طاووس عمروش :
المرأة الجزائرية التي جمعت بين الغناء والكتابة
طاووس عمروش ، كاتبة وروائية ، ومطربة جزائرية ، اسمها " ماري لويزة " ، ولدت في 04 مارس 1913م ، من عائلة تابعة لقبائل الأمازيغ اعتنقت المسيحية ، والدها بلقاسم عمروش ، تعود جذوره إلى قرية " إيغيل علي "، بضواحي مدينة بجاية في الشرق الجزائري ، وأمها فاطمة آيت منصور ، وكانت الابنة الوحيدة في أسرة مكونة من ستة أبناء ، انتقلت عائلتها إلى تونس بعد اعتناقهم المسيحية ، أمها " فاطمة آيت منصور" مطربة مشهورة في قبائل الأمازيغ ، وكان لذلك تأثير كبير علي ماري في حياتها وفي أسلوبها الأدبي ، الذي يعكس التقاليد الشفوية لقبائل لشعب الأمازيغ، أنهمت دراستها الابتدائية والثانوية في تونس في 1935، وفي 1936 ذهبت إلي فرنسا للعمل الدراسة في مدرسة المعلمين, بدأت ماري ترجمة أغاني القبائل بالتعاون مع شقيقها الأكبر " جون عمروش " ووالدتها ، و في عام 1939م تلقت منحة للدراسة في اسبانيا، وهناك قامت بعمل بحث في العلاقات بين الأغاني الشعبية الأمازيغية والأسبانية .
لم يكن الحديث عن عائلة " عمروش " إلى وقت قريب في الجزائر سهلا أبدا ، بل كان من قبيل المحرمات لكونهم من دين المستعمر، حيث حرمت من وطنها ومن جنسيتها ومن ممارسة جزائريتها لأنها اعتنقت المسيحية ، جون موهوب عمروش” الأخ الأكبر ل طاووس ، كرمه الرئيس السنغالي في دكار في 21 مارس 1977، ويومها ألقى خطابا مطولا قال فيه “إن نضال أسرة عمروش فخر لكل إفريقيا ، ولقد ظل جون موهوب يحلم بأن جزائر الغد لن تكون فرنسية ، ولكن ظل الموقف الجزائري الرسمي من هذه العائلة متعنتا .
لقد كانت عائلة " عمروش" من صفوة المثقفين الجزائريين بعد نهاية حرب التحرير، غير أن جزائر ما بعد الستين، تنكّرت لها وجعلت إبداعاتها طي النسيان، وقد كانت الأم صاحبة كتاب رائع" تاريخ حياتي" ، يحوي مزيج من تعدد الثقافات والأعراق، والابن جون موهوب كان موسيقي وكاتب ، وطاووس عمروشن، شاعرة وروائية ومطربة شهيرة في فرنسا ، كتبت بالفرنسية أغلب نصوصها، لكنها سعت إلى حفظ التراث الأمازيغي الذي تنتمي إليه ، و كانت أول امرأة جزائرية تقوم بإعادة كتابة تراث أجدادها وتمثل هذا الإرث العريق في نصوص روائية وقصصية، تناولت معاناة المرأة من العادات والتقليد ، كما قامت بتسجيل الحكايات الشفهية والأساطير، والأمثال، والحكم الشعبية الأمازيغية، وبفضلها تم إنقاذ هذا الإرث من الضياع ، أول رواية نشرتها كانت في 1947 باسم ” الياقوتة السوداء”، وعندما نشرت مجموعتها “البذرة السحرية” في 1966 كتبته باسم “مرغريت طاووس” اعترافا بفضل أمها التي علمتها الكثير من الأغاني والحكايات والكثير من التراث الشفاهي، ومرغريت هو اسم أمها بعد أن اعتنقت المسيحية ، ما جعلها تهتم بتأصيل الإرث الأمازيغي ، وكانت كتاباتها تصب في التأسيس لمجتمع يعترف للمرأة بدورها المحوري ، إذ اهتمت جميع مساهماتها بالدفاع عن النساء ، خصوصا اللواتي يعانين قسوة الطبيعة وسطو المجتمع الذكوري في الأرياف والجبال ..
الجزائر : عيسى بودراع