كتب الاستاذ محمد محسن – المستشار القانوني لموقع نفحات القلم :
..شعار الستينات " تحرير فلسطين يمـر في عمـان والرياض "
…………..في السبعينات " التضــامن العـربي " كان خطـأُ استراتيـجياً ؟
…………..ما مصـير محميـات الخليج والممالك العميلة بعد الذي حدث ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد الذي حدث من موت ودمار ، في العراق ، وليبيا ، وسورية ، واليمن الفقير والجائع ، والذي فاق كل ما حدث في برلين وغيرها في الحرب العالمية الثانية ، وبعد أن أسفرت ممالك الخليج عن وجهها العدواني المدمر ، ودورها القذر، والتي أُعدت له منذ النشأة ، وكانت تغطيه سابقاً ببرقع شعاره " التضامن العربي " الشعار الكاذب والمضلل ، وبعد أن أظهرت أنيابها الذئبية واحتلت مواقع اللاعب الرئيسي والأساسي ، في هذه الحروب على الدول التي كانت تزعم أنها " الدول الشقيقة " ، متطوعة ومتبرعة بكل تكاليفها ، مالاً ، ورجالاً ، حيث قدمت المال الأسود بالمليارات ، لتشتري السلاح المدمر والفتاك ، والتي فتح لها الغرب ترساناته العسكرية ، لتدفع له المال وتأتي بالسلاح ، الذي يكفي لألف جبهة وجبهة ، هذا المال لو وُظف في طريق الاصلاح والخير لما بقي فقير في " بلاد الاسلام " .
.
بعد هذا كله لم تكتفي ممالك الشيطان بالمال وحده بل " لملمت " كل وحوش الأرض من الذين يؤمنون بفقهها الديني الظلامي ، من الهوام ، والمجرمين ، والهامشيين ، من كل أزقة العالم ، فتقاطروا أفراداً وقطعاناً ، ممن اعتُقلت عقولهم ، وافرغت من كل قيم الانسانية ، وحشيت بالفقه الوهابي الأسود الذي صُنع في القرن الثامن عشر على أيدي المخابرات البريطانية ، والذي اعتمد في انجاز هذه الأداة الخبيثة ، ـــ التي سيبقى "العالم الإسلامي يدفع ثمنها لقرون ـــ، اعتمد في توليده وتوليفه ، مستشرقون وعلماء اختصاصيون في علوم الأديان ، والأجناس ، وعلم الاجتماع ، والذين درسوا لعقود واقع المجتمعات العربية في المنطقة ، وما هي أقرب السبل وأنجعها الكفيلة بتفتيت هذه الشعوب وتمزيقها ، فكان أن استقر الأمر على خلق مذهب ديني جديد ، يحمل راية الاسلام شكلاً ويعتمد الكثير من الاسرائيليات في شروحه ومدوناته ، كمنهج ودليل عمل ، وصُنع كمذهب بديل لجميع المذاهب الاسلامية ، بل يجُبها ويكفرها جميعاً ، بما فيها المذاهب الأشعرية الأربعة .
تم كل ذلك مستفيداً وموظفاً كل التخريفات ، والتحريفات ، التي رسخها وتبناها الاستعمار العثماني البغيض ، في عصور الظلام والانحطاط الممتدة لأربعة قرون كاملة ، والذي أفرغ الدين الاسلامي من انسانياته ، التي تدعي للمحبة والتسامح ، وحولوه إلى أدعية فارغة ، وتكايا للدراويش ، وطقوس من يقوم بها تكتب له الجنة فيها خالداً مخلداً .
.
في هذه الظروف المواتية ، استولد الفكر الوهابي بخبرات بريطانية كما أفدنا ، وزاوجوه مع بني سعود القبيلة الأكثر غباءً وانصياعاً للاستعمار وتنفيذا ً لمصالحه ، وراح محمولاً على ظهر المال السعودي الوفير والطافح ، ليستعمر عقول التجمعات الاسلامية الفقيرة في كل البلدان الاسلامية .
ولتقويم وتقييم الواقع السياسي ، علينا أن نعترف أن شعار التضامن العربي الكاذب والمخادع ، والذي تم تبنيه بعد السبعينات من القرن الماضي ، شكل سقطة تاريخية استراتيجية خطيرة ، لأننا كنا نعلم علم اليقين أن هذه الممالك وُظفت منذ النشأة لتلعب دوراً مكملاً ورديفاً للدور الصهيوني الذي تلعبه اسرائيل الآن وقبل الآن ، وكانت قد أظهرت تآمرها مرات ومرات بشكل جلي وواضح في أكثر من مرحلة ، هذا الشعار خلط الأوراق بين الدول النازعة نحو العقلانية والتحرر ، وبين الدول المُصنعة خصيصاً للقيام بأدوار الإعاقة وتبديد أية جهود تنويرية ، وأية تفاعلات تحررية في المنطقة كلها ، ونحن ندفع الآن الأثمان الباهظة لتلك السقطة الاستراتيجية ، وما الحروب التدميرية الدائرة الآن في المنطقة إلا عقابيل ذلك الشعار المضلل الذي خلط الأوراق ، وجعل للدول الرجعية ومحميات الخليج القدح المعلا ، واليد الطولا في المنطقة ، بسب ثرواتها الهائلة ، التي لم توظف يوماً لصالح شعوب المنطقة ، حتى ولا لشعوبها بالذات ، بل كانت تصرف منه القليل للتبشير بالمذهب الوهابي ، في المجتمعات الفقيرة والجاهلة ، والباقي الكثير يحفظ في بنوك الغرب كودائع ـــ طبعاً بدون فوائد ، لأن الفوائد حرام بحسب الشرع ـــ أما البغاء ، وقتل الشعوب ، وتدمير الحضارات ، ليس عيباً بل يبرره شرعهم الظلامي الأسود كنفطهم .
.
أما في الستينات من القرن الماضي فكان الشعار المعلن والراسخ والمعتمد ، والذي يقود سياسة تلك المرحلة ، هو ـــ تحرير فلسطين يمر عبر تحرير عمان والرياض ــ ، لأننا كنا ندرك كما أسلفنا أن هذه الممالك الثرية والغبية ، كانت ولا تزال تدار " بالريموت كونترول " سابقاً من بريطانيا التي كانت عظمى ، والتي تنازلت عن عهدتها هذه قسراً إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، وأن دورها مكمل للأدوار التي لم تتمكن اسرائيل من القيام بها ، " فإسرائيل " تقوم بإشعال الحروب واستنزاف الطاقات ، والممالك تقوم بأدوار خطيرة قد تفوق أو توازي مهمات " اسرائيل "، لأنها باسم الدين تشوه الدين ، وتحارب العقل ، عفواً هي لم تشوه الدين فحسب بل خلقت مذهباً تحريفياً جديداً ، يكفر كما قلنا جميع المذاهب بما فيها المذاهب الأشعرية الأربعة ، وباسم الانتماء العربي تتآمر على الدول العربية ، وتسعى لتفكيكها ، أما أموالها التي تقدر بمليار دولار يومياً ، لا تنفق على فقراء المسلمين كما أفدنا سابقاً ، بل تنفق على زرع التناقضات المذهبية وتفجيرها عندما ترغب ، وتسعيرها كلما خمدت ، وهذه المهمة حمًلها الجد المؤسس للملكة لأولاده وأحفاده من بعده ، أن : " لا تسمحوا لسورية أن تتوحد مع مصر أو العراق " .
.
هذه المحميات والممالك ، كما أثبتنا هي اخطر من الصهيونية العالمية ، وبخاصة بعد أن أسفرت عن تحالفها معها الآن ، بذلك نكون قد بينا مدى ما ألحقه شعار التضامن العربي من مآسي على كل الدول العربية ، وبخاصة تلك التي لم تقدم الولاء والطاعة لأمريكا .
……قبل كل شيء يجب أن نؤكد أن ما قامت به هذه الممالك شكل " طلاقاً بائناً " لا رجعة فيه ، بينها وبيننا وبين جميع الدول التي دمرتها تلك الممالك ، ( الجزائر ، ليبيا ، اليمن العراق ، وسورية ) وسيضاف لها في القريب العاجل ( مصر ، وتونس ) وستتعرى هذه الممالك ، وستُلعن ، وستتهاوى ليس بسبب موقفها العدواني الفاضح من الدول التي دمرتها فحسب ، بل لأنها باتت أمام أخطار داهمة ايضاً منها :
.
11ـــ سيأكلها وليدها ـــ الارهاب ـــ الذي استولدته من رحم فقهها ، والذي كبرته ، وسلحته واستخدمته ، أداة قتل وتدمير للدول العربية الأخرى بمالها ، هذا الارهاب سيرتد عليها وسيأكلها ، وهي أضعف من أن تقاومه ، لذلك ستصبح أرضاً مستباحة ، وحتى لو استنجدت بالجيش الأمريكي ، ـــ غير المقاتل لأنه يعتمد على المرتزقة ـــ الجيش الذي خسر في افغانستان ، كما خسر في العراق ، وسيخسر هنا في سورية أيضاً ، وحتى الجيش الأردني لن يستطيع انقاذها هذه المرة ، لأنه سيكون مشغولاً على أرضه التي تعج بالحركات الاسلامية النائمة والتي ستتفجر في الوقت المناسب ، بوجه هذا المليك الأمعة ، كما أن الجيش السعودي الذي لم يصمد أمام الجنود اليمنيين الحفاة ، فكيف سيصمد أمام قطعان الوحوش القادمة إلى كعبة الاسلام ، وأرض الخلافة الموعودة ؟ !! لذلك سيكون هناك احتمال واحد لا غير، أن يسقط شعبنا العربي هناك ممالك العهر ، ومن ثم يستنجد بالجيش العربي السوري ، أو العراقي ، أو المصري ، وحتى اليمني أو بهم جميعاً لإنقاذه .
.
22ـــ مهما حدث وحتى لو قضي على الارهاب كاملاً ، ستحملها شعوب الدول التي ساهمت بتدميرها ، وزر كل ما حدث من دمار ، وموت ، وتشريد ، وجوع ، حتى شعوبها ستحملها وزر الجرائم التي لا تغتفر التي ألحقتها في المنطقة العربية وغيرها ، لذلك لا تضامن معها ولا تقارب ، حتى ولا تفاهم ، بل ستلاحقها وصمة العار حتى " يوم يبعثون " .
فاذا ما أضفنا لكل هذا دمغة الارهاب الأبدية ، التي دمغت بها هذه الممالك من كل دول العالم وشعوبها ، حتى شعوب أوروبا وأمريكا لن تسمح بعد اليوم ، لحكوماتها بأن تتعامل مع هكذا ممالك منتجة للإرهاب الكوني ، وتنتمي بوعيها ، وبسلوكها ، وبغبائها ، إلى زمن التوحش والذي عضها سابقاً وسيعضها لاحقاً وسيحمل هذه الممالك المسروقة من ما قبل التاريخ ، كل ما جرى وسيجري في المستقبل .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
……هذه المحميات ستتحمل وزر كل الدماء التي سالت ، وكل الدمار الذي لحق بعمران المنطقة ، فشعب الخليج الذي خنع لملوكه الجهلة والفجرة قروناً سيلعنهم ، وكل شعوب المنطقة ستلعنهم ، حتى وكل شعوب العالم ستلعنهم .
…… ولن يبقى أمام ملوك الرجعيات العربية ، إلا أن ينفذ بهم شرعهم الذي تبنوه ونفذوه لقرون بمواجهة شعبهم ، والقاضي بقطع رأس القاتل ، وقطع يد السارق ، ورجم الزاني ، وكل هذه الجرائم الثلاثة مجتمعة ، ارتكبها الملوك الفجرة والكفرة مع أمرائهم وتابعيهم . فحق عليهم العقاب الثلاثي الأبعاد .