منذ أيام وبتاريخ 16 شباط 2021 وفي أثناء زيارته للوطن ، رحل الطبيب والأديب المغترب محمد طراف وبذلك تحققت أمنيته أن يموت في سورية وأن يدفن في بلدة القبو في محافظة حمص مسقط رأسه بعد غربة في فرنسا دامت أربعين سنة ونيف .
ولد الراحل في قرية القبو في ريف حمص الشمالي الغربي عام 1948 ودرس المرحلة الابتدائية وكذلك الإعدادية في البلدة والثانوية في مدينة حمص .. غادر الوطن للدراسة في فرنسا وتخصص في طب العيون ونال شهرة واسعة فعمل في أهم المشافي الفرنسية المتخصصة بطب العيون واعتمد كتابه ( زراعة العيون والجراحة المزهرية ) مرجعاً في الجامعات الفرنسية .
كتب الرواية والقصة للكبار والصغار بالفرنسية ثم ترجمت بعض كتبه للغة العربية مثل رواية ( سعدى ) و (قصص للفتيان).
وكان لديه مشروع لترجمة أعماله إلى العربية نفذ منها ترجمته لرواية ( سعدى) بالاشتراك مع الأديبة ابتسام نصر الصالح .
وفي منزله ثمة مكتبة كبيرة نصفها للكتب العربية عن الشعر العربي ، من طرفة بن العبد .. وصولاً إلى نزار قباني ولعل أشهر أعماله روايته ( سعدى ) التي كتبها بالفرنسية أولاً كما أسلفنا وترجمت عام 2010 إلى العربية ونشرت في سورية. وهذه الرواية فلسفية وعميقة الأفكار .
وقد جمعت الأديب الدكتور محمد طراف صداقة قوية مع الأديب والشاعر ورئيس وزراء فرنسا الأسبق دومينيك دو فيلبان الذي كتب مقالاً في إحدى الصحف الفرنسية عن رواية ( سعدى) لصديقه محمد طراف قال فيه :
( إن الرواية تبحث عن وحدة الروح التي جسدتها الشخصية المعقدة والعميقة للبطلة سعدى ونسجت الرواية خيوط حوار ومصالحة بين الناس والحضارات عبر اللقاءات التي قامت بها سعدى والمشاهد الداخلية للرواية ..” ويتابع دوفيلبان قوله : ” لقد أظهر المؤلف محمد طراف مشاهد وخصوصية للمواقف والحوارات والشخصيات ، مما يجعلني أتمنى أن تتحول إلى فيلم سينمائي عالمي ، لأنها تقدم الكثير من الأفكار العميقة الإنسانية وتدعو إلى تكامل الحضارات ) ..!!
و تقول الأديبة ابتسام نصر الصالح التي شاركت د. طراف في ترجمة رواية ” سعدى ” للغة العربية :” إن طراف لم يكن يريد أي مردود مادي لقاء نشر الرواية باللغة العربية بل كان الهدف أن تصل للقارئ و تشكل قيمة ثقافية و اجتماعية مضافة في المشهد الثقافي العربي .
يقول الشاعر و السياسي الفرنسي دوفيلبان في مقال آخر في ” لوموند الثقافي ” انه قد قرأ الكثير من الروايات العربية المترجمة مثل روايات نجيب محفوظ و الطيب صالح ولكن رواية ” سعدى ” لا تزال في ذاكرته لان أحداثها غير عادية فهي تحمل روحانية الشرق و عبق تراثه الدافئ و الحضارة المشرقية العربية ويشير إلى أن وصية “سعدى ” مؤثرة وخاتمة مبتكرة تمثل إبداعا روائياً للروائي محمد طراف فهي تقول إذا قدر لي أن أعيش حياة ثانية فأرجو أن أكون خرساء حتى لا أصغي لزعيق الإنسان و لا أسمع غناء العصافير و هي تسقط برصاصة غادرة من صياد محترف ” ..!!
(بتصرف عن مقال في صحيفة العروبة للأديب عيسى اسماعيل )
( لا نملك صورة للأديب الراحل )