بقلم: عبدالله أحمد*
— في العدوان الأمريكي السافر على الجيش السوري في دير الزور ، تبلغ الوقاحة الأمريكية أوجها في دعمها المباشر لتنظيم داعش الإرهابي، فالتضليل والخداع والحرب الإعلامية لم تعد تنفع واشنطن كون الموازين الإستراتيجية تنقلب لصالح الجيش السوري وحلفائه ، فالمقدمات وإعادة توزيع ادوار المجوعات الإرهابية من داعش والنصرة وحزب العمال الكردستاني وصولا إلى دفع تركيا إلى الاعتداء على الأرض السورية بحجة محاربة داعش والأكراد ، وأكذوبة التفاوض مع روسيا من اجل الوصول إلى هدنة وتسوية لم تعد وسائل يمكن أن تمر في ظل اليقظة الإستراتيجية لسورية وحلفائها ، ولم تؤدي إلى تغير استراتيجي في ميادين الحرب السورية ، فكان الاعتداء المباشر على الجيش السوري في محاولة لإسقاط دير الزور من خلال التحالف المباشر ما بين واشنطن وداعش .
الولايات المتحدة التي تهدف إلى استمرار الحرب على سورية لسنوات قادمة لا يمكن أن تتخلى عن أدواتها من المنظمات الإرهابية داعش والنصرة وجيش الفتح وجيش الإسلام والقائمة تطول ، فهي تسعى لكسب الوقت لإعادة ترتيب الاستراتيجيات للمرحلة القادمة “إعادة التفكير الاستراتيجي ” وصولا إلى إضعاف الخصوم وتكريس الهيمنة الأمريكية ، بدأت بالقلق لتعثر وفشل مشاريعها مما دفها إلى العدوان المباشر تحت حجة الخطأ غير المقصود ..
الوقاحة الأمريكية تستدعي الرد من سورية وحلفائها مع إعادة التقييم الاستراتيجي وتطوير أساليب المواجهة الحازمة على مختلف المستويات السياسية والإعلامية والعسكرية .
إلا انه لا بد من قراءة وفهم معمق للإستراتيجية الأمريكية المتبعة في الحرب على سورية ، الذي قد يؤسس لمواجهة هذه الاستراتيجيات وإفشال الأهداف الجيوسياسية في المنطقة والعالم .
تعتمد الإستراتيجية الأمريكية على أساليب التضليل والخداع والحرب الإعلامية والتدخل المباشر من اجل تحقيق الأهداف الجيوسياسية المبنية على عدة أهداف منها:
1- السيطرة على منطقة الشرق الأوسط والهيمنة على القرار السياسي لدول المنطقة وحماية إسرائيل من اجل فتح الممر الاستراتيجي من سورية وصولا إلى الصين …ودفع روسيا خارج المنطقة بعد أن يتم استنزافها
2- توسيع الناتو والضغط بشكل منهجي على روسيا للوصول والهيمنة على اوراسيا
3- محاربة الصين من خلال نشر الفوضى والحروب في منطقة الشرق الأوسط التي تعتبر المصدر الأساسي للطاقة التي تحتاجها الصين ، والاستعداد للمواجهة الكبرى خلال السنوات العشرين القادمة في منطقة بحر الصين الجنوبي .
تعتمد الولايات المتحدة في عهد اوباما من خلال العقيدة الجيوسياسية على منظومة من الأدوات والأساليب منها :
1- استخدام الحرب الإعلامية والقوة الناعمة لتحقيق ذلك من خلال المراوغة والتضليل والأكاذيب والبدع منها محاربة الإرهاب ومفهوم القيم وعقيدة التدخل الإنساني والقيادة من الخلف وصولا الى التدخل المركز والمحدود عند الضرورة.
2- استخدام المجموعات الإرهابية التفكيرية من داعش والنصرة وغيرها من اجل إحداث الفوضى وإضعاف الأنظمة وصولا إلى تغيريها وتركيب أنظمة تهيمن عليها كما هو الحال في مناطق مختلفة من العالم
3- الترويج والسعي الكاذب إلى تسويات كما يحدث الآن في سورية من اجل استثمار الوقت وإعادة ترتيب الاستراتيجيات ، وتروج في الوقت نفسه إلى خلافات ما بين الخارجية والاستخبارات والبنتاغون في مسرحية لتبادل الأدوار من اجل كسب الوقت والهرب من إي التزامات خلال إي مفاوضات كما حدث مؤخرا في ظل التسويف والمماطلة الأمريكية في يخص اتفاق الهدنة الأخير .
4- استخدام الدول ضمن منظومة الناتو كأدوات للتوسع والهيمنة من خلال هيمنها وتدخلها في ابسط التفاصيل الداخلية لتك الدول
5- استخدام البنك الدولي ومؤسسات التحويط النقدي من اجل فرض الهيمنة المطلقة على الدول المستهدفة .
مما سبق فان مقاربة ما حدث من اعتداء سافر على الجيش العربي السوري في دير الزور هو تنفيذ للإستراتيجية الأمريكية في محاولة تمكين التنظيم الإرهابي داعش من السيطرة على دير الزور وصولا إلى المرحلة التالية ، أي الإيعاز لهذا التنظيم بإخلاء المنطقة للمجوعات الإرهابية الأخرى التابعة لواشنطن والتي تطلق عليها “معارضة معتدلة” تنفيذ لخطة رئيس الأركان الأمريكي السابق ديمسي واقتطاع منطقة نفوذ أمريكية .
إن فشل المشروع الأمريكي في سورية من خلال صمود الجيش العربي السوري وحلفائه وقلب الموازين الإستراتيجية على المستوى العسكري والسياسي دفع الأمريكي إلى هذا العدوان السافر في دعم مباشر لداعش “جيش مشروع الشرق الأوسط الجديد”.
قد يجادل البعض وينتقد الموقف الروسي والمفاوضات مع الأمريكي والهدن والرهان على الوصول إلى تسويات ، الا أن الحقيقة مختلفة فالروس يدركون حقيقة المشاريع الأمريكية ، ويستخدمون الدبلوماسية العامة من اجل مواجهة التهديد الأمريكي وإفشال مشاريعه ، مع مواصلة الدعم الحازم للدولة السورية على المستوى السياسي والعسكري ، فالتصعيد والمواجهة المباشرة “المؤجلة” قد تؤدي إلى حرب اقليمية وعالمية كبرى ، تهدد العالم بأسره .
المشاريع الأمريكية ليست قدرا وهاهي تفشل في سورية …. قد تطول الحرب وتصبح أكثر خطورة إلا إن مؤشراتها تدل على انتصار سورية وحلفائها في هذه الحرب العالمية المصغرة .
*باحث سوري.