م . عبدالله أحمد
السفسطائيون في كل مكان ينظرون ويعبثون ويدعون ….وفي الازقة فوضى …والدماء تسفك … الارض تتململ… وجوه مكفهرة تستجدي رحمة السماء …ويبقى ذلك المجنون يقف على تخوم بلدته الصغيرة وعلى مفترق الطرق التي تؤدي كلها الى ذلك الجرف العميق الا واحده وعرة تقود الى جبل الصفاء …يقف يشير للناس الى طريق الصفاء الا انهم يهزأون منه ويضحكون.. انه المجنون …..فهم ينحدرون بصراخ وهرج اشبة بالهذيان … انه مسار الامم التي لا تتعلم من ازماتها تنحدر بدافع غريزتها دون أن تدري الى الجرف الاعمق حيث لا يسمع الصراخ …ولامعنى لطلب الاستغاثة …
ويتمتم المجنون اين اختفى الجميع ….ويعم السكون واذ بحماره يظهر بعد غياب …ويقف بجواره ..فما ان يصعد ويمتطيه يتجه الحمار ويختار الطريق الوعر …فالمجنون برفقة حماره يلجأ لتلك التلة الخضراء عند كل امر جلل يصيب بلدته الصغيره حيث السكينة والصفاء له والطعام لرفيق دربه .
ويعم الصمت ويردد المجنون كلمات غريبة …ويســأل نفسه في حيرة هل انا عاقل في وسط هذا الجنون ! اما مجنون في وسط هذه العقلانية التي تحكم على الانسان كما الامم بالغرق والموت …فالبقاء محال ….يضحك ويبكي في آن
وقبل المغيب تهب نسمات لطيفة فتحمل فيما تحمل ورقة عليها نصوص يخفيها الغبار الا أن النص واضح مع أنه مائل قليلا …. فيقرأ
" قد يكون الطوفان الذي غمر الالارض في عهد نوح أكبر طوفان عرفته البشرية حتى اليوم ..لكنه ما كان الاول او الاخير من سلسلة الطوفانات ..فطوفان النار والدم الذي عما قريب سيجتاح الارض سيفوقه عنفا وخرابا . العلكم اخذتم العدة لتعوموا ، ام انتم قانعون بان تغرقوا مع الغارقين ؟"
هل الامم تغرق ايضا ! ..ويتردد ذلك الصوت من جديد ..ان غرق الناس فلن تكون هناك أمم …..فالامم تزدهر بالعقل والمحبة وتقتلها الغرائزية والادعاء والتباهي فلا تعد تعرف اي الطرق تسلك .
صمت وحيرة ….من كتب هذا! …وهل الزمن يكرر الاحداث والكلمات ….هل أنا من كتب ذلك ونسيت ..لا انها كلمات صديقي "مرداد " مع انها تسبح في نبضي…
آه اني الا اقوى على الارتفاع اكثر …وحماري قد اختفى من جديد …لكنني لاأريد أن أكون من الغارقين ولا بد من الوصول الى تلك القمة ..ولافرق هنا أن كنت مجنون او عاقلا …فلقد سئمت تجارب الثنائية المفرطة بالشك واليقين …فالاتفاع يقتل الثنائية ويفرغ الابعاد من محتواها …
وبعد عناء يصل ….ويغمض عينة ويسأل هل أنا في عتمة الليل او ضياء النهار …ولكن كيف لعتمة الليل أن تضئ لي الطريق؟ …وكيف لي ان أرى في ظل هذا الضياء بدون ظلال العتمة ؟ الا أن التعب والنشوة يأخذانه الى لحظه التلاشي فيذوب الزمكان ….ويردد أنا المجنون لا أدري أن كنت في صحوة او في حلم او غفوة على ضفاف سحرية