في زمن ضاعت به القيم والأخلاق في زمن لا يسمى إلا زمن الرداءة والانحطاط الأخلاقي في العالم في زمن قامت الدنيا ولم تقعد لإسقاط أم الدنيا عشتار و نينورتا لإسقاط ثمانية آلاف سنة من الزمن. في زمن ابتلت الكرة الأرضية بخضم كبير من الحاقدين على الإنسانية نهضت نينورتا و عشتار سوريه لتقول لا لن تسقطوني ولن تهزموني فانا مسقط رأس أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر وهنا دماء الشهداء دائما ترسم خارطة الحياة هنا يبقى الشهيد نجمة الليل التي ترشد من تاه عن الطريق، وتبقى الكلمات تحاول أن تصفه ولكن هيهات،أتدرون أن الشهيد هو الإنسان الكامل الذي أسجد الله له الملائكة.. الإنسان الأسمى الذي حلم به أفلاطون.. هذا الإنسان الذي أهدي له سلاماً طأطأت الحروف رؤوسها خجلة، وتحيةً المحبة والافتخار بكل شهيد قدّم روحه ليحيا الوطن, فالوطن يقوم لينحني إجلالاً لأرواح أبطاله، و الشمس تغيب خجلاً من تلك الشموس. وعلينا أن نذكر كل شهيد في هذا الوطن, كذكرى أيّام ولاداتهم واستشهادهم وأن لا ننسى بأن الحاقدون الذين قتلوهم, لم يكن هدفهم سوى أن يمحوا أثرالانسان من هذه الدنيا, ، ولكن إن شاء الله أن وطني سيبقى دائماً وفياً لهؤلاء الأبطال وأن يبقى أبنائنا على العهد وفي نفس الطريق يسيرون, ليس هناك كلمة يمكن لها أن تصف الشهيد، وقد تتجرأ بعض الكلمات لوصفه، فهو: شمعة تحترق ليحيا الآخرون، وهو إنسان يجعل من عظامه جسراً ليعبر الآخرون إلى الحرية وهو الشمس التي تشرق إن حلّ ظلام الحرمان والاضطهاد. نحن نظلم شهدائنا مرة أخرى فهم ظلموا وقتلوا ونحن نأتي لنظلمهم ثانية فنغطّي آثارهم، وندفن أفكارهم كما دفنت أجسادهم ظلماً وعدواناً أهذا جزاء الشهيد..
أهذا هو جزاء تلك الدماء الطاهرة.. أمن الحبّ لهم أن لا ننشر أفكارهم، إن الأمة التي تنسى عظمائها لا تستحقهم. الشهيد هو لحظة التسامي فوق كل شيء، حينما يثبت في مواجهة الموت، ويعلو فوق الانعكاسات الشرطية، وقتها يتحقق فيه الإنسان الكامل الذي ترفع له التحية العسكرية، وتسجد له الملائكة في السماء. في ظاهر الأمر نحن أحياء وهم أموات، (ولا تحسبن الذين فارقونا واستشهدوا أمواتا لا أبدا هم احياء يرزقون ينظرون لعبثنا بدمائهم وغاياتهم التي استشهدوا من أجلها , فنحن في الحقيقة نعيش أمواتا، نمارس العيش المزيف، نركض خلف قوس قزح، نلهو، نعبث، نضحك ونبكي على صفقاتنا البائسة ، نتشاجر على حطام الدنيا، نتفاخر، نركض خلف ألف وهم ووهم، ورغباتنا تداهمنا نحن بائسين تأخذنا اللذة والانشغال في توافه الأشياء، نعيش بضع سنين أخرى وفي النهاية.. يأتي الموت. عندما يرتقي الشهيد ويزف زفاف الهي إلى العلياء بالتأكيد، عندها تغيب الزغاريد الدموع, عندها لا يبقى لدينا شيئاً إلا الوفاء للوطن، لأنه قد لخّص كل قصتنا بابتسامته. كلّ قطرة دم روت تراب الوطن, فارتفع شامخاً، فكلّ روح شهيد كسّرت قيود الوجل وتقدمت لتقول اني اترك لكم أمانة الوفاء للوطن، وكم طفل يغسل بدموعه جسد أبيه, وكم أم ما زالت على الباب تنتظر اللقاء.
<نعم في مواجهة الموت ترى السماء تعانق العصفور، ، فنتحول إلى مجرد انعكاس يفر من الألم، ويتوارى منا الإنسان ويبقى الشهيد هو رمز الإيثار، فكيف يمكن لنا أن لا نخصص شيئاً لهذا العظيم فأيام الدنيا كلها تنادي بأسماء الشهداء وتتغنى بذكر وصاياهم، فكيف لا نصغي لها. إن على كلّ واحد منّا عايش الشهداء أن يتحدث عنهم، عن أخلاقهم وصفاتهم الرائعة وكلماتهم النيّرة، فهذه أمانة في أعناقنا علينا أن نؤديها ولتكن ثقافتنا لتحقيق أسمى معاني الإنسانية والتضحية ليبقى غيرنا منعما بالسلام، فإذا كنا نحن من أنعم علينا بمعايشتهم لا نتحدث عنهم فمن الذي سينقل كلماتهم الطيبة وسماتهم الصالحة إلى الآخرين الذين حرموا من معرفتهم، أو إلى الأجيال الأخرى القادمة التي لا تعرف بأن على هذه الأرض مشى أناس قد يكونوا من أفضل من كانوا في عصرهم.
مازلت أسير مشهدا لم أستطع أن أنساه، حينما سقط وهو يروي التراب بدمه الطاهر وهو يقول أمانة بأعناقكم لا تتخلوا عن طريق الشهادة, فتحية الشرف لأرواح الشهداء أجمع، لقد انهمرت الدموع من العيون حتى أوجعتنا. فالدماء تتفجر، والشهداء يسقطون، من أى نفحة الهية صيغت نفوس هؤلاء الشهداء، كيف استطاعوا أن يثبتوا ويهزموا الخوف من الموت, والخوف من الرصاص، أي روح قدسية تملكتهم في تلك اللحظة، أي بطولة يعجز عن وصفها اللسان. حين يبذل الشهيد روحه طواعية، حين يثبت في مواجهة الموت، حين يسمو على الحياة التي نحرص عليها بغريزة أساسية، نحن مخلوقات تركنا القيم ، ، كلنا نحرص على الحياة،، حتى لو تمنينا الموت بطرف اللسان، تكذّبنا جوارحنا، لأنه حين يقترب الخطر، نقفز إلى الرصيف ، بسبب الرعب، رغم أننا كنا منذ دقيقة واحدة نتحدث عن ضجرنا بالحياة.
فالشهادة أحد المرامي التي نرمي إليها فإذا ما أطلت برأسها سوف نكون مرحبين بها. فلا تبكي الشهيد فاليوم بدأت حياته.. فالشهيد يعيش يوم استشهاد,. فأشرف الموت موت الشهداء. والشهادة في سبيل الوطن هي خلود في موت رائع, لا بالكلام يؤكد الشهداء إيمانهم. من سأل الله تعالى الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه. فالشهادة دعوة لكل الأجيال في كل العصور: إذا استطعت، انتزع الحياة وإلا فقدمها.
وتبقى وصية الشهيد أن احرصوا على وطن غالٍ افتديناه بأرواحنا ويقول لنا أنا الشهيد أبن الوطن والحرية والكرامة فسوريا لا تركع وسورية الله حاميها والقائد بشار والجيش العربي السوري بالعزة بانيها.
وطن شرف إخلاص
أحمد عثمان