله ، لاستدراك خساراتها العسكرية ، التي منيت بها ، وأنها ستفعل كل شيء في سبيل قلب الواقع ، وإعادة سيطرتها على المنطقة بعد أن اهتزت .
فهذه المنطقة ( منطقة شرق المتوسط على وجه الخصوص ، سورية ، ولبنان ، والعراق ) ، هي المأمول الذي كان سيؤهل أمريكا في حال نجاحها ، من الوقوف دون تحقق حلم دول الشرق ( الصين ، وروسيا ) بالخروج من محيطهما الحيوي الاقليمي ، إلى العالمية ، التي من خلالها يمكن أن تنافس أمريكا على الوحدانية القطبية .
لذلك تكون خسارة أمريكا لمنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط ، ليست خسارة تكتيكية آنية يمكن ترميمها ، بل خسارة تاريخية لأنها هزت القطبية الواحدة ، وأيقظت ( روسيا ، وايران ، وباشتراك جزئي من الصين ) ـــ وهنا الأهم ـــ ، لمنازلة الحملة الأمريكية ، على الميدان السوري ، حيث أدت إلى تمدد المعسكر الشرقي على المنطقة ، بحجم الخسارة الأمريكية .
من هنا جاءت أهمية حركة ( الازدلاف ) الأمريكية ـــ الاسرائيلية ـــ العملائية ، باللجوء إلى حرب الفوضى الخلاقة ، من خلال السطو على التحركات الشعبية التي تملك كل المشروعية ، والتي تسببت أمريكا بثلاثة أرباع مسبباتها .
لذلك تكون هذه الحرب هي حرب عالمية بكل المقاييس ، لأنها
استخدمت كل أنواع الحروب العسكرية ،وها هي تستخدم ( حرب الفوضى الخلاقة ) مستغلة الواقع الذي وصلت إليه شعوب المنطقة ، نتيجة حروبها القاتلة ، وتصادر التحركات الشعبية المطلبية ، لتحقيق ما عجزت عن تحقيقه من خلال الحروب السابقة كلها .
لذلك نقول : انها حرب كسر عظم بين معسكرين :
إما أن تعود المنطقة إلى ما قبل الحضارة ، إلى البدائية الأولى ، ( دمار ، وتوحش ، وتفتيت حتى للمكونات غير القابلة للتفتيت ، واقتتال دائم على كل الأمور الحياتية ، ) ، وتسليم ( رسن المنطقة ) إلى اسرائيل بصفتها الوكيل الأمريكي المفوض ، عندها تعيد أمريكا سيرتها الأولى ، بل تذهب أبعد مما كانت في اضطهاد الشعوب .
أو تتمكن قوى محور المقاومة ، وبعون استراتيجي مركزي من ( روسيا ، وايران ، والصين ، ) من صد هذه الموجة من حرب ( الفوضى الخلاقة ) ، وتحقيق انتصار استراتيجي ، تاريخي ، يتم من خلاله تحقيق النقلة النوعية التاريخية ، وتعيد حضارة البشرية إلى مسارها البدئي الذي يجب أن يكون ، لمصلحة حرية البشرية واستقلالها .
………………….[ وهــذا يـــؤذن بميـــلاد عـــالم جـــديد ]