ابويوسف أبوزيد
هذه هي المرة الأولي التي أخاطب فيها حاكما عربيا ، لكن ما يشجعني هو أني أراكم دائما قريبا ، فلا تفصل بيننا السنوات الضوئية التي تفصلنا عما عداك من حكام العرب ..فكم أنت قريب سيدي ، بقوميتك ، ودماثة خلقك ، وإرتفاعك فوق الصغائر ..وتعاليك فوق الجراح.
أخاطبكم بحق التاريخ المحفور على أوردة القلب ، والموشوم علي الشرايين ، فقد رضعنا لبن الوحدة ، وبفضله إكتسبنا المناعة ضد القطرية والإنفصال ، فنشأنا لا نرى دمشق أبعد من القاهرة بأكثر من المسافة بين أصبعين بذات الكف . ونخاطبكم بحق الدم الدم الذي نتقاسم ولايته .. دم سليمان الحلبي ، وجول جمال ، وشهداء تشرين بسيناء والجولان .. وبحق الثوابت الرواسي ، وحق إستقامة الرؤى ، والرؤية المستقيمة ، وحق الهدف الذي ما إنحرفت بوصلته يوما ..
سيدي الرئيس ..
ماترددت لحظة في الكتابة إليكم ، لكني ترددت في أن يكون خطابي معلنا ، ومفتوحا كي لا يتصيد لي أحد خطأ في القصد ، وكي لا يسئ أحد الفهم
لكن ما حسم ترددي أن حبي لكم ولسوريا ، وإستقامتي النضالية ، ليست محل شك ..
فخامة الرئيس …
موجوع أنا ، ووجعي يتجاوز قدرتي المحدودة كبشر على الإحتمال ..فأسمح لي أن أخاطبكم بوجعي ..وأن أبوح لكم بوجع عن نقاط إختلافي معكم ..فأعلى صور الحب أن نبوح بمكنونات الصدور ..
١
أمس السبت ٢٠ شباط ٢٠٢١ شاهدت بنشرة أخبار ( الإخبارية السورية ) المدرعات والآليات الأمريكية وهي تدنس أرض الشرق السوري ..أعرف بحكم متابعتي اليومية بل واللحظية كل ما يخص صور العدوانية الأمريكية المباشرة ضد سوريا في شرق الفرات ، ولصوصيتها المعتادة ، ودعمها لبعض الخونة الأكراد الحالمين بكيان لن يري النور لأبد الآبدين ..ويتقاسمان سرقة قمحنا ونفطنا وغازنا ، وماضينا ، وحاضرنا ، ويروعون أهلنا الآمنين ..كانت دباباتهم وآلياتهم تطحن عظامي ، وتسير فوق جرحي المفتوح منذ عشر سنوات ..فمتى سنطردهم سيدي الرئيس ؟ .. متي نعيد للأمريكان كوابيس فيتنام ، وتوابيت فيتنام ، وأحزان فيتنام ؟ ..متى تنطلق المقاومة الشعبية التي نملك مقوماتها ؟ ..ومتى نعيد لسوريا وضعها كرقم صعب يتقدم على ألف فيتنام ، في مضمار المقاومة ؟ ..متى نشعل الأرض تحت أقدام الغزاة ، ونجعلهم يندمون على تدنيس أرض سوريا ؟ ..سامحني سيدي .. فأنا أعلم وأؤمن وأوقن أن سوريا تعرضت لألف مما تعرضت له فيتنام ..وأعلم أنكم فعلتم مالم يقو على فعله هوشي منه ..فهو لم يواجه العالم بأسره كما فعلتم ، ولم يتعرض لما تعرضت ، وتتعرض له سوريا …وأعلم أن بسوريا قادة يتفوقون على الجنرال جياب ..وشعب مقاوم منذ فجر التاريخ المكتوب ..فلماذا لا نبدأ الآن ؟ .. ما أقوله عن شرق الفرات اقوله عن شمالنا الحبيب ، عن السفاح حفيد السفاجين ، عن اللص حفيد اللصوص ، عن أردوغان الذي يجب أن تسدل سوريا الستار عليه ، وأن ترسم بعناية النهاية التي تليق بإجرامه .
٢
نفهم سيدى أبعاد الحكمة السورية في عدم الرد على العربدة الصهيونية في الجغرافيا السورية ..وأن شعار الإحتفاظ بحق الرد لا يحمل أي معنى مغاير لمعناه ..لكننا تعبنا من الإنتظار ، وإحترقت أعصابنا من فرط لهفتنا على الرد ..جربنا كثيرا الصبر ، وضبط النفس . فلماذا لا نجرب الرد ..بقوة ..بقسوة ..بردع .. لماذا لا نذيقهم بعض من مراراتنا ؟ ..فهم أجبن من أن يضرموا حربا ..وأضعف من أن يحتملوا حربا طويلة مع سوريا المعروفة بنفسها الطويل .. لماذا لا نرسي معهم توازنا للردع ؟ ..فلم يعد لدينا ما نخشاه ..ولم يعد لدينا ما نخسره سوى إحتراق أعصابنا ومرارة الإنتظار ..
٣
سامحني سيدي إن جاوزت قدري ، وتجاوزت حدودي .. فشفيعي أنني حطمت كل الحدود التي لا تجعلني سوري القلب والوجدان والوجع …