بقلم د. حسن أحمد حسن
لبيك يا ربان سفينة الوطن… يا الساكنَ قلوب السوريين ونبض شرايينهم المتدفقة بخضاب النصر الحتمي القادم والقريب… لبيك يا المعرّش في وجداننا وضمائرنا وقناعاتنا أملاً ويقينا ًبأن شواطئ الأمن والأمان والسلامة والحياة تنتظر السفينة السورية التي أمضت أكثر من عشر سنين، وهي تصارع الأمواج العاتية، وهوج العواصف والأعاصير، والتيارات المتناقضة داخل اليم المترامي الأطراف، وفي وسط المحيط الدولي المتشابك حيناً والمشتبك أحياناً أخرى، والجميع يتطلع إما إلى إغراق السفينة فيتجه الزخم بكليته نحو أعاصير الغرب المشحونة بتغييب الإرادة وفرض استلاب الهوية، وإما بقدرة السفينة على ترويض الأعاصير وركوب الأمواج بثقة ويقين والاتجاه رغم الأعاصير وفق بوصلة لا تخطئ قط التوجه، وكيف تخطئه ومن اوغاريت انتشرت الأبجدية الأولى للعالم أجمع..
عشاق الشروق أيقنوا أن الشمس طالعة وإن تطاول الليل الحامل في ظلماته الأهوال والمخاطر، ولأنهم على يقين إن بقاء السفينة ضروري ويعني الجميع تعددت المواقف، فمنهم من رفع الصوت مطالباً بالحفاظ على السفينة، ومنهم من رفع الصوت محذراً من ويلات الإغراق، وما قد يفرزه من مآس وكوارث ستطال الجميع، ومنهم من كان جزءاً من مواجهة أسماك القرش والحيتان، والجميع بنى مواقفه على رباطة جأش ربان السفينة، وإصراره على الإبحار رغم الأعاصير والأنواء موقناً بقدرات من حملتهم السفينة على اجتراح المعجزات فكان لهم ذلك بقيادته وحكمته ومهارته ويقينه بأن الفجر سيبزغ، وبمجرد بزوغ الفجر تتنفس الحقيقة مع الصبح الطالع ملحمة الصبر والثبات والانتصار.
لبيك يا ربان السفينة ليس فقط لأنك حافظت على سفينة الوطن ومن ركب فيها حذر الطوفان، بل لأنك أشرفت على تجهيزها وتزويدها بكل ما يمكنها من الإبحار لسنوات، فكان الإعداد المسبق، والهندسة الدقيقة لداخل السفينة، وحساب إمكانية توظيف كل صغيرة وكبيرة بما يخدم الإبحار الطويل الآمن رغم المفاجآت التي قد لا تخطر على بال بشر… لبيك يا ربان سفينة الوطن الذي كرس وقته وإمكانياته وكل ما لديه ولدى الأصدقاء الذين نسج معهم علاقات التعاون الوثيق لما يخدم المواجهة الكبرى التي فرضتها تقلبات المحيط الدولي، فكانت إرادة قبطان السفينة وعشاقها الغيارى بمثابة الوقود الضروري والمطلوب للوصول بالسفينة إلى الشاطئ المأمول…
لبيك يا ربان سفينة الوطن يا قائدنا المفدى السيد الرئيس الفريق بشار الأسد لأنك وفي ذروة الصراع مع الأمواج العاتية لم تنسَ لحظة واحدة من على متن السفينة.. كنتَ على يقين أن الأهواء البشرية متعددة بطبيعتها، وأن عوامل الخوف والتردد قد تترك آثارها على بعض من بقي في السفينة، فكنتَ الربان الماهر، والطبيب المداوي، والأب العطوف، والمعلم المتابع لكل ما قد يساهم في خلق ما لا تحمد عقباه… أبدعت في التعامل مع المطبات المتعددة والخطيرة، فتجاوزتها وعينك لا تغفل عن أية مطبات جديدة يتم الاشتغال عليها في ذروة مواجهة الأخطار المتشكلة قبل موعد الوصول، وكل ذلك ذهب أدراج الرياح..
لبيك يا ربان السفينة وهي تتهادى بيقين قبالة الشواطئ الغناء المأمولة، واليوم يدرك كل من تخلف عن سفينة الوطن المباركة أنه ممن ينطبق عليهم القول: “وعلى نفسها وأهلها جنت براقش” … اليوم يلعن المتخلفون حظهم العاثر، فلا وعود المشغلين قابلة للتنفيذ، ولا أحلام اليقظة التي رسمها أولئك المراهقون المراهنون على الخارج يمكن أن تتجاوز واقع الأحلام التي سرعان ما تتبدد مع أول نظرة للعين على الواقع القائم…. لبيك يا ربان السفينة فاجترار الألم والحسرة والأسف والندامة لم يقتصر فقط على من تخلف عن الصعود إلى السفينة، بل امتد ليشمل الحيتان وأسماك القرش التي لم تدخر لحظة من الانقضاض على السفينة، ومن يفتش قاع المحيط سيكتشف كم هو حجم الأنياب المتكسرة جراء مهاجمة سفينة الوطن السوري التي لم يكتف ربانها بالعبور والوصل إلى الشواطئ غير المضطربة بل أرسى على امتداد إبحاره حواجز فولاذية تمنع أسماك القرش والحيتان من دخول المياه التي غدت آمنة ومحرمة على من كانوا يستحلون المعمورة يابسة وبحاراً.
لبيك لبيك يا ربان سفينة الوطن، فالأنظار شاخصة إليك لتنتقل بالوطن وأبنائه بعد السادس والعشرين من أيار من واقع قائم إلى واقع مطلوب حيث تعود عصافير الصباح تزقزق بأمان، ونوارس البحر تحلق مطمئنة وادعة ، وضحكات الأمل ترتسم على وجوه أطفال سورية الذين من حقهم أن يعيشوا بأمن وسلام وطمأنينة وتطور وازدهار…
لبيك يا ربان سفينة الوطن يا سيدي الرئيس الفريق المفدى بشار الأسد.
دمشق في 29/4/2021م.