ابتلــــيت شعــــوبنا بالمــــلوك العمــــلاء والشيـــوخ الأغبــــياء ………….
………..[ جمــــدوا العــــقول ] وزرعـــوا الفتـــنة ، وفتــــتوا البلـــــدان…………..
………..ماضـــــي وحاضــــر ومستقــــبل هـــذه الممــــالك وشيـوخــــها ………….
المحامي محمد محسن
السقطة التاريخية التي أصابت شعوبنا ، والتي دفعنا أثمانها الباهظة ولا نزال ندفع ، وأصابت الكثير من العقلاء وليس الكل ، ونأمل أن نكون قد وصلنا إلى آخر الشوط ، السقطة تلك هي : تناسينا وتجاهلنا لأسباب تأسيس الممالك العربية الرجعية ، ومن أسسها ؟ ، ولأي غايات تأسست ؟ ، وما هي المهمات التي أُوكلت لها ؟ ، وما هي الخدمات التي قدمتها لبريطانيا المستعمرة الدولة المؤسسة سابقاً ؟ ، ولأمريكا الحامية للعروش العتيقة لاحقاً ، وبعض تلك الخدمات تُجيَرُ إلى الوكيل الحصري اسرائيل ، المفوض في المنطقة .
.
……………….ممــــــــلكة بنــــي ســـــــعود
فمملكة بني سعود أسسها البريطانيون بهذا الحجم الجغرافي وبذاك الامتداد ، حتى تكون على تماس حدودي واجتماعي مع جميع المحميات الخليجية ، والدول العربية الثلاثة شرقي المتوسط اليمن ، والعراق ، وسورية ، ولتكون قريبة من أي وحدة اجتماعية من هذه المحميات والدول ، ليؤهلها قربها على تنفيذ جميع المهمات والأوامر التي تعطى لها ، ومن حبك للمؤامرات وشراء للعملاء ، وتفتيت لتلك المجتمعات والتآمر عليها ، ولا يجوز أن ننسى مؤامراتها المتكررة ضد الوحدة بين سورية ومصر ، واشتراكها بكل طاقاتها في الحرب على سورية واليمن .
……………….تصنيـــــــع المـــذهب الـوهـابي
لكن بريطانيا المشرفة على الولادة لم تكتف بذلك ، بل حملتها مهمة ثانية تتقاطع مع الأولى وتساندها ، حيث أقدمت على عقد مصاهرة بين بني سعود وبين محمد بن عبد الوهاب ، الذي أشرف على تدريبه خبراء استخباريون ومتخصصون بريطانيون في الأديان ، فصنعوا منه فقيهاً اسلامياً تحريفياً ، استفاد من فقه ابن تيمية المحسوب على [ حشوية الحنابلة ] والذي استند على الأفكار التلمودية اليهودية ، حيث قال بتجسيد الله وبتشبيهه بالإنسان وأن له لحم وعظم ، فكفرته جميع الفرق الاسلامية التي لا تأخذ بفقهه ، واتهم بالزندقة مع تلميذه ابن القيم الجوزية ، ومات في سجن القلعة في دمشق بتهمة الزندقة ، أما تلميذه ابن القيم الجوزية فلقد أُركب على أتان بالمقلوب جابت به شوارع دمشق ، وهو يُسفه ويُلعن من كل من رآه ، ومع ذلك لايزال فقههما يدرس في الجامعات السورية والمعاهد الدينية السورية .
.
ومن هذا الخليط وبمساعدة الخبراء البريطانيين ، صاغ بن عبد الوهاب قاعدته الفقهية التي تكفر جميع المذاهب الاسلامية الأخرى ، وبخاصة المذاهب الأشعرية الأربعة بالذات ، حيث تم اعتماد قاعدة فقهية كأساس لمذهبه تقول : [ من دخل في دعوتنا له ما لنا وعليه ما علينا ، ومن لم يدخل معنا كافر مسفوح الدم ] ، بذلك تكون مملكة بني سعود الوهابية هذه قد كلفت بمهمتين في آن واحد : تشويه الاسلام وشيطنته وتفتيته حتى استحصل على [ شهادة " ايزو " بالإرهاب ] ، بالإضافة إلى التآمر وتمزيق شعوب المنطقة وتفتيتها خدمة لحماتها ولإسرائيل في آن .
.
……………. مســــرحية تأسيـــس ممـــــــــــلكة الأردن .
أما مملكة الأردن فكانت صناعتها من قبل بريطانيا أيضاً اشبه بالمسرحية
فبعد انتصار الثورة العربية وطرد الأتراك من المنطقة ، عين الأمير فيصل ابن الشريف حسين ملكاً على سورية ، ولكنه اضطر للهرب إلى العراق ، عندما هاجم " غورو " دمشق ، ولقد تزامن هروبه مع سيطرة بني سعود على الحجاز كلها ، وطردهم للشريف حسين وأولاده منها ، فهاجر البعض منهم وقتل البعض الآخر ، فخرج الأمير عبدالله جد الملك حسين بن طلال ، هارباً قاصداً دمشق حيث أخاه ملكاً .
وعندما وصل بلدة عمان مع أهله وأعوانه ، وصله خبر هروب أخيه الملك فيصل إلى العراق ، فتقطعت به السبل وحار في أمره فهو لم يعد بقادر على العودة إلى مكة لأنه سيقتل ، ولا متابعة المسير إلى دمشق ، فاتصل بوزير المستعمرات البريطانية آن ذاك [ تشرشل ] الذي كان مقيماً في أحد فنادق القاهرة ، وعرض عليه ظلامته ، فرسم تشرشل خريطة إمارة شرق الأردن على الورق وهو مستلق على أريكته في الفندق ، وقرر تنصيب الأمير عبدالله أميراً عليها ، والتي سميت فيما بعد مملكة [ شرق الأردن ] ووصلها بالعراق الذي تسيطر عليه بريطانيا ، بهذه الصيغة المسرحية ولدت المملكة الأردنية الهاشمية ، وأسندت لها مهمات تكميلية لمهمات مملكة بني سعود ، مع مهمات اضافية لمصلحة إسرائيل .
.
…………..رجال الدين الذين أخرجوا الدين عن غاياته .
انطلاقاً من قول الحقيقة وخدمة لكل القيم الدينية وحتى للدين نقول : إن جميع الأديان السماوية والوضعية ، حتى وجميع الفلسفات الإنسانية ، يجب أن تدعي للأخلاق ، لمحبة الآخر أي آخر ، وأن تحث على الصدق والاستقامة ، والعمل على رفع شأن الإنسانية من مشارق الأرض ومغاربها ، [ وفق دستور أخلاقي أسمى ] هدفه الارتقاء نحو الفضيلة السامية ، وكل رجل دين شيخاً كان أو كاهناً ، أو منظراً سياسياً ، أو فكرياً ، لا يدعو إلى هذه القيم الانسانية النبيلة ، هو خارج عن الدين ، والأخلاق ، والأسس التي يجب أن تبنى عليها الإنسانية ، فالرسول العربي محمد قال : [ جئت لأتمم مكارم الأخلاق ] ، والمسيح الآرامي قال : [ الدين محبة ] ، وماركس قال [ لكل حسب حاجته ] .
.
لكن الكثيرين من رجال الدين حادوا عن غايات الدين ، وعبر القرون وهم يحاولن ويعملون بجد محموم ونشاط قصدي ، بسرقة عقول الأغبياء من واقعها ، وتعليبها واغلاقها بإحكام على فكر وثقافة ما قيل قبل عشرة قرون ونيف ، وتنويمهم مغناطيسياً على حالة من التسليم والقدرية ، ودفعهم لمحاربة العقل والعقلاء ، ولم يكتفوا بهذا بل نشروا المذهبية وحملوها كل أشكال التكفير .
فمنذ أن قُطع لسان ( غيلان الدمشقي ) في عهد الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز ، من قبل من صار خليفة بعده ، ومنذ أن قَتل وحارب ( الخليفة المتوكل ) المعتزلة وحرق كُتبهم ، وجميع الخلفاء الأمويين والعباسيين والمماليك والعثمانيين ، وبحسب كتب التاريخ جميعهم أو أغلبهم خرجوا عن تعاليم الدين ، وكان دأبهم قتل المعارض سياسياً أو مذهبياً ، ومع ذلك يترافق ذكرهم مع عبارة ( رضي الله عنه وأرضاهم ) .
لذلك كان على كل عاقل أن يعتبر : أن أي شيخ ، أوكاهن ، أو فقيه ، أو مثقف ، مهما بلغ علمه وحلمه ، لا يدعو إلى الأخلاق ومحبة الآخر هو تحريفي ، ومغرض ، وكاذب ، وضليل ، ويعمل على تدمير الانسانية ، لأنه حاد عن غايات الدين والفلسفات والعقائد النبيلة .
من هذه السقطات الدينية التحريفية ، وطلاق القيم الأخلاقية ، تمكن الغرب من استخدام رجال الدين ، كمعاول لهدم المجتمعات التي يعيشون فيها ، من خلال تعليب العقول ومصادرتها ، والغاء دورها في الابداع والاكتشاف ، ، وحرفها عن وظيفتها ، واشاعة روح الاستسلام والتواكل ، من خلال أحاديث كاذبة وملفقة ك [ خيره وشره من الله ] و [ الرزق مقسوم ] و [ حديث الفرقة الناجية ] .
.
ومما يجدر قوله ونحن في معرض مناقشة الفكر الديني ، يحق لنا أن نناقش أقوال ومواقف شيخ الاسلام الغزالي الكبير ، لأنه غير معصوم ، وآراؤه قابلة للصح والخطأ ، لذلك يجب أن نعتبر أن محاربته لجميع الفلسفات والأفكار العقلانية ، كان على غير صواب ، ودليلنا كتابه [ تهافت الفلسفة ] وحرق تلاميذه كتب ابن رشد فيما بعد وبخاصة كتابه [ تهافت التهافت ] رداً على كتاب الغزالي ، وعنفوه وضيقوا عليه حياته ، ثم أيدهم في ذلك المؤرخ ابن خلدون ، رغم ريادته في اكتشاف [ المادية التاريخية ] ، ولكنه أدان وعارض استخدام الحوار العقلاني في مناقشة الأفكار الدينية لأن ذلك يقود إلى الشك !! ، وصولاً إلى فقه الشيخ ابن تيمية الذي اعتبر ملاذاً وسنداً لفكر محمد بن عبد الوهاب ، والفكر الإخونجي لسيد قطب ، الذين حاربا العقل والعقلاء ، وأنتجا مذهباً اسلامياً مسخاً ، كفر جميع المذاهب الأخرى ، وبات [ الفقه المعتمد عند جميع الحركات الارهابية المتوحشة والقاتلة ، من القاعدة وداعش وما بينهما ] والتي ساهمت بتدمير بلاد المسلمين حجراً وبشراً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
……………….ممــــــــــــــا تقــــــــــــــدم
يجب أن نؤكد على أن التضامن العربي مع الملوك العملاء ، بات كمن يدخل أفعى إلى بيته ، وأن لا تقدم ، ولا حرية ، ولا استقرار في المنطقة ، إلا بنسف تلك الممالك . وسينسفون لأن حماتهم سيتخلون عنهم ، بعد عجزهم وفشلهم المخزي في انجاز المهمة الكبرى ، في سحق سورية ، وحلفائها ، وأصدقائها .
أما رجال الدين فلن يرضى عاقل بعد الآن دعواتهم للقتل والتكفير ، لذلك كان عليهم العودة إلى معابدهم ، للاهتمام بتأدية الأركان الخمسة ، التي يجب أن تهدف إلى محبة الاخر أي آخر من مغارب الأرض ومشارقها .