نفحات قلم
محمد الدواليبي
العام 1919 شهد على عصابة خطيرة تعد واحدة من أخطر المجموعات لقتل و سرقة النساء في مدينة الإسكندرية بمصر و ذلك في فترة الإحتلال الإنجليزي على البلاد.
لجأت الشقيقتان ريا و سكينة علي همام من صعيد مصر إلى كفر الزيات و من ثم إلى الإسكندرية نتيجة الفقر الشديد في تلك الحقبة و كن يلجأن لكل الطرق التي تجلب المال كتسهيل تعاطي المخدرات و إنشاء محال سرية لتلك الممارسات والقوادة وتسهيل الدعارة و ذلك بمساعدة أزواجهن حسب الله و عبد العال و فتوة الحي الذي يسكنون فيه عرابي الصوامعي و صديقه المعلم عبد الرزاق.
بداية الجرائم و التحقيقات عندما بلغت امرأة أربعينية عن اختفاء ابنتها “نظلة أبو الليل” و التي هي بمنتصف العشرينيات من عمرها و صعوبة الأمر في البحث و التحقق إن كان اختفاء نظلة جريمة أم فرار منها نتيجة انتشار ظاهرة هروب السيدات من عائلاتهن في ذلك الوقت بسبب الفقر أو العشق وهو ما يبرر أن احتمال اختفاء الشخص لتلك الأسباب واستبعاد فكرة القتل أو الخطف و كذلك فإن الشقيقتين كن يستدرجن السيدات التي لها صلة مسبقة بهن أو يستطعن كسب ثقتهن، ولذلك كانت الضحية تدخل المنزل بإرادتها بدون إبداء أي ضجيج أو شكوك، بالإضافة لأن الشرطة لم تشك مطلقاً في كون المجرمين من السيدات و لذلك تركزت التحريات عن المشتبه فيهم من الرجال ولم يفكر أحد أو يشك مطلقاً في كونها عصابة نسائية كذلك كان أعضاء العصابة من الرجال لم يشاركوا في عمليات الاستدراج والتي كانت بالأحرى من تخصص ريا وسكينة فقط.
بعد قتل النسوة و الفتيات يقوم أعضاء العصابة بسرقة الحلي و الأموال و بيع الغنائم في سوق “زنقة الستات” فكانت حصيلة الضحايا 17 امرأة عرف منهن 14 جثة حيث يقومون بدفن الضحايا في منزلهم و ذلك في ثلاثة مناطق (حي كرموز، حارة النجاة، حارة علي بيك الكبير) و الأخير كان فيه النسبة الأكبر من عدد القتلى.
تم تنفيذ حكم الإعدام بحق العصابة في 21 و 22 كانون الأول من العام 1921 و تعد ريا و سكينة أول سيدتين يتم تنفيذ حكم الإعدام عليهن في تاريخ مصر الحديث.
هذه القصة التي لاقت شهرة و انتشار تاريخي كانت الملهم لأكثر من 12 عمل بين الكتب و المسرحيات و المسلسلات و الأفلام، العمل الأول كان بعد عام من تنفيذ حكم الإعدام و هو عمل مسرحي و تم عرض مسرحيتين أخريات في فترات زمنية مختلفة و أشهر عرض قدم على الخشبة كان من بطولة سهير البابلي، شادية، عبد المنعم مدبولي، أحمد بدير.
كذلك تحدثت ثلاثة أفلام عن قصتهن بين الكوميدية و الروائية.
بالإضافة لمسلسل إذاعي و مسلسل درامة تلفزيونية عرض عام 2005 بطولة عبلة كامل وسمية الخشاب وسامي العدل وأحمد ماهر وصلاح عبد الله ورياض الخولي، وهو العمل الوحيد الذي تناول القصة الأصلية الحقيقية للشخصيات والأحداث والوقائع.
كما ظهرت شخصيات ريا و سكينة في فيلم “الحرب العالمية الثالثة” و مسلسل “فيفا أطاطا”.
كما تم إطلاق برنامج تلفزيوني بعنوان : ريا و سكينة تقديم هالة فاخر وغادة عبد الرازق.
آخر الأعمال الفنية كان المسلسل السوري “وردة شامية” الذي استند على قصة الشقيقتين مع اختلاف التفاصيل بينه و بين غيره الأعمال و لكن فكرة العمل أساساً هي مقتبسة من جريمتهن.
أشهر الكتب الذي تحدث عنهن حمل عنوان “رجال ريا و سكينة” و صدر عام 2002 و هو الذي تم الاستناد عليه للمسلسل التلفزيوني السابق ذكره.