.jpg)
سهام السعيد.. تفتح نوافذ الحنين للوطن ومكوناتهخلف عامر*
النوستالجيا هو مصطلح يوناني يستخدم لوصف الحنين للماضي، ويشير إلى الألم الذي يعانيه المريض إثر حنينه للعودة لبيته وخوفه من عدم تمكنه من ذلك للأبد.
البعد عن الوطن والأهل والحبيب وتذّكر أيامه وشخوصه وحكاياتهم أهم أسباب الحنين، ضمن هذا السياق تحاول الكاتبة" سهام السعيد" في نصها الموسوم بـ: "مرارة الغربة" تحدي مرارة الواقع، تجلى ذلك بتصوير أمنياتها المتمثلة بلقاء وجداني وحسي، الذي يرد للحياة خصوبتها كما كانت قبل الجفاف، الذي أحدثته الغربة وتداعياتها على النفس والسلوك.
فيما تحاول"السعيد" اقتناص لحظة فرح لتدونها عبر نصها الذي فرض الحنين وجوده بين سطورها، لتشكّل لوحة حقيقية لوطن يعيش في ذاكرتها .
*قراءة واقع:
يسأل القارئ كيف لقلب يحتوي كل هذا الكم من الوجع أن ينبض؟
وهذا ما يؤكد أن الكاتب ابن بيئته ويستقي نصوصه منها، فالأزمة فرضت على المكان وما فيه، مفردات تنزّ بالوجع والهم على مدار الساعة، وانعكس ذلك على أكثر ما قرأت من الأجناس الأدبية، ولمختلف الأعمار ومن الجنسين، ولم تغرد "السعيد" خارج سرب الألم والهم والقهر، إذ جَرَتْ في ذات السياق مستخدمة كلمات موجعة أفرزتها الغربة كـ: (مرارة – جسد منهك – ظمآن – حزّت السكين – ينزف – يبكي – دموع المهاجر – سجين – الغريب البعيد – بحرقة – جنّ المهاجر – سواد – عتم – ضيق – مرير أطفأ وهجه – حزين – السراب – نار – لظاها – الفراق )، مقابل كلمات دالة على الانفراج والفرح كـ: (شوق لنسمة – عبير الديار – ينعش روحه – شوق دفين – يبصر نوراً):
*مرارة الغربة)
تحت عباءة الغربة
جسدٌ منهكٌ مسكين
وشوقٌ لنسمة الوادي
وأنسامٌ كما النّسرين.
نبض القلب ظمآن
وحزّت روحه السّكّين
ينوح الحنين
ينزف شوقا ولا يستكين
خلف الجبال وبعد الحدود
أهلٌ وصحبٌ وشوقٌ دفين
ويبكي الحنين
دموع المهاجر سيلٌ غزير
تجول المآقي.. تعدّ السّنين
ويبحث عمّا يعلّل نفسا
تذوب اشتياقا وتكتوي حين
سوادٌ وعتمٌ وضيقٌ مرير
فنار الفراق لظاها ضنين
سحر الأماكن أطفأ وهجه
تعشّق وطن بقلبًّ سجين
ويبقى الحنين
يهيّج ذكرى الغريب البعيد
فيبدو الوجود بلون حزين
ويبقى الحنين..
رسولا يزفّ وعود الإياب
ويبصر نورا خلف الضّباب
ينشد لحن الرجوع بحرقة
يضمّ الأماني بين السّراب
إذا جنّ ليل المهاجر أمسى
صريعا لذكرى تشقّ العباب
يفوح عبير الدّيار بصدره
فينعش روحه رغم العذاب.)














