حين تساءلت من أنا ولمن أفك جديلة الحب الأولى ..؟ كان ذلك بداية تاريخ مراهقتي وحبي الذي نسجته من خيوط الفجر القرمزية, فُتحت أمام سؤالي عشرات الاحتمالات بفضاءات لا حدود لها هل أنا فعلاً أنا كائن موجود يشغل حيزاً في هذا العالم المتخبط بحرائق الأحلام وتشظي الأمنيات ..؟ وهل مارست يوماً طقوس عشقي بالتآمر مع الليل حين كان يرخي ستاره على الطبيعة..؟ فأتواصل مع نجومه , أرى في بعضها رسائل مفعمة بالمناجاة والشوق, أما القمر فكنت أراه صديقاً مخلصاً يتعاطف مع قصة عشقي وأنا أكتبها بكلمات مغلفة باللهفة وكأنها سيرة ذاتيةلعاشقة نبتت براعم الحب في قلبها بعد منتصف الخريف فكان دليلي وقدوتي أراه دائماًشاباً في ربيع الحلم مفعماً بالحيوية. تمنيت ذات انتظار أن أعيش الربيع في لون الخريف البرتقالي وأن يكون هو رسولي إلى ذلك الامرئي الذي أنتظر لقاءه قبل بزوغ الشيب على صدغي. أم أنني وهم وجود لخيال..؟ أم لسحب أتقنت لعبة المطاردة مع الريح حتى بت مثل خيط الفجر ينسل من قلب الظلام, فأيقنت أنني كنت أعلم منذ البداية أنني لا أعلم شيئاً وإنما كنت ألهو أتوهم مثل سكير عاقر الخمرة حتى تهيأ له أن جميع الكؤوس دنان خمر تتراقص له يشده طعم اللذة إليها فراح يبحث عن الفجر في قميص الليل أو ربما كان ينتظر عند حافة لهفته مرور سحابة ليروي عطشه الأبدي إلى حياة يحدد هو معالمها آفاقها مساحة اللذة فيها وحدود الشفق, وجاءني سؤالي الآخر الذي أصبح من سيرتي الذاتية: أين أنا من حريق الحلم..؟ بل من حلم يراودني بكل ألوان الغواية ويحاصرني كسجين ينتظر استيقاظ النجوم ليرى في إحداها وجه أمه وفي الأخرى وجه حبيبته.
*حمص – حسنة محمود