شذى عواد – واشنطن ..
خاص – || Midline-news || – الوسط ..
لم يكن يخطر للمهندسة ابتسام عساف من مدينة حمص يوماً أنها ستعمل في تجارة القطع الفنية الشرقية ، الموزاييك و أن مكتبها الذي تمارس منه اختصاضها العلمي والعملي في وزارة الكهرباء في سوريا ستغادره مرغمة ً إلى صفحات الموقع الأزرق « الفايس بوك » من خلال تلك المهنة التي استحدثتها لنفسها لتواجه بها شظف العيش في أميركا التي انتقلت إليها مع عائلتها عام / 2015 / هرباً من قذائف الموت التي كان الإرهابيون يلاحقون فيها المدنيين الآمنين على غير هدى .
ابتسام الأم لطفلتين ، ارتأت العمل مع زوجها طبيب الإسعاف سابقاً بمهنة بيع القطع الشرقية التي تستوردها من سوريا بمساعدة الأصدقاء ، و كونها لا تملك المال الكافي لإيجار متجر لعرض قطع الموزاييك و بيعها أحدثت صفحة على « الفايس بوك » لتسويق بضاعتها و تقول ابتسام : « عندما وصلت مع عائلتي إلى أميركا ، و اصطدمنا بغلاء المعيشة ، كان لا بد لنا أن نجد دخلاً مادياً نعيش منه ، و كوني أم لا استطيع العمل خارج المنزل ، لذلك قررت العمل ضمن مجال خاص بهويتي السورية و يعود بالنفع المادي علينا و على عائلات في سوريا ، و لا يحتاج لمبلغ مالي ضخم ، و من هنا بدأت الفكرة »
وعن الصعوبات التي واجهتها في هذه المهنة تقول ابتسام : « المهنة بعيدة عن مجالي ، أنا مهندسة ، و زوجي طبيب ، و لا خبرة لنا بمجال التسويق ، و التجارة و لكن الصعوبات المعيشية هنا أجبرتنا على البحث و المثابرة ، و اتخذنا من صفحات الفايس بوك مركزاً للانطلاق » .
بدأت ابتسام العمل على مشروعها الصغير منذ ستة أشهر باستيراد كمية محدودة من القطع الفنية ذات الجودة العالية من سوريا ، ليتم التواصل مع العديد من المجموعات الخاصة بالسوريين و المهتمين بالحرف اليدوية النادرة داخل أميركا من خلال الصفحة الخاصة بعروضها من قطع الموزاييك لتلاقي اهتماما ً من الزبائن السوريين و الأجانب من ولايات عدة و تتابع « سعادتي بتقدير الغربيين لحرفة تتميز بها بلادي يفوق سعادتي بالربح المادي » .
السي تازة ، مدرسة الرياضة سابقاً من مدينة الحسكة السورية ، وصلت أميركا عام / 2914 / و كان هاجس الخوف من الفشل في بلاد غريبة واسعة كأميركا يلازمها ، قبل أن تبدأ مهنتها من المنزل بتصميم و تزيين الحلويات للمناسبات ، بتشجيع من إحدى الصديقات .
تقول السي « مجموعات الفايس بوك كانت بوابتي للعمل ، و بشكل خاص مجموعات السوريات ، من خلالهن ابتدأ العمل الجدي ، و مع الوقت استطعت الانتشار و تعريف الناس بعملي ، و أصبح لي زبائن عرب من جميع الولايات الأميركية » و تتابع السي القول أن ما ساعدها أكثر هو توفر المواد اللازمة للعمل في الأسواق الآميركية و تلاقي ذوقها في التصميم مع طلبات الزبائن العرب كونهم يتحدرون من البيئة عينها .
تحتوي صفحة « تازة و شوكولا » الخاصة بمنتجاتها على قطع الحلويات المزينة بألوان جذابة ، مع بعض الاكسسوارت المتجانسة مع المناسبة ترتبها « السي » بذوق رفيع يرضي زبائنها بآسعار تقول ” السي ” إنها مناسبة إلى حد ما مع الجهد الذي تبذله و لكنها غير كافية لمتطلبات المعيشة في أميركا .
ندى طعمة ، من مدينة حمص ، حاصلة على بكالوريوس تجارة ، كانت تعمل كمحاسبة في إحدى الشركات الكبرى في سوريا ، اضطرتها الحرب إلي اللجوء إلي أميركا عام / 2013 / بعد أن فقدت أهلها بفعل الإرهاب الذي أوغل في أوجاعها حين قتل الإرهابيون التكفيريون بدم بارد أباها وشقيقتها ، و لضيق الحال هنا و ارتفاع الأسعار قررت إعانة زوجها مستخدمة هوايتها في الرسم و الأعمال اليدوية لتبدأ عن طريق صفحات « الفايس بوك » بنشر تصاميمها في ديكورات الحفلات الخاصة بالرسم على الجدران و الزجاج و طباعة الصور على الشمع .
ولم تكن البدايات مشجعة كما تشتهي ندى وتشرح ندى الأسباب وتقول « اللغة الانكليزية كانت أولى العقبات ، و لا معارف لدي في هذا المكان الغريب ، أضف إلى ذلك تنوع الزبائن و اختلاف طبيعتهم ، و هو أمر جديد علي » ، في البداية انحسر زبائنها بعدد محدود و بالسوريين فقط إلى أن بدأت تنشط و تشارك بجد وتصميم أعمالها على صفحة الفايس بوك » ، الأمر الذي ساعدها كثيراً كما تقول ، و توسع الطلب على عملها لينتشر بين الجنسيات الأخرى من عرب و أميركيين ، و مكسيكيين ، تقول ندى «بدأت بأسعار زهيدة كي أكسب الزبائن ، و عانيت كثيراً من جهة التفاهم معهم كوني لا أتكلم الانكليزية ، لكن تمكنت من تذليل العقبات ،فمثلاً أقوم بإرسال رابط الصفحة إلى الزبون لتسهيل العملية ، علماً أن عملي هذا يكلفني جهداً لا يتناسب مع غلاء المعيشة هنا .
لميس صايغ ، حلبية المنشأ ، انتقلت مع عائلتها إلى واشنطن عام / 2013 / ، و لملء وقت الفراغ الطويل افتتحت مشروعها المنزلي بصناعة الحلويات الحلبية ، تقول لميس « شعرت بافتقار البلد لأنواع الحلويات التي كنا معتادين عليها ومتوفرة بكثره في أسواق حلب ، فبدأت القصة من تحضيري للحلويات في البيت والتي نالت استحسان الاقارب والاصدقاء ، الأمر الذي شجعني على التفكير بعمل خاص صغير وحيث كنت اريد ملء وقت فراغي بعمل يعود بالنفع علي ويحسن من معيشتي » .
وبمساعدة العائله والأقارب تمكنت لميس من تسجيل الشركه والحصول على الموافقات اللازمة و إحداث موقع لمشروعها « ويب سايت » . تقول لميس : « الصعوبة الكبيره كانت في الدعايه حيث انا في بلد غريب ومعارفي وخبرتي قليله ولكن صفحة « الفيس بوك » و«الويب سايت» ساعداني في التعريف عن نفسي وتسويق منتجاتي ، و تضيف « اغلب الزبائن من السوريين ومن عدة ولايات , وقد ضمنت لي حرفتي هذه وضعا مستقراً نسبياً مع عائلتي في بلد غريب لم أختر بإرادتي العيش فيه » .
هذا بعض قليل من حكايات كثيرة جداً لسوريات أجبرتهن ظروف الحرب والإرهاب في بلدهن على الهجرة إلى بلاد العم سام واجتراح سبل للعيش تضمن لهن ولعائلاتهن الحد الأدنى مما كن يتمتعن به في بلدهن ، عن طريق استخدام وسائل التواصل الاجتماعي التي حولت منازلهن إلى خلية نحل تعمل باجتهاد .