عندما ندرك اننا نواجه كل أعدائنا ، دفعة واحدة ، الغرب ، والعثمانية ، والاسلام الأعمى
ندرك حـــجم الخــصوم ، وأننا أمام خــيارين ، إما التـصدي والنـصر ، وإما الاستـسلام
عندها يَظهر لنا كم هو عـظيم صمـود شعبنا ، وكم هو غـال ثمن الحرية ، وثمن الانتصار
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعندما ندرك أننا نواجه لأول مرة ، منذ القرن الخامس عشر ، حرب الحرية ، أي ومنذ أن دخل تاريخنا العربي في حالة استعصاء ( مرحلة الانحطاط العثماني ) ، نقف أمام مسؤولياتنا التاريخية اليوم ، وجهاً لوجه أمام كل الأسباب التي أخرجتنا من التاريخ .
حيث استبان أمامنا بكل سطوع ودفعة واحدة ، وجهاً لوجه أمام كل أعدائنا التاريخيين ، بكل تشكيلاتهم ، وتصانيفهم ، والقوى الملحقة بهم ، أي كل القوى التي اغتالت تاريخنا ، وجغرافيتنا ، كما اغتالت عقولنا .
هذا العدو جاء يجر وراءه جحافلاً من الجيوش ، والمرتزقة ، والعملاء ، كما استنفر نسبة خطيرة من دهماء الناس ، التي عمل على ازاحتها عن منهاجها الوطني ، وأدخلوها في حالة سكر جماعية ، غاصوا بها ومعها كالقطيع في وحل المذهبية السوداء ، التي كان الغرب يسعى دائماً لتوظيفها ، لاغتيال أي نزعة عقلانية ـــ تحررية .
ولكن هذه الحرب التي نواجهها الآن ، لا تشبهها أية حرب سابقة ، لأن برنامجها التي جاءت لتحقيقه ، يُعتبر ما تم في سايكس بيكو ، مجرد لعبة صغيرة بالنسبة لها ، لأنها جاءت لتفكيك الجغرافيا ، والديموغرافيا ، لجميع الدول العربية .
وبخاصة وعلى رأس هذه الغايات تدمير سورية ، لأن سورية باتت الصخرة الكأداء الوحيدة ، التي لاتزال تقف ضد المعسكر الأمريكي ـــ الصهيوني ، بعد أن تقدمت جميع الدول العربية ، وبخاصة ممالك الخليج ، بصكوك الطاعة والولاء لإسرائيل ، وتنصيبها الوصي الشرعي لإدارة شؤون المنطقة .
وبعد تدمير سورية وتمزيقها ، كان من البدهيات ، حصار إيران ، والتضييق عليها ، وحشد كل دول المنطقة بما فيها اسرائيل ، للانقضاض عليها والفتك بثورتها .
وبذلك يصبح الإجهاز على حزب الله بشكل منفرد هيناً ، وعلى المقاومة الفلسطينية في غزة ، بعد تجفيف وإغلاق جميع البوابات التي تأتي منها المساعدات التسليحية ، والتدريبية ، والمالية .
كل هذه المهمات القاتلة التي جاءت الجيوش لتحقيها ، حصلت على مباركة وفتوى شرعية ، بقتل العرب ، من الشيخ القرضاوي بصفته الأمين العام لرابطة العالم الاسلامي , ( مفتي الناتو ) الذي أفتى (بقتل تلت السوريين ومالو ) ، والذي بارك (الناتو) وهو يدمر ليبيا ، مع الطيران الخليجي .
هذه الفتوى وغيرها جاءت من ألف شيخ وشيخ ، من كل أرجاء الوطن العربي والاسلامي ، وبخاصة من مفتي الديار المقدسة ، مفتي الحرمين الشريفين ، الذين يمثلون الاسلام المغلق ، الذي فتك بعقول مجتمعاتنا ، وصادر عقولها .
مما استنفر مئات الآلاف من الارهابيين الاسلاميين ، ومن جميع الدول الاسلامية ، ومن عشوائيات العالم ، وصولاً إلى ( الإيغور في الصين ) .
هذه الحرب المتفردة في التاريخ ، التي جاءت لتستكمل ما بدأه هولاكو عندما حرق بغداد عام / 1258 / م ، لذلك كانت العراق مسرح الحرب الأول ، حيث دمرت العراق العربي ، ومزقته مذاهباً وقوميات ، وجوعت العراق الغني .
ثم استكملت طريقها وهي لاتزال ، تعمل على تدمير ليبيا ، وسورية ، واليمن .
تعالوا لنتخيل لو لم تُكْسَرْ جذوة الهجمة الأمريكية ، في سورية ، ماذا كان سيحدث ؟؟
تفكروا وجولوا في أذهانكم ، كم سيكون عدد القتلى ، مليون ، مليونان أم عشرات الملايين ، وكيف ستسود الغوغاء الدينية المذهبية المتوحشة ، التي جاءت لتلتهم العقول وتعيدها إلى زمن المتوكل ، عندما اغتال العقل ( بقتله المعتزلة ) ، والذي جاء الشيخ الغزالي ليبارك ذاك الاغتيال بحرقه لكتب ابن رشد ، هذه مجرد واحدة .
أما الثانية فتمزيق مجتمعاتنا إلى قبائل مذهبية متصارعة ، حتى يوم يبعثون ، وتقف اسرائيل على رأس التلة ، تُسَعَّرُ القتال ، وتأمر القوي أن يأكل الضعيف .
وعندما تغتال جغرافية ، وديموغرافية المنطقة ، وعلى رأسها سورية ، وفلسطين ، هذا سيكون إيذاناً بتأبيد السيطرة الأمريكية ـــ الصهيونية ، التي لم تغتل حرية شعوبنا بل حضارة البشرية .
وعلى ضوء ما تقدم :
تعالوا لنقيم ثمن انتصارات شعبنا ، وما حققته دماء شهدائنا ، وجوع مجتمعاتنا ، وصبرها وصمودها ، انه ثمن لا يدانيه ثمن .
نعم رغم جوعنا ، وفقرنا ، وعوزنا ، ودمار مدننا ، ودساكرنا ، ما حققه صمود شعبنا !! .
سيقيمهُ التاريخ في المستقبل ، معلناً أن سورية قلب العالم ، قد أنقذت العالم مرتين ، [ عندما وهبته الحرف ] وعندما [ أنقذته من التوحش الأمريكي ـــ الصهيوني ] .