أهديها إليكِ صديقة وأختاً غالية الأستاذة عشتار غضبان
شمشون
لهفي على تلكَ العهودِ تصرّمَتْ
فخبا بنا لهَبُ الشبابِ المُوقَدِ
جاءَ الخريفُ ببردِهِ وصقيعِهِ
فالروضُ قفْرٌ منْ شَجيِّ مُغرِّدِ
وتهزُّني ذِكراك مثلَ بلابلٍ
تشدو على وترِ الحنينِ الأوحدِ
ما كنْتِ إلاّ مَرابعاً لِمشاعري ,
ومناهلي , ومناسكي , ومواجدي
وتلوحُ لي عبرَ الدموعِ عيونُها
فأكادُ أبكي للصدى المتردِّدِ
ذهبَ الزّمانُ بحُبِّنا ومِراحِنا
فالعمرُ قفرٌ منْ نديِّ الموردِ
أسفي على عهدِ الشبابِ وقدْ مضى
فالروضُ قفرٌ كالخلاءِ الأَجردِ
وإخالُني أَصغي إلى نغماتِ ذا
كَ النايِ عبرَ السّاحرِ المتأوِّدِ
وتمرُّ بي الذِّكَرُ الحنونةُ مورِداً
أشتاقُ -يا عُمري- لذاكَ الموردِ
أقتاتُ مِنْ ألقِ الصباحِ قوافياً
وأهيمِ في جمرِ اللظى المُتورِّدِ
وأضمُّ كالمفتونِ آياتِ الضُّحى
وألفُّ قدّاً كالحريرِ الأملدِ
أَشْتَمُّ عِطرَكِ في البراري , في الربا
في كلِّ نسمٍ ذاعهُ الجيد0ُ الندي
وأكادُ أسمعُ نغمةَ الضوءِ التي
رفّتْ على ناي الجمالِ المفردِ
وأكادُ ألمحُ كالطفولةِ باسماً
في كلِّ طلعةِ مشرقٍ مُتجدّدِ
وطني حملتُكَ كالتميمةِ لائذاً
بِعُلاكَ خشيةَ مِنْ عيونِ الحُسّدِ
وطني تَخذْتُكَ معبداً أخلو لهُ
في وَحدتي كالناسك المُتَوحِّدِ
وطني وُلِدْتُ معَ الروابي شامخاً
فعشقْتُ عزّكِ مِنْ بدايةِ مولدي
وتَخذْتُ أفياءَ الروابي خلوتي
ومِنَ الأصائل للحبيبةِ مَوْعِدي
بلدي الحبيبةُ كيفما دارَ الهوى
وبمُقلتي لو تُتْهمي , أو تُنجدي
عاودْتُ حُبَّكِ بالجوانحِ , والنُّهى
والذِّكرَياتِ , بلحنِ كلِّ مُغرِّدِ
في ساعِ طُهري هائماً مُتعبّداً
في كُلِّ ناحٍ مِنْ رِحاب المعهدِ
وطني حملتُكَ في يمينيَ رايةً
وعلى جبيني َ شُعلةً لم تَخمَدِ
وطني حببْتُكَ مُخلِصاً ,مُتأمّلاً
حُبَّ العميدِ الوالهِ المتهجّدِ
وطني عشقتُكَ, قصّتي لاتنتهي
منكَ الوفى , ولكَ الوفي ْ الصّبُّ الصّديْ
وحَّدْتُ حُبّكَ مَعْ دمي , ومشاعري
وبغيرِ حُبِّكَ لنْ يكونَ توحُّدي
بأبي سهولَكَ , والذُّرا وجباهَ أبطا
لٍ أذلُّوا في حِماكِ المُعتدي
يا موطني مازالَ نصرُكَ هاجسي
أشدو لأمجادِ النبيلِ الأصيدِ
مازالَ عِزُّكَ هاجسي في يقظتي ,
في هجعتي , في خلوتي , وتفرّدي
أنا ما فَتِئْتُ على هواكَ مُعمّداً
وبغير ِ مائكِ لن يكونَ تعمُّدي
تغفو على وقعِ السّيوفِ قصائدي
في ساحِها , أو عُرفِ مُهرٍ أجردِ
ولَكَ البنودُ الخافقاتُ على المدى
أسدَ العروبةِ في الزّمانِ الأسودِ
إنْ غرّبُوا فالشّرقُ عِزُّكَ باذخاً ,
راياتُهمْ سودٌ , وعزُّكَ سرمدي
لانَتْ قناةُ الغادرينَ فأحجمُــــوا
وتروحُ خيلُكَ في النجودِ وتغتدي
لبسُوا مسوحَ الذُّلِّ في ليلِ العمى
والغارُ تاجُكَ لو تشاءُ فترتدي
ما همَّنا لو ألفُ بندرَ قد عـــوى
فاقدِمْ بنا , فاقدِمْ بِنا يا سيّدي
حقدُوا على حُجرٍ , وحِجرٌ في العُلا*
في حضرةِ السِّبطِ الحُسَينِ الأمجدِ
*قُتلَ حجر بنُ عدي لولائه للحسين (ع) ثم نبش التكفيريون قبره في دوما وأحرقوه ثانيةَ
نبشُوا الضريــــــحَ , وكالذّئابِ تلذَّذُوا
وتعابثُوا بالقدسِ , قدسِ المرقِدِ
حقدُوا على مجدِ الحُسينِ ألمْ يكنْ
(مهدَ الهُدى) إرثَ النّبيِّ محمّدِ
راحابُ عاشَتْ في دِماهم قحبةً
تغتالُ تزني ما تشاءُ وتعتدي*
ولها بِهمْ نسلٌ خبيثٌ فاجـــــرٌ
مُتسعّرٌ مثلَ الجحيمِ الأسودِ
مِنْ ثدي فاجرةِ العصور عقيدةٌ
ضاقَتْ بِها حتّى رِحابُ الفدفدِ
*راحاب أشهر عاهرات التاريخ قدّم لها اليهود رأس يحيى بن ذكريا قربانا على طبقٍ من الذهب
أنا مثلُ شمشونِ الزّمانِ إذا بَغَوْا
حطّمتُ يا شمشونُ صرحَ المعبدِ
يا طالما لانَ الحديـــــدُ لباسلٍ
ويذلُّهُ طرفُ الظّبيِّ الأغيدِ
مِنْ أجلِ حُبِّي سوفَ أغدُو مارداً
بل نارُ حُبّي دهرَها لم تخمدِ
أشعلتُ سُخطي كالزّوابعِ في المدى
أضرمتُهُ كالمارجِ المتمرّدِ
وسفحْتُ باقي الكأسِ أبكي للتي
سفحَتْ دمائي رغمَ طولِ توجُّدي
وأذوبُ معْ نايِ الحنينِ وكالصّدى
في مَرْجِ عينيها أضلُّ , وأهتدي
كمْ مِنْ ظِباءٍ في فؤادي قد رعَتْ
أمسَتْ قصائدَ في ظلالِ المرْبِدِ!
وطني جمالُكِ وحدَهُ مُتمنِّعـــــاً
والكلُّ بعدَكِ للرياحِ الشُّرَّدِ
ناجيتُ طرفَكِ خاشعاً , ومُتيَّماً
روّيْتُ سِحرَكِ منْ نجيعِ قصائدي
كاللحنِ حُبُّكِ في قرارِ قصيدتي
كالسّرِ يبقى خلفَ بابٍ موصَدِ
إنْ كنْتَ يا شمشونُ تهدِمُ معبداً
فأنا بحُبِّيَ سوف أرفعُ معبدي
هوِّنْ عليكَ فلسْتَ أوّلَ عاشقٍ
أزرَتْ بهِ حُورُ الجِنانِ…..فأرشِدِ
إنْ كنْتَ تهدمُ كالزلازلِ ناقماً
فالحُبُّ شَرعي , والتسامحُ مَحتِدي
يا شاعرَ الجنِّ الذي عصفَتْ بهِ *
ريحُ الظنونِ , وغَيرةٌ لمْ تخمدِ
أنا سوفَ أصفحُ عن دليلةَ غافراً
لا لنْ يكونَ جمالُها للموقِدِ*
خُلِقَ الجمالُ لكي يكونَ مُدلَّلاً
, ومُعزّزاً , لا جُثَّةً في مَوْئدِ
والحسْنُ لا يدري الغَيورُ جلالَهُ
كالصُّبحِ في عينِ الكفيفِ الأرمدِ
وأمامَ حسنِكِ نايُ شِعرِيَ صامتٌ
كيفَ الفراشُ أمامَ نارٍ يهتدي!
وطني وحبّي توءَمانِ على المدى
غُصنانِ في دَوحِ الزّمانِ الأَخلدِ
ديواني عيناك كالشام -اتحاد الكتاب العرب