كتب الاستاذ محمد محسن
..لا تستطيع قوة في الأرض فرض دستور خارج رغبة السوريين
……….وضع الروس مشروعاً مستنـدين على واقعــهم الاثنـي والسيـاسي
……….اي دستور لا يمكن أن يأخـذ شرعيـــته إلا باستفــتاء شعــبي عــام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا يمكن بادئ ذي بدء من التصريح بصوت عال : أن روسيا الاتحادية ، بلد صديق تاريخياً وحالياً ، وأثبتت صداقتها في كل المراحل التاريخية ، فعندما كان الغرب يحاول نهش استقلالنا ويتآمر علينا ، ويساعد أعداءنا ــ الصهاينة ــ عسكرياً ، ومالياً ، وفي المحافل الدولية ، كان الاتحاد السوفييتي يقف إلى جانبنا ومع كل قضايانا ويمدنا بالسلاح والخبرة ، ويعلم مئات الآلاف من شبابنا مجاناً وفي جميع الاختصاصات ، وبنى سد الفرات ، عندما طلب الغرب استقلالنا ثمناً له ، وها هي الآن تقف معنا في نفس الخندق وبكل قوة لمواجهة كل قوى الشر في العالم عسكرياً ، وسياسياً ، ومالياً ، كما وقفت وتقف الآن معنا في المحافل الدولية ، وعلينا أن نقول وبنفس القوة لا يجوز وتحت أي ضغط أو فهم أو خطأ أن نوازن ونزن علاقتنا التاريخية مع روسيا ، بعلاقتنا مع الغرب القاتل في كفة ميزان واحدة ، لأن روسيا لم يكن لها أطماع استعمارية في منطقة الشرق الأوسط ، بل وقفت دائماً وبكل قوة مع حركات التحرر في العالم ، بعكس الغرب الذي كان ومنذ قرون همه استعمار المنطقة واستثمارها ، وهو الذي خلق اسرائيل للإبقاء على شعوبنا في حالة تخلف وعدم استقرار ، كما خلق عشوائيات الخليج لتربك تقدمنا ، حتى يتمكن من فرض وصايته ، وسيطرته , وهيمنته .
.
وان نسينا فلن ننسى أن روسيا تاريخياً تنتمي إلى قيم الشرق ، وحضارته وتملك بعضاً من روحانيته ، وعواطفه ، ولم تصل عبر تاريخها إلى ما وصلت إليه المجتمعات الغربية من فردانية ، واحساس بالتفوق عرقياً ، والتعامل مع شعوب الشرق كشعوب تابعة ، وجاهلة ، وأنها شعوب من الدرجة الثانية أو الثالثة حضارياً بالنسبة لها ، ونسوا أن هذا الشرق هو من بنى لبنات الحضارة الأولى ، عندما كان الغرب لايزال يعيش في الكهوف ، وسبب تخلفنا هم ، نعم هم ، ولولاهم لتجاوزناهم .
وعليهم أن يقرؤوا ما قال جان ديوي ، وبرتراند رسل ، وبرغسون ، وغيرهم أن: " قيم الشرق هي التي ستنقذ الغرب من فرديته " .
وبنفس مستوى هذا الاقرار الحق ، نقول أن لروسيا الاتحادية مصلحة كبيرة في وقوفها مع سورية والدفاع عن استقلالها ، لأسباب كثيرة منها : إن خسارتها لسورية وانتقال سورية إلى المعسكر الغربي ، سيغلق البحر الأبيض المتوسط بوجه السفن الروسية ، وهذا يعيد روسيا إلى دولة اقليمية ، مجالها الحيوي محصور بما وراء الدردنيل ، اي تخسر حلمها الاستراتيجي في أن تقود قطباً عالمياً ثانياً كما كانت تحلم عبر تاريخها ، وهذا لا يحجمها سياسياً فقط بل اقتصادياً أيضاً ، وقد يشجع حلف الناتو على حصارها ، والعمل على نهب مجالها الحيوي أيضاً ، وصولاً إلى تفتيت الاتحاد الروسي وذلك بإخراج الدول الاسلامية من الاتحاد ، بل ودفعهم لمعادات روسيا والعمل على تنغيصها ، فضلاً عن تحريك الحركات الاسلامية المتواجدة داخل الاتحاد الروسي ، كما حركت الشيشان ، وجورجيا ، وأكرانيا وغيرها سابقاً .
.
اذن روسيا أدركت من خلال مصلحتها وحسها السياسي أن هزيمة سورية هي هزيمة لها ، كما قالت : " قيصرة روسيا الثانية كاترين " ان دمشق بوابة الساحة الحمراء " ، هذا ما جعل روسيا تقتنص الفرصة وتضع ثقلها إلى جانب سورية كما قلنا عسكرياً وسياسياً .
وما قلناه بشأن روسيا الاتحادية ، يمكن سحبه بكليته على ايران ، بما يتعلق بصداقتها الصادقة وبمشاركتها القوية في الحرب إلى جانب سورية ، وبأن لها مصلحة كبيرة في هزيمة معسكر العدوان ، لأن الغرب كان يبغي حصارها أيضاً والعمل على تهديمها ، بعد أن يفرغ من حربه على سورية ، كما أن للصين أيضاً مصلحة أكيدة في خسارة الغرب للحرب ، حتى الهند ، بل هناك مصلحة لكل شعوب العالم في جميع القارات التي لا ترضخ للسياسة الأمريكية ، وانتصار سورية اذن وبدون مبالغة سينعكس ايجاباً على جميع شعوب العالم ، وسيشكل بداية خلاص من ربقة الاستعمار الغربي .
كل هذا ــ باعتقادي ــ صحيحاً وليس فيه أدنى مبالغة ، ويبقى القول صحيحاً : أنه " لولا روسيا لخسرت دمشق " ، " ولولا ايران لخسرت دمشق " ايضاً ، ولكن القول الأصح : لولا صمود وتضحيات وثبات الجيش العربي السوري ، وتحمل الشعب العربي في سورية مالا يتحمله شعب في العالم ، من دما ء ، وخراب ، وتهجير ، وتجويع ، وجعلهم يعيشون وكأنهم في القرون الوسطى ، لخسرت روسيا ، وخسرت ايران ،
وبالتالي لا يحق لأي روسي أن يقول لولا روسيا لسقطت دمشق ويقف !! ولا يحق لأي ايراني أن يقول لولا ايران لسقطت دمشق ويقف !! بل علينا جميعاً أن نقول تحالفنا الاستراتيجي الصادق أعطى مردوداً وانتصاراً فارقاً للجميع .
.
………………..إنها معادلة متساوية الجدائين ………………….
أي لا يحق لأي سياسي روسي مهما بلغت مرتبته ، ولا لأي سياسي ايراني مهما علا مقامه ، أن ينسب الانتصار له وحده ، فكلنا قاتلنا بتضامن قل نظيره ، وبشرف يحتذى ، وحققنا انتصارات تاريخية ستشكل مرحلة انتقال نوعية ، ونقطة قطع بين الماضي والحاضر ، سينعكس مردود هذا الانتصار كما قلنا على الدنيا شعوباً ، وطبيعة ، وعلماً ، ومعرفة , وحرية ، وسلاماً ،
……………..أي سيشكل الانتصار علامة فارقة في التاريخ……………
بعد الذي سقناه بأمانة ، ودقة ، وتوازن ، وأعطينا لكل صاحب حق حقه ،
……………………….بعد هذا نقول بالعربي الفصيح ………………..
ارتكب الخبراء والسياسيون الروس خطأً مفصلياً ، كان من الممكن عدم الوقوع به ، لأنهم قدموا لخصومهم وخصومنا من محطات اعلامية ، وسياسيين ، وعملاء ، وإلى الطابور الخامس ، وإلى المبتلين بالتشاؤم لعدم الدراية والمعرفة ، أو لطبع مغروس في عقولهم ، قدموا لهم على طبق من الفضة ، وثيقة مكتوبة سمحت لهم باستثمارها على أوسع نطاق ، وراحوا يشككون بنوايا روسيا تجاه سورية ، انه فخ يعادل خطأً استراتيجياً ، لأن اللحمة بين الدولتين لم يكن من الجائز افساح المجال لتناولها ، حتى النشطاء السياسيين من السوريين ، والكثير من المفكرين ، منهم من رفع الصوت مستنكراً ، ومنهم من استغرب هذا التصرف ـــ وأنا منهم ـــ كان على الدبلوماسيين الروس عدم تقديم أي ورقة إلا بعد التشاور مع الدولة السورية الحليفة ، لأن التحالف والمصلحة المشتركة تقتضي ذلك .
.
…………….نقول وبأعلى الصوت وعلى العالم أن يسمع ………….
….كلام هراء من يعتقد تعديل كلمة واحدة ، أو حتى أن يضع لها كلمة أخرى مرادفة مما يأتي :
….الدستور يضعه الشعب العربي السوري وحده ، باستفتاء شعبي عام …
الجمهورية العربية السورية ، دولة ديموقراطية عقلانية موحدة من شمالها إلى جنوبها ، دولة لكل مواطنيها ، تمارس فيها كل الأديان والمذاهب عباداتها بحرية ولكن بما لا يمس اللحمة الوطنية ، للدولة رئيس واحد من أبوين سوريين ، غير متزوج من أجنبية ، ينتخب من الشعب مباشرة ، ولها برلمان واحد ينتخبه الشعب ، يحدد الدستور صلاحيات الرئيس وصلاحيات البرلمان ، للمواطنين الأكراد حق تدريس اللغة الكردية إلى جانب العربية في المناطق ذات الأغلبية الكردية ، ضمن مفهوم الإدارة المحلية الموسعة ، الاقتصاد السوري اقتصاد مختلط بين العام والخاص ، مع تنشيط للقطاع العام والحفاظ عليه ، التعليم والاستشفاء مجانيان ، استقلال القضاء ، للشعب الحق في تشكيل أحزاب سياسية وطنية ، غير دينية وغير عرقية .
.
…… إلى من يقفون ضد عروبة سورية عليهم أن يعلموا : أنهم يتخلون بذلك عن فلسطين للصهيونية العالمية ، وان هذا اقرار مسبق بإمكانية تمزيق سورية إلى أقاليم ، عربية ، كردية ، تركمانية وغيرها وتصبح " اسرائيل " دولة كباقي دول المنطقة ، ولها الحق في محاربة اي دولة لوحدها ، هل ندعوا لتمزيق وتفتيت الدول العربية في الوقت التي تسعى فيه دول العالم إلى تكتلات اقتصادية وسياسية قوية ومنافسة ؟؟ !!، وهل يجوز أن نقول للشعب المصري أو للشعب الجزائري أو التونسي هذه الشعوب التي تقول لنا نحن اخوتكم في العروبة ، نقول لهم ــ لا ــ لا علاقة لنا بكم !!
…. لماذا البعض يعتقد أن العروبة جاء ت من صحراء السعودية !!، وينسى أن العرب هم ابناء وورثة جميع الشعوب التي بنت حضاراتها على هذه الأرض من السومريين ، والبابليين ، والآشوريين ، والأنباط والكلدان ، والآراميين والسريان ، نعم نحن أبناءهم وورثتهم ــ لا عرقياً ــ ولكن ثقافياً ، وحضارياً ، وجغرافياً .
يقول ابراهيم باشا ابن محمد علي الألباني ،" لقد صيرتني شمس مصر عربياً " ونحن نقول لا لسنا عرباً !!.
.
على الجميع أن يعلم أن العروبة ليست انتماءً عنصرياً ــ رابط الدم ــ انها لغة ، وثقافة ، وقيم ، وتقاليد ، وعادات ، ومفاهيم مشتركة ، وتاريخ بكل أثقاله مشتركاً ، وجغرافيا ، ومواجهة أعدائنا معاُ ، والعالم يصفنا أننا شعوب عربية ونحن نقول لا لسنا عرباً !! هل يجوز أن يحدد عاقل مستقبل شعبنا على ضوء موقف بعض ملوك الخليج الأغبياء الذين أسند لهم تاريخياً تمزيق الأمة ، ألسنا بهذا الموقف ننفذ ما رغبوا تنفيذه هم وأسيادهم من الغربيين ، ؟؟!!
……………نعم العروبة هوية ومن يتخلى عن هويته يتخلى عن تاريخه…….. ………
……………نعم نحن عرب ونعتز ومن لا يريد أن يكون عربياً فهذا شأنه ………