د . م . عبد الله أحمد
عندما تشعر أن كل شيء يحاصرك …وإن كل الروايات التاريخية التي كتبت لخداعك …وكل تراث ديني خطه كاهن في وقت فراغه كي يتمرد على الحقيقة ويعبث بعقول القطيع …وكل التحليلات حول كل الأحداث التي تصدح بها مكنات إعلامية مبرمجة من أجل تعميق الإعماء في وعيك …عندما تحاصرك الفوضى والطقوس والشعور العام …عندما تجرد من كل شيء ولا يبقى لديك سوى الانضمام إلى القطيع لتلبية حاجاتك الغريزية في الطعام و…والتكاثر ….ولكن عندما ترفض هذا الحصار الفكري والمادي فأعلم انك تحاصر الحصار …لأنك مازلت قادر على التفكير والتساؤل والدهشة ….
فقط عليك أن تسأل عند كل مفترق …لماذا أنت هنا في هذه الحالة التي تشبه الحقيقة ..إنها لعبة الحياة ؟ لعبة ..رقصة ….لأنها تمضي دون أن تدرك كيف انتهت ،ولا يبقى لك سوى التجربة وما اكتسبته كي يصقل تفكيرك في الطريق إلى رحلتك التالية التي لا أحد يدرك كيف تكون….
وعليك أن تسأل…هل حقا يكترث الكهنة في كل زمان بك؟ وهل حقا يؤمنون بالحق والعدل والقيم الأخلاقية؟ …وهم من يسوق الخراب والفتن والقتل في سبيل تحويلك إلى جثة متحركة من القطيع الذي تجمع عبر عقود …
كيف يمكن أن نسمي حالات يمارس فيها القتل والسحل والتشويه “ثورة ” ، وكيف يمكن أن نسمي من يسعى الى إمتصاص جهدك وتعبك “بالمحسن الكبير” لأنه قدم بعض الفتات إلى القطيع الذي يرعاه …
المقدس أنت …فقط عندما تفكر بصفاء وينعكس هذا الصفاء على ما تقوم به ، أما التمتمة والشعوذة والطقوس فما هي إلا وهم لكي تحيد عن الطريق …ووسيلة لها غاية … والغاية هي الجثة وليس ما أنت عليه من صفاء فكري …وعندما يفرض هذا النمط من الصفاء من قبل أحدهم عليك فأنت في الطريق إلى الهاوية…
والسياسة تدفعها المصالح …وكلما تحققت مصلحة يقودها الجشع إلى تحقيق مصالح أخرى وأخرى …والجشع يقود إلى الحروب وهكذا ضمن سلسلة لا تنتهي …إلا إذا اكتسبت قوة موازية كافية لتوليد طاقة مماثلة من الجشع ..عندها يحصل التوازن إلى حين …وهكذا …الدول ليست جمعيات خيرية …والصداقات والتحالفات مؤقتة لأنها مرتبطة بمصالح متغيرة ضمن بيئة معقدة ….أما الجمعيات الخيرية فهي أكبر كذبة تم اختراعها لتبرير نزعة الجشع لدى بعض المنافقين لتبرير الواقع الراهن وعلى حساب هذا الواقع المزري ….
إنها قسوة لعبة الحياة …ولن تكون أقل قسوة إلا عندما يتغلب الفكر على الجشع ..والروح الحية على المادة الهاربة من الفناء إلى حين …وعندما تدرك أن الأخر هو أنت …وهو ظلك ….في مركبة تبحر إلى نهاية محتومة ….وعندها الكل قد يسلك طريقه منفردا في غياهب هذا الحلم المركب المبدع ….ليصبح ترنيمة في هذا الكون المتراقص على أنغام خلقت مرة منك وفيك والى الأبد …
عندما يغلبك التفكير …تنجو ….ويغرق الكهنة
- الكهنة :كل من يتاجر بالأفكار والأديان وبقوت الناس …وكل من يتلاعب بأفكارهم كي يتحولوا إلى قطيع