الشاعر الدكتور
صدى الأصوات
المراكبُ أَبحرتْ . . .
وتلاشتِ الهمساتُ …
بينَ شًّط وموج ٍ …
فوقَ لونِ الزُّرقَة ِ …
على وجه ِ مركب ٍ …
بِلحيته ِ البيضاءَ …
بابتسامتِهِ الرمادية ِ…
وقفَ بحّارٌ عجوزٌ أثقلْتهُ السنون ُ…
ذابلاً كَزهرة ٍ …
على كرسيَّ العتمة ِ …
انتظَر عودتَهمْ …
ذهبتْ به الذّاكرةُ شاردة ً …
طوقهُ الصقيعُ …
وأغلقَ عليهِ الظّلام ُ…
كلَّ الجهات ِ …
هناكَ …
تحتَ ظلالِ السموات ِ …
فوقَ صدْرِ الصحراءِ …
وبأعماقِ العتمة ِ …
على هيئاتِ السّراب ِ …
تركوا سنونَهمْ وذهبوا …
وغابوا …
خلفَ صدى الأصوات ِ …
وصارَ يعلو الضوضاَء …
حضرةُ الموتى …
يدنونَ فنـهرب ُ…
وتنفضُّ عن أمتعتِِنا …
عِشقُهمُ القديم ُ…
نهربُ .. نهربْ …
ولا يوجدُ لدينا …
في الوقت بقيهْ ً…
نلملمُ فيهِ ما تبقى من وجودٍ لهمْ …
هناك َ…
فوقَ أرائِكِ المنفى …
أبحرتْ المراكبُ واندثرتْ …
غياباً وراءَ هذا الوجودِ …
وخْلفَهُ …
ثمةَ خطيئةٌ تمتطي الذاكرة َ…
ترسمُ شارةَ النّصر ِ…
وتَضحكُ …
ثمةَ رصاصة ٌ تُمزّقُ القلب َ…
أو …
ثمةَ عاشقة ٌ تحنو …
وتُلملمُ أشلاءَ تمزقاتِ القلب ِ …
المنتشرة ِفوقَ شاطئِ الرمال ِ …
أو ..
ثمةَ أمٌ ذهبتْ تملأ ُ صدرَها …
بطفولته ِ …
أو …
ثِمةَ والدٌ يُلملمُ عن الدروب ِ …
الأنينَ ليصنع َ السلامَ …
لتكبُرَ الأحلامُ …
أو …
ثمة َ عجوزٌ أمٌ.. امرأة ٌ …
دمرتِ المخاطرُ خيمتَها …
كوخَها الأزليَّ …
حيثُ كان َ …
في الماضي أبٌ وابنٌ وأخ ٌ وزوجٌ …
وكوخٌ …
وطفلةٌ استجمعتْ نفسَها …
كصَدَفة ٍ أَحْنتْ رأسَها …
وكفّيها إلى السّماءِ تَبتهلُ …
وقد انبلجَ الفجر ُ…
ولم يرَجعُوا …
ونَهضت ْ…
حَملتْ صُرَّ تَها على رأسِها …
وذهبتْ خائبة ً مليئة ً مشاعرُها …
حُزناً …
تَحملُها وتَنشُرُها كَريمةُ السماءِ …
بآخرِ خيوطِها الذهبيةِ …
مودّعةً إياها …
لم يعودُوا .. لنْ يرجعِوا …
رافقتْك ِ السلامة ُ …
إلى حيثُ الوجودِ …
خلفَ ذاكَ السّراب ِ