أدونيس حسن
وأذكرُ أنه
لم يكنْ كلُ ما حولي محيطاً بي
رغمَ أنني لملمتُ كثيراً من النجماتِ
وخبأتُها في صندوقِ صباحٍ لم يأتِ بعد
أمسكتُ فصولَ الربيعِ التي مرتْ
وأودعتُها في ممراتِ الخريفِ القابعِ في مدنِهم
لم يتركوا لي منه إلا عريَ أشجارِهم
المشغول بصفعي بأشواكِ وقتِهم
أذكرُ أنهم …
نزعوا وجهَ الحياةِ عن قنِاعها …
ولذتُ بوجهِها
أُقطِّرُ في كلِ يومٍ ألفَ غيمةٍ في قارورةِ العطرِ من عزلتِهم
وأوقدُ ألفَ حقلٍ من السنابلِ بذهبِ الامتلاء
أُلبٍسُها كلَ ظهيرةٍ قبعةَ الانحناء …
لم يسمعوا الدويَ المنبئَ عن قدومِ النوارسِ
وهي تحملُ زرقةَ البحرِ على جناحٍ
وعلى الآخر
قلبَه النابضَ بكلِ ما رسا في أرضِه من الأعماق
أذكرُ أنني ..
كنتُ أراهم يسقطونَ صعوداً … وأنا أصعدُ سقوطاً..
قد كانتْ لهفتي أشدَ ناراً
أن أتركَ جيوشَ الفناءِ تنصبُ أقواسَ النصرِ فوقَ أراضِ الجذور
أو أراهم حطبَ المشانقِ المنصوبةِ على حدودِ رحيلِ النهار
لم تتحملْ رأسي المسحوقةُ بكثافةِ خوائِهم
أن تتدثرَ بدفءِ موقدِ المقاصلِ المُقامة على حافةِ الغروب
كانتْ دمائي تسيرُ في عروقِ قراهم
و لم يروا لونيَ بها
أذكرُ أنهم …
سحبوا من عنابر داري كثيراً من الحنطةِ المحصودةِ
منذ بدءِ امتدادِ السنين على سهول النصل من ابتسامة المنجل
لم أعطِ الأوامرَ للحراسِ أن يمنعوا أحدا
كنتُ أعي أنهم سيعيدُونها
بعدَ أن يكتشفوا أن خبزَها سيقتاتُ كثافَتهم
ويمدُ من نسيجِها لطيفَ الأثير
لن يستطيعوا اعتيادَ ليلٍ خالٍ من الظلام
وأعلمُ ..
أنهم اشتروا الجهدَ بالراحة ..
والسعيَ بدلوه بالوصول
وأذكرُ منذ عام
وفي مثلِ هذا اليوم
أن كلَ ما مرَّ بي من طرقاتٍ
أو مررتُ بها
لم يكنْ إلا قلب الشمس
يغسلُني من عوالقِ الأرض
حتى ألتقي نفسي
بين يدي سمائِك
ـــــــــــــــــــــــــ 2010