….هل ستقـطع شطـحات ترامب الحبل السـري مع أوروبا ؟………………
…………..وهل ستتمكن أوروبا من الفكاك من الاخطبوط الأمريكي؟………………
…………..تأخــــرت أوروبا في ادراكــــها أنها مستعــمرة أمريكـــية………………
المحامي محمد محسن
…………..[ منذ سنتين وأكثر أكدت في مقال أن أوروبا ستتجه شرقاً ]………….
بعد الحرب العالمية الثانية أمسكت أمريكا بتلابيب أوروبا المدمرة ، من خلال شعارين كاذبين : [ الزعم بأنها ستعيد بناء ما دمرته الحرب ، وحمايتها من الاتحاد السوفييتي وثورته الاشتراكية ] ، فطرحت مشروعاً سمي ( مشروع مارشال ) بهدف إعادة بناء ما تهدم ، وإذا بذاك المشروع يمسك بكل مناحي الحياة في أوروبا السياسية ، والعسكرية ، والاقتصادية ، ويشدد السيطرة عليها وفق قاعدة " ما هو لي لي وما هو لك أيضاً لي " ) ، وأهم مهماته التي أقدم عليها ، [ تفخيخ منظمات المجتمع المدني من خلال عملياته السرية ، وتوظيف كل مناحي الحياة لصالح المستثمر الجديد ثري الحرب أمريكا ] ، وللتاريخ [ أمريكا تدخلت في السنة الأخيرة من الحرب فخسرت فقط / 280 / ألفاً من جنودها ، بينما قدم الاتحاد السوفييتي / 26 / مليونا من أبنائه ، وهو الذي حسم الحرب ، وحقق الانتصار ، وهزم النازية ، ومع ذلك شوهت أمريكا التاريخ وسجلت الانتصار باسمها ، في الوقت الذي تعتبر فيه أمريكا ، ـــ ثرية حرب ـــ ، منذ ذلك التاريخ وأمريكا تتعامل مع الدول الأوروبية ، وكأنها مستعمرات أمريكية مع بعض الهوامش ، حيث نشرت قواعدها العسكرية على جميع الأراضي الأوروبية ، تحت حجة حمايتها من المد الشيوعي .
.
لم تكتف أمريكا بالسيطرة على أوروبا الغربية ، بل ساهمت عن طريق مخابراتها ، ، بإشعال الثورات " المخملية ، في أوروبا الشرقية ، التي بدأت بإضراب عمال نقابة التضامن في مرفأ " غدانسك " في بولونيا برئاسة " ليخ فاليسا "، بعد استغلال زيارة البابا البولوني أسوأ استغلال [ وهو أول بابا من خارج ايطاليا تم تنصيبه منذ عام / 1523 / ] ، ثم تدحرجت كرة الثلج في جميع دول أوروبا الشرقية ، التي تعاصرت [ وصعود الزعيم السوفييتي [ غربتشيف ] الهزيل ، والمستسلم ، الذي قال في اجتماعه مع قادة أوروبا الشرقية : [ دافعوا عن أنفسكم فنحن لن ندافع عنكم ] ، فبدأت هياكل تلك الدول تترنح ، ثم بدأت تتهالك وتتهاوى الواحدة تلو الأخرى ، وكانت الضربة الأخيرة ، انهيار جدار برلين عام/ 1989 / ، عندها استكملت أمريكا السيطرة على الأوروبيتين الغربية والشرقية .
.
انضمت أوروبا الشرقية إلى الاتحاد الأوروبي ، وتحولت طاقاتها البشرية إلى عمال بالأجرة في أوروبا الغربية كمتسولين ، أما شركاتها فلقد بيعت إلى الشركات الأمريكية بمبالغ زهيدة ، ثم استثمرت الشركات الأمريكية الطبيعة البكر النظيفة باطناً وظاهراً أبشع استثمار ، كما نقلت شركاتها الملوثة إلى تلك البلدان ، ، حتى باتت جميع دول أوروبا الشرقية ملعباً للمخابرات الأمريكية واستثماراتها ، من خلال سيطرتها على جميع مناحي الحياة فيها .
.
لم تكتف أمريكا بكل ذلك بل نازعت أوروبا على جميع أسواقها ، في القارتين الآسيوية والإفريقية ، والتي كانت جميع تلك الدول من المستعمرات الأوروبية سابقاً [ بريطانيا العظمى التي لا تغيب عنها الشمس ، وفرنسا الاستعمارية ، ] فحلت أمريكا محلهما ، بما فيها على وجه الخصوص جميع الأسواق العربية التي كانت تتقاسمها بريطانيا ، وفرنسا ، [ وبخاصة ممالك الخليج التي كان أسمها حتى في كتب الجغرافيا ( محميات بريطانية ) ، كل نفطها ، وكل ملوكها ( باتوا خدماً عند الكوبوي الأمريكي ) ، وبات السفير الأمريكي بمثابة المندوب السامي .
.
هذا لا يعني أن أمريكا لا تترك لأوروبا بعض الصفقات لتعتاش عليها بدلاً من أن تصاب بالإفلاس ، ولكن وللتاريخ حاول الجنرال ديغول التمرد والخروج على الإملاءات الأمريكية ، وعبر عن ذلك بخروجه من [ الجناح العسكري للناتو ] ، كما حاول ذلك شيراك في رفضه الاشتراك في الحرب على العراق ، ولكنه سرعان ما عاد تائباً ليأخذ بعضاً من الكعكة .
أمريكا والمنظومة الجديدة
——————-.
حاولت أوروبا إعادة بعض من هيبتها السياسية والعسكرية المفقودة ، فدعت للوحدة الأوروبية ، على أمل تشكيل منظومة اقتصادية منافسة ، تستعيد من خلالها بعضاً من اسواقها المسروقة ، كما عملوا على توحيد العملة الأوروبية ، [ اليورو ] ، للوقوف أمام الدولار الأمريكي الذي يعتبر العملة العالمية الوحيدة ، ولكنها لم تتمكن من الخروج من تحت الوصاية الأمريكية ، كما لم تتمكن من انجاز الحلم الذي كان مأمولاً من خلال اقامة ذلك الاتحاد ، حتى وصل الحال إلى تململ بعض الدول ، وخروج بريطانيا منه ، وبدى وكأنه لم يضف للواقع السياسي والاقتصادي أية اضافات نوعية ،
نعم يجب أن نعترف أن خروج أوروبا من تحت الوصاية الأمريكية ليس هيناً ، لتشابك اقتصادها لعقود طويلة مع الاقتصاد الأمريكي ، في المراحل الأولى من فك الارتباط ، ومن خلال العقوبات التي قد تفرضها عليها أمريكا ، ولكن سرعان ما ستتمكن من تعويض تلك الخسائر ، من خلال الأسواق المشرقية الجديدة الواعدة التي ستُفتح أمامها من جديد ، على أن تنسى تاريخها الاستعماري ، وتتعامل مع شعوب المنطقة تعاملاً فيه فائدة للطرفين ، وبعد فكاكها من التبعية الأمريكية ، ستلقى ترحيباً من ايران ، وروسيا ، والصين ، والهند ، وغيرها .
.ترامب يوقظ اروربا من غفلتها
——————————
إذن إن قرار ترامب المتسرع الذي قرر بموجبه انسحابه من الاتفاقية النووية مع ايران ، يمكن أن يكون الضربة القوية التي توقظ أوروبا من غفلتها ، ويضع أوروبا أمام فرصة تاريخية ، يدفعها دفعاً للتفكير الجدي لأول مرة ، لإيجاد الحلول المواتية للخروج من تحت العباءة الأمريكية ، وان استثنينا المسألة الاقتصادية ، سنجد أن جميع الشروط باتت متوفرة للتوجه شرقاً وادارة الظهر لأمريكا ، وذلك للأسباب التالية :
1ـــ البعبع السوفييتي الذي كانت تستخدمه أمريكا كفزاعة للشعوب الأوروبية ، لم يعد موجوداً ، فروسيا الاتحادية باتت دولة رأسمالية ( ولكنها غير استعمارية ) ، ولم تعد معنية بتصدير الثورة الاشتراكية .
.
2 ـــ تمد روسيا أوروبا بشريان الحياة ـــ الغاز ـــ وهذا يعزز ويؤكد المصلحة الأوروبية المشتركة مع روسيا ، فضلاً عن أن غالبية مصالح أوروبا مع الدول الآسيوية .
.
3ـــ لم يعد للقواعد الأمريكية العسكرية المنتشرة في أوروبا الغربية والشرقية أية أهمية قتالية ، في زمن الصواريخ البالستية ، والصواريخ العابرة للقارات ، التي باتت قادرة أن تصل البر الأمريكي ، من داخل الأراضي الروسية ، مما يجعل القواعد الأمريكية في الدول الأوروبية وغيرها ، ليس لها أية فاعلية عسكرية ، بل قد تشكل خطراً على الدول المستضيفة لأنها ستكون أهدافاً مشروعة للصواريخ الروسية ، في حال نشوب حرب ، وهذا يجعل حلف الناتو بدوله / 67 / أيضاً غير ذي فاعلية ، ولم يعد يخيف أحداً ، لذلك قد تبادر أوروبا الخروج منه ، وهي الآن تسعى لتشكيل قوات عسكرية أوروبية مشتركة بديلة .
.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هل ستهتبل أوروبا فرصة قرار ترامب الأرعن ، وتعتبره فرصة للخروج من تحت الوصاية الأمريكية ؟ ، التي تتوافق مع مصلحتها السياسية ، والاقتصادية ، والعسكرية ، لأن خروجها هو الطريق الوحيد لتجديد شبابها وتصبح [ أوروبا الشابة ، بدلاً من أوروبا العجوز !!!] ، [ وتسهم في دورها الإنساني ، وتتناسى تاريخها الاستعماري ]
:
وبخاصة وأن الحروب الكبيرة بين الدول قد باتت مستحيلة .
كما أن خروج أوروبا من تحت الوصاية الأمريكية ، الدولة التي تقود سياسة التوحش في هذا العصر ، والتي كانت تؤازرها أوروبا صاغرة في تلك السياسية العدوانية العبثية ، قد تجعلها تفكر بطي صفحتها الاستعمارية .
كما أن ولادة القطب المشرقي العالمي الجديد بقيادة روسيا ، الذي سيلجم العدوانية الأمريكية ويمنعها من العبث بمصائر البشرية ، ويقيم حالة من التوازن العالمية ، لأول مرة منذ عقود .
.
[ لعل هذه المتغيرات الاستراتيجية الثلاثة التي ستتم على مستوى العالم ، ستجعل الشعوب الأوروبية ، تفكر لأول مرة أن الحضارة ليست للحروب وللموت والدمار ، بل يجب أن تسخر الحضارة لخدمة ( حرية الإنسان ، وصحته ، ورفاهيته ) ] .
……………… [ هــو أقــرب للحـــلم ولكــن لابــد وأن يتحـــقق ]