هـــــل آب الأكــــــراد إلـــى رشـــــدهم بــــعد خيـــــانتـين ………….
…………..تعـاونوا مـع الأمريـــكي وحــالوا بيــن الجيـــش والحــدود…………..
…………..فأضــــاعوا عفــــرين كمـا أضـــاعوا ثقــــة الوطـــن بــهم ………….
بقلم المحامي محمد محسن
الهجمة الأمريكية على المنطقة ، وهي تقود جحافل تحالف من مئات الدول يتقدمها ملوك العرب العملاء ، الذين تعهدوا بالجهد العسكري أداة ، وتكلفة مادية ( خميس بشرق الأرض والغرب زحفه ) ، هذا الطاغوت بقدراته العسكرية ، وتاريخه العدواني ، والانتصارات التي حققها في البلقان ، والعراق ، وليبيا ، أعطى انطباعاً مؤكداً وحاسماً للحلفاء ، والعملاء ، والانتهازيين ، والحاقدين ، والمتمذهبين ، والإخونج ، والوهابيين ، [ والأكراد الانفصاليين ] ، أن النصر قادم لاريب في ذلك ، وأن النظام السوري سيسحق بين ليلة وضحاها ، وعمره بات يعد بالأيام ، فاستنفر كل أولئك الرهط الثماني الألوان ، وراح كل فرد فيه يتبرع بجهده سعياً وراء احتساب موقفه المؤيد ( للثورة ) ، عند توزيع المغانم السلطوية والمادية في المستقبل القريب ، حتى بات البعض يسيل لعابه ، ويفاوض أصحاب الحل والعقد ، عن حصته في المغنم السلطوي القادم ، [ أما الأكراد فظنوا أن الانفصال بات قاب قوسين أو أدنى ] فالرهط ثماني الألوان سارع إلى الخروج خارج البلاد ، الإخونج وزبانيتهم اتجهوا إلى تركيا ، والوهابيون ودعاتهم اتجهوا إلى السعودية ، [ والأكراد تلطوا في كنف أمريكا ] ، أما المثقفون " القشريون " الموزعون على تلك الأجناس السبعة ، فلقد توزعوا على المحطات الإعلامية للدول الغربية التي يعملون لصالحها ، وبدأ الردح والكذب والافتراء ، انطلاقاً من أن الحصص ستوزع بحجم مردود الكذب والتلفيق الذي سيقوم به ، في الحرب الإعلامية ، المرافقة للحرب العسكرية .
.
………………….فــــما كـــــان شــــأن الأكــــــراد ؟…………………
كل ذاك الضجيج ، وكل هذا الزحف الكبير غير المسبوق ، وكثير من الأحلام العتيقة المكبوتة ، ايقظت الروح الانفصالية عند بعض المتعصبين الشوفينيين الأكراد ، فانخرط الأكراد في ( الثورة ) كفصيل أساسي معارض ومقاتل ، ولكن بتمايز مطلبي ذو بعد انفصالي ، ودخلوا اللعبة العسكرية والسياسية ضد دولتهم ، التي آوتهم واستقبلت غالبيتهم كمهاجرين من بلدانهم بشكل خاص من تركيا والعراق ومن ايران أيضاً ، فشكلوا فصائل مقاتلة تحت مسمى [ قوات سورية الديموقراطية ( قسد ) ]، تأتمر بأمر أمريكا قائدة الزحف ، التي عززت مواقعهم ومنَتهم بتحقيق الانفصال الناجز ، ورفعوا العلم الكردي بديلاً عن العلم الوطني ، وبدأوا يتوسعون بمساعدة القوى الجوية الأمريكية ، فدمروا الرقة بالكامل ، وتصالحوا مع وحوش داعش الذين أخرجوهم منها إلى مواقع أخرى ليستفيدوا منهم في مواجهة الجيش العربي السوري ، واستولوا على أهم حقول النفط في الجزيرة السورية ، بعد أن احتلوا شرق الفرات كله ، مع الشريط الشمالي الواقع على الحدود السورية التركية ، وبعض من ريف حلب الشمالي وصولاً إلى عفرين ، وضيقوا الخناق على القبائل العربية ، وأجبروا شبابها على الانخراط في الوحدات الكردية ، وفرضوا سيطرتهم على الدوائر الحكومية ، ثم قاموا ببعض المناوشات مع الجيش العربي السوري ، مدعومين بالزخم والتحريض الأمريكي ، كما حاولوا توظيف داعش في بعض المواقع حفاظاً على مكاسبهم .
.
طُرد ممثلو الأكراد من مؤتمرات المعارضات السورية في تركيا ، لتعارض مصالحهم مع المصلحة التركية ، وأخرجوا خارج أطر المعارضات السورية المتعددة ، فباتوا أيتاماً إلا من أمهم أمريكا التي منتهم بالمن والسلوى ، وشكلت لهم ظهيراً وموئلاً ، بالسلاح والعتاد والدعم الجوي ، كما حاولوا الاستفادة من حزب العمال الكردستاني في تركيا ، الذين راحوا ينهجون نهجه في العسكرة ويقلدونه ويستفيدون من خبراته القتالية ومن خبرائه ، ويشاركونه أحلامه في الانفصال ، كما شكل العمق الكردي في تركيا ، بعداً اجتماعياً وظهيراً بشريا ، حيث أمدوهم بالرجال والسلاح والخبرات ، وعززوا آمالهم لتشاطئهم معهم في الحدود ، فتطاول حلمهم حتى باتوا يحلمون بدولة كردية ممتدة من الشرق التركي والشمال السوري ، وصولاً إلى الكانتون الكردي في الشمال العراقي بقيادة البرزاني ، الذي أعطاهم أيضاً دفقاً من الثقة بالذات ، متكئين على وسادة اسرائيلية من خلال صديق الأكراد وداعمهم ( برنار ليفي ) ، وبعد انجاز الدولة الكردية الحلم الثلاثية الأبعاد السورية التركية العراقية ، لابد وأن تتجه أنظارهم إلى المكون الكردي في ايران ليكون جزءاً من الدولة المنتظرة ، كل هذه الاستطالات والتطلعات والأحلام الكبيرة ، وما فتحته لهم الحرب الكونية على سورية من الآمال ، الذين تشاركوا فيها مع الفصائل المعارضة الأخرى ، والثقة بأن النظام في سورية على شفا حفرة هار ، كل هذه الأسباب والعوامل التي ذكرناها ساهمت بشد أزرهم وتصلب عودهم وظنوا أنهم باتوا قادرين على فرض شروطهم على الدولة السورية .
.
تأخر الأكراد في الاستفادة من الدروس والعبر وأهمها : التخلي الأمريكي عن البرزاني ومحاولته الانفصالية ، ولم يضعوا انتصارات الجيش العربي السوري في ميزان حساباتهم والذي تمكن من تحرير 90 % من الأراضي السورية ، كما أن عدم تقديرهم لقواهم وقدراتهم الذاتية ، والحؤول دون وصول الجيش العربي السوري إلى الحدود مع تركيا ، لكن رابعة الأسافي كانت بالنسبة لهم هي : وقوف أمريكا التي استقووا بها متفرجة من حربهم مع الجيش التركي ، كل هذه العوامل جعلتهم ينهزمون أمام الجيش التركي ، فسقطت عفرين ، بيد الجيش التركي وعملائه من الإخونج ، وهزمت قسد الكردية .
.
وهم الآن يضربون أخماسهم بأسداسهم لأنهم باتوا في حيرة من أمرهم ، يتساءلون ما هو مستقبلنا ، فالخيبات باتت متلاحقة ، والثقة بأمريكا وصلت إلى أدنى مستوياتها بعد تصريحات ترامب بالانسحاب ، لكنهم مع الأسف تأخروا في الوصول إلى هذه القناعة ، بالرغم من الضربة الموجعة التي تلقاها ( البرزاني ) عميل اسرائيل ، من تنكر أمريكا له بعد الاستفتاء الانفصالي الذي أجراه ، لكن أحلامهم الآن بدأت تتسرب من بين اصابعهم بتسارع لم يكن في حسبانهم ، فالجيش العربي السوري وبعد انتصاراته التي أذهلت العالم ، في الشرق والغرب والجنوب ، بدأ يشخص بناظره نحو الشمال الشرقي ، حيث قطعة عزيزة من الوطن باتت خارج السلطة الوطنية ، لذلك وبعد سحق الجيب الارهابي المتواجد في ادلب ، بصفته مكباً للإرهابيين المهزومين ، سيبقى أمامه فقؤ الدملة ( قسد ) الكردية وكل من وقف معها ووالاها .
.
أعتقد أنه على البعض من الأكراد الذين استعادوا قدراتهم العقلية بعد ضياع ، وبعد ادراكهم أن أمريكا استخدمتهم كأداة ، يجب أن تتوجه مهمتهم الأولى إلى اقصاء أولئك الانفصاليين الشوفينيين من مواقعهم القيادية ، وتحميلهم مسؤولية ما حدث وما سيحدث ، كما حدث للبرزاني الانفصالي الذي أقصي من مواقعه ، لأنه أخطأ في حساباته ولم يتفهم الواقع العراقي العسكري وبخاصة بعد ولادة الحشد الشعبي ، كما ستكون مهمتهم الثانية ارسال بعض اشارات حسن النية إلى السلطات السورية ، وان لم تلاقِ جهودهم آذاناً صاغية عند ممن لم يعد قادراً على استرجاع توازنه ، بعد ذهابه بعيداً في برامجه وأحلامه الانفصالية ، عندها سيجدون الجيش العربي السوري وقد تجاوز نهر الفرات واصبح على أبواب بيوتهم ولا مفر .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المنطق يقودني إلى الاعتقاد أن ما كان سيحققه الأكراد قبل ( همروجتهم ) العسكرية الانفصالية ، أكثر بكثير مما باتوا بإمكانهم تحقيقه الآن ، فمن رفع السلاح بوجه وطنه وأصبح مطية لأعداء شعبه ، ستكون يده هي السفلى وعليه تقبل ما يرمى له .
فالجيش المنتصر هو الذي يحق له فرض شروطه على الكافة ، حتى على فلول القوات الأجنبية ، أمريكية كانت أو تركية ، التي لن تجد لها مفراً من حمل عتادها والرحيل ، وإلا فسيجدون من كان معهم قد انقلب عليهم ، وسيوجه بنادقه باتجاههم ، هكذا هو المألوف .